غاية تعليم اللغة

01:08 صباحا
قراءة دقيقتين

عبد اللطيف الزبيدي

ما هو أهم شيء في تعليم العربية؟ القلم يدرك لو أن مناهج العرب طرحت هذا السؤال على واضعي المقرر قبل خمسين أو ستين سنة، لكانت الحال غير الحال والمآل غير المآل.
من السذاجة، تلك التي أعيت من يداويها، القول إن غاية تعليم العربية هي أن يكتب العرب لغتهم من دون أخطاء، وأن يتكلموها من دون لحن. يا للمصيبة إذا كان هذا هو المراد والمرام. عندئذ على كل مدرسة أن تمسي خنساء تجود عيناها ولا تجمدان، فاليوم لأي أن يتحدى: هل في أمة العرب واحد في الألف يسطر لغة سليمة؟ هل في عشرة الآلاف فرد يرتجلها من دون أن يركل نحوها وصرفها، ويكسو الكلمات غير معانيها؟ القضية واضحة: على هذا النحو تكون المناهج العربية فاشلة فشلاً ذريعاً فجيعاً فظيعاً.
هنا الزاوية الحادة. أليس على حكماء العلوم التربوية أن يسألوا أنظمة التعليم: لنأخذ القرن العشرين فصاعداً فقط، طوال هذه العقود والأجيال تدرس لغتها الأم ست عشرة سنة، وهذه هي النتائج، فهل ستأتون ببراهين على تردي نوعية الخلايا العصبية في الأدمغة؟ 
انتبهوا جيداً أيها الأفاضل، نحن لم نذهب إلى أكثر من الحد الأدنى من المطلوب، وهو أن تنفق الشعوب ميزانيات طائلة في سبيل أن يتخرج الجامعيون وهم قادرون على الجمع  في الحلال  بين فعل وفاعل ومفعول. بئس الطالب والمطلوب. بماذا تتهمون الطالب الذي يقضي ستة عشر عاماً في تعلّم لغته، في الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعة، ثم لا يحسن كتابتها ولا ارتجالها؟
هل ذكرنا الفواجع، فأثرنا المواجع؟ تلك سبقت في أعمدة على مر السنين، باتت أسطوانة مشروخة تهذي بأن المناهج العربية تهمل في مقرر العربية أهم شيء، ألا وهو الإحساس بجمال اللغة. جماليات العربية هي التي تجعل الطالب يقع في غرام حسناء هويته من أول نظرة، تلك يسميها الفرنسيون: ضربة الصاعقة. 
هي ذي حال الإملاق اللغوي، مثلما وصلت بلدان في قمة الثراء، شأن العراق وليبيا، إلى فقدان الماء والغذاء والدواء والكهرباء. أفهل يجوز لعاقل الحديث عن الإحساس بجمال اللغة الذي أدنى مرتبة فيه هي معرفة أسرار العربية؟
لزوم ما يلزم: النتيجة التراجيدية: الهوية هي حامية اللغة، اليوم العالم العربي يفقد هويته قبل فقدان لغته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"