التطرف.. حاضنة للإرهاب

23:22 مساء
قراءة دقيقتين

سلطان حميد الجسمي

مع انتشار ما سمي بالعولمة منذ عقود، أصبح العالم في مجتمعات عدة أكثر تشابهاً في العادات، والتقاليد، والمبادئ، والثقافة، بنمط المجتمع الأمريكي، سواء في الحياة الاجتماعية، أو الثقافية، أو غيرها. فالإنسان في أوروبا، وكثير من مجتمعات دول العالم، أصبح مهووساً، ولحد كبير، بنمط حياة المجتمع الأمريكي، إلا أن هذه العولمة اختلفت في ما يتعلق بالتعامل مع الأديان بسبب عوامل كثيرة، أهمها تغير بعض المفاهيم السلوكية للأفراد، حتى أصبح التناقض والازدواجية سمة بارزة للتعاطي مع اختلاف الرأي في بعض تلك المجتمعات، وخرج مفهوم الحرية عن إطاره الإنساني، ليصبح مطية للتعدي على الآخرين، والنيل من معتقداتهم، ونشر خطاب الكراهية، والتطرف.

 الدول المتقدمة والمنظمات الدولية تحارب خطاب الكراهية، سواء بالقوانين الصارمة، أو خلق الوعي المجتمعي، لأهمية محاربة جميع أنواع أشكال الكراهية، والخطاب الديني المتطرف بشتى الطرق المتعارف عليها دولياً، من أجل تعزيز السلم، والاستقرار، سواء كانت صادرة عن الأفراد، أو المنظمات، أو حتى عن بعض قادة الدول، الذين وجب عليهم احترام أديان مجتمعاتهم، وعدم إرسال رسائل مباشرة من شأنها تأجيج المشاعر وتوليد الكره بين أفراد المجتمع، بسكب وقود السياسة على المجتمع المدني المسالم لإشعال الفتنة من جديد، وخلق الإرهاب، والإرهاب المضاد، كما حدث في الجريمة الإرهابية التي طالت الأستاذ الفرنسي.

 لقد بات معلوماً، ومن خلال ما يجري على أكثر من ساحة، ومنها ساحاتنا العربية، أن التطرف يشكل حاضنة طبيعية للإرهاب، ومن رحمه تولد كل التنظيمات الإرهابية التي تمارس القتل، والتدمير، والأحزاب اليمينية الشعبوية التي تنفخ في نار العنصرية، والتمييز، وكراهية الآخر، وتطلق العنان ل«الإسلاموفوبيا»، بما هو تحريض مباشر على المسلمين كافة، رغم أن الدين الإسلامي بريء من كل ما تمارسه التنظيمات الإرهابية باسمه.

 إن مواجهة الحقد بالحقد، والكراهية بالكراهية، والإرهاب بالإرهاب، يعني تحويل العالم إلى حقول من الدم، والفتن، والحروب، ما يتعارض بالمطلق مع القيم والتعاليم الإسلامية، ومع كل الأديان الأخرى في العالم، ومع كل القوانين الوضعية .

 إن التطرف الذي يولد الإرهاب ليس حكراً على دين، أو طائفة، أو حزب، أو دولة، بل هو منتج لا إنساني خارج عن المنطق الإنساني، والديني.

 في سنة 2015 أصدرت حكومة دولة الإمارات قانون مكافحة التمييز والكراهية الذي يجرم كل أنواع خطابات الكراهية، ويكافح أشكال التمييز، ويجرم القانون الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان، ومقدساتها، ورموزها، وهذا ما يجعل دولة الإمارات العربية المتحدة مجتمعاً آمناً محباً، ومتقبلاً للآخرين، من دون المساس، أو الإساءة لمعتقدات الغير، فدولة الإمارات نموذج للتعايش، والسلام، والتسامح، والخير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"