تبادل الأسرى.. أمل لليمن

12:48 مساء
قراءة دقيقتين

بدأت أمس أولى عمليات تبادل الأسرى بين الشرعية اليمنية وجماعة الحوثي، في خطوة تشكل بادرة أمل في حلحلة أكبر أزمة يواجهها اليمن في تاريخه الحديث، بعد الانقلاب الذي نفذه الحوثيون في سبتمبر/ أيلول 2014، والذي ترتب عليه نشوب حرب أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وجرح مئات الألوف، ودفع اليمن من وراء ذلك الكثير، خاصة في تهجير الناس من مناطقهم واتساع مساحة الفقر، وهي مظاهر ترافقت مع انهيار كلي للاقتصاد المتواضع أصلاً.

تعد عملية تبادل الأسرى الأكبر منذ 2014، وجاءت بعد مفاوضات شاقة، رعتها الأمم المتحدة، وتعتبر إنجازاً شخصياً يحسب لمبعوثها مارتن جريفيث، الذي تسلم مهامه عام 2018، خلفاً للمبعوث السابق، الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، الذي واجه الكثير من الصعوبات في إحداث اختراق في ملف الأسرى، فضلاً عن تسجيل تقدم جوهري في الملف السياسي.

يأمل اليمنيون أن تكون عملية تبادل الأسرى، نقطة تحول في مسار الصراع، منذ اندلاعه في مارس من عام 2015، وأن تراكم الثقة بين الأطراف المتقاتلة، لتكون مدخلاً لحوار حقيقي ينهي المأساة التي تهيمن على كل مفاصل الحياة في البلاد، وأن تشكل خطوة لإزالة التمترس الذي يقف خلفه كل طرف، والاهتداء إلى طريق يفتح نوافذ الأمل لاستئناف مفاوضات السلام بروح صادقة وبعيدة عن الحسابات الضيقة، مراعية مصالح اليمن، الذي يزداد انقساماً مع استمرار الحرب.

وعلى الرغم من أن الرقم الذي توافق عليه الطرفان في عملية تبادل الأسرى لا يزيد على 10% من إجمالي من يقع تحت سيطرتهما، وغياب قادة كبار عن الدفعة الأولى، والذين ما زالوا يقبعون في سجون الحوثيين، من بينهم وزير الدفاع محمود الصبيحي، إضافة إلى قادة أمنيين وسياسيين آخرين، إلا أن نجاح الخطوة الأولى من عملية تبادل الأسرى، سيشجع على تنفيذ تفاهمات أخرى تساهم في إنجاز هذا الملف الإنساني، خاصة أن كثيراً من المحتجزين هنا أو هناك، لم تكن لهم علاقة مباشرة بالحرب، بل هم عبارة عن نشطاء سياسيين وإعلاميين، جرى اعتقالهم وإيداعهم السجون بتهم مختلفة.

إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن اليمنيين سيطوون فصلاً من فصول المأساة التي يعيشون تداعياتها، التي تنعكس على كل بيت، وتطرح أسئلة عن القدرة على تجاوز الآلام التي خلفتها الحرب والبدء في كتابة صفحة جديدة في تاريخهم بعيداً عن لغة الدم والبارود، وأن تميل الكفة لصالح اليمن وأمنه واستقراره ووحدته وإعادة المكانة التي كان عليها وطنهم قبل أن تحل عليه الكارثة، ليس فقط من سبتمبر/ أيلول 2014، بل منذ بدء الاحتجاجات التي عمت البلدان العربية في موجة ما عرف ب«الربيع العربي»، اتضح لاحقاً أنها كانت مخططاً ممنهجاً لتخريب وتدمير لا لبناء وإصلاح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"