عادي

«كوفيدـ19» يعيد صياغة معايير مزودي خدمات الشحن والنقل

21:30 مساء
قراءة 6 دقائق
كوفيد ـ 19

دبي: فاروق فياض

غيرت جائحة «كوفيد-19» النمط التقليدي لدى مزودي الخدمات اللوجستية والشحن والنقل على المستوى العالمي، في ظل القيود المفروضة على حركة التجارة عالمياً، والتخليص الجمركي، والتي دفعت الى تعزيز القنوات الرقمية في تخليص المعاملات جمركياً وحتى القيام بحركات الشحن والنقل من بلد المنشأ إلى المستهلك النهائي، كذلك إلى زيادة حركة الطلب على خيارات الشحن الجوي على حساب البحري كسرعة استجابة للطلب المتنامي على المنتجات الصحية، والمعقمات، والأدوات الطبية المتخصصة بانتشار «الجائحة».

أكد خبراء في قطاع الشحن اللوجستيات أن عادات المستهلكين والعملاء قد تغيرت بشكل جذري، اعتماداً على الخيارات والقنوات الرقمية في التسوق، والشراء، ما يعزز من منظومة الشحن الذكي على حساب التقليدي منه، كذلك إلى صياغة أولويات مستجدة للعملاء ومزودي الخدمات على حساب الأنماط الاستهلاكية غير الأساسية، فباتت اليوم المستلزمات الضرورية الصحية والمعقمات؛ جزءاً رئيسياً من الاحتياجات اليومية لسكان المنزل الواحد على حساب «الكماليات» التي قد يستغني عنها العميل في حياته اليومية.

الصورة
تحقيق

وفي هذا السياق، قال طارق هنيدي، نائب رئيس عمليات منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في شركة «فيديكس إكسبريس»: أسهمت التغيرات في سلوك المستهلكين أثناء الجائحة وتفضيلهم للتسوق عبر الإنترنت بدلاً من زيارة المتاجر فعلياً، في نمو قطاع التجارة الإلكترونية، وارتقائه إلى آفاق جديدة.

ووفقاً لتقرير شركة نيلسن لأبحاث السوق، الذي نشر في مايو/ أيار من العام 2020 فإن المستهلكين في الإمارات تسوقوا أقل في محال السوبر ماركت خلال فترة تفشي الجائحة، بنسبة 64%، وفي حين أن التجارة الإلكترونية أتاحت الفرصة أمام الشركات الصغيرة للوصول إلى مستهلكين، وأسواق جديدة، ساهمت أزمة كوفيد-19 في تسريع وتيرة التواصل عبر الإنترنت بالنسبة للمستهلك، والبائع، على حد سواء.

وأضاف هنيدي، يشكل الشحن الجوي في وقتنا الحالي شريان الحياة بالنسبة للحكومات والاقتصادات خلال فترة الإغلاق الذي تم فرضه في جميع أنحاء العالم منذ تفشي جائحة «كوفيد-19»، وحرص قطاع الشحن الجوي في تلك الفترة على ضمان حصول الناس على مستلزماتهم الضرورية، مثل حزم الإغاثة في حالات الطوارئ، والمواد الأساسية مثل اللقاحات ومعدات الفحص الطبي والمستحضرات الدوائية، من خلال تعديل مسارات الطيران ورفع الطاقة الاستيعابية لرحلات الشحن من أجل تلبية ودعم الطلب المتزايد.

ومع استئناف الرحلات الجوية للركاب وإعادة فتح الأنشطة الاقتصادية بعد الإغلاق، نشهد حالياً ظهور توجهات اقتصادية جديدة جراء أزمة كوفيد-19؛ وأسهمت هذه التوجهات في إحداث تأثير إيجابي في قطاع الشحن الجوي وبيئة الأعمال بشكل عام، ونتوقع لها أن تستمر حتى فترة طويلة.

طلب متنام

ستزداد الحاجة إلى المزيد من خدمات الشحن الجوي لتلبية المتطلبات المتنامية، لا سيما مع ارتفاع عدد الشركات التي بدأت بتأسيس حضور إلكتروني لها، إما للحفاظ على العملاء الحاليين، أو لتحقيق أقصى استفادة من هذا التوجه المزدهر، والفوز بأعمال جديدة. 

وفي السياق نفسه، ومنذ انتهاء فترة الإغلاق في العديد من الدول واستعداد الناس للإنفاق من جديد، يشهد إنتاج وتصنيع المنتجات ارتفاعاً، ما يوفر أمام قطاع الشحن الجوي مزيداً من الفرص التجارية، والنمو.

وكان الشحن الجوي في السابق ينقل بضائع بقيمة أكثر من 6,4 تريليون دولار والتي تمثل ما يقرب من 35% من التجارة العالمية. واليوم، ساهمت قدرة الشحن الجوي في الحفاظ على استمرارية حركة التجارة، حتى أثناء حظر التجول والإغلاق، برفع قيمته في دعم انتعاش سلاسل التوريد وقطاع النقل الجوي.

تحول جذري

من جهته، قال برافين ساشي، مدير أول لتكنولوجيا المعلومات والخدمات اللوجستية في «دي إتش إل- إكسبرس»، بدولة الإمارات العربية المتحدة: إن قادة تكنولوجيا المعلومات بحاجة إلى الاستعداد المستمر للتعامل مع أي تحديات مستقبلية. لا يمكننا التنبؤ بأزمة ما؛ ولكن إذا واصلنا التركيز على أولويات العمل ومتطلبات العملاء، سوف نكون مستعدين لقيادة التغيير. ونشهد تحولات جذرية على صعيد سلوك العملاء والنماذج التشغيلية إلى القنوات الرقمية، الأمر الذي يدفع المنظمات إلى إعادة التفكير في العمليات التقليدية وتبني الحلول الرقمية لدعم العملاء واستيفاء متطلباتهم.

وأضاف ساشي، نحن في «دي إتش إل» نوظف حلول تقنية المعلومات لتسهيل آليات أداء الأعمال، سواء من خلال تمكين الموظفين والعملاء من الاتصال عن بُعد، أو الوصول إلى المعلومات والخدمات وفقاً لاحتياجات الأعمال ضمن بيئات مختلفة. ومن أجل المواصلة على هذا الزخم التقني عبر كل المؤسسة في أعقاب جائحة «كوفيد-19»، وما تفرضه من تحديات غير مسبوقة؛ كان علينا أن نبادر باتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل الجيد مع هذه التغيرات المتسارعة عبر مختلف المجالات، مثل الاتصال، والأمن، والتعاون، وإدارة تكنولوجيا المعلومات. والتعامل الجيد مع الجائحة يتطلب مهارة في التعامل مع التغييرات وإدارتها، بدلاً من تحديها.

خيارات رقمية

تتجسد رؤيتنا في تطوير عمليات معيارية لأداء الأعمال عبر كل قطاعات نشاط الشركة التي تدعمها محفظة تطبيقات عالمية مُحسّنة تتم استضافتها وإدارتها مركزياً، الأمر الذي ساهم في تعزيز الكفاءة وسرعة تنفيذ الأعمال. وإضافة إلى ذلك، يمكن توظيف إمكانات وتغييرات جديدة في مجال تكنولوجيا المعلومات، ونشرها عبر المؤسسة، أو توسيع نطاقها بسرعة، في ظل حرصنا على الاستجابة لمتطلبات العمل والعملاء، أو التعامل مع التحديات ذات الصلة، وخير مثال هو الوضع الذي فرضته جائحة «كورونا».

وأوضح ساشي، أنه وبفضل تلك المعايير والبني التقنية المتطورة استطعنا، خلال وقت قياسي، من التحول كلياً إلى نظام التوصيل من دون تماس، وتوفير خيارات الدفع الرقمي وإتمام المعاملات من دون مستندات ورقية للحد من التقارب بين الأشخاص. كما أننا نتبع أعلى المعايير العالمية على صعيد تنظيم تكنولوجيا المعلومات، ويدير الفريق العالمي خدمات تكنولوجيا المعلومات المركزية، بينما يركز فريق تكنولوجيا المعلومات في كل دولة على الأعمال المحلية والعملاء، وهي المقاربة التي أتاحت لنا مساحة كبيرة من المرونة في تكنولوجيا المعلومات، ومكنتنا في الوقت نفسه من الاستجابة بسرعة للتحولات الهائلة في عمل الموظف، وأنماط سلوك العملاء لدفع الابتكار في الخطوط الأمامية للتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد. وعلى سبيل المثال، أطلقنا مؤخراً منصة للتجارة الإلكترونية تدعم تقنية «بلوك تشين» بالشراكة مع جمارك دبي لتبسيط عملية التخليص الجمركي للاستيراد والتصدير، ومساعدة قاعدة عملاء التجارة الإلكترونية المتنامية لدينا. وبالتالي، فقد تمكنا أيضاً من تحويل تركيزنا بنجاح من مجرد التعامل مع الأزمة إلى تجاوزها.

دمج الخدمات

قال برافين ساشي، قطعنا أشواطاً طويلة على صعيد دمج الرقمنة في منتجاتنا وخدماتنا الأساسية على مدار السنوات الماضية، ما ساعدنا على إدارة أعمالنا بشكل احترافي في أعقاب جائحة كوفيد-19. فعلى سبيل المثال، مكنت حلولنا الخاصة بالتعامل مع العملاء، إضافة إلى الواجهات المبسطة التي نوفرها لهم عبر جميع القنوات بكل يسر؛ وتحليلات البيانات، على تحسين عمليات التسليم، في حين ساعدت أتمتة العمليات على تقليل الوقت والجهد لدى العملاء، فضلاً عن مساعدة موظفينا على أن يصبحوا أكثر إنتاجية وثقة بعملهم. 

واستطرد برافين ساشي، لا تزال هناك العديد من الفرص غير المستغلة لتحقيق الاستفادة القصوى من الرقمنة، لا سيما الاستفادة من تقنيات العصر الجديد مثل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والبلوك تشين، وغيرها لدعم موظفينا، وتمكينهم من المواصلة على الزخم نفسه، وفقاً لتقديم أعلى مستوى من الخدمة لعملائنا وفقاً لأرقى المعايير. ومن خلال استراتيجيتنا الجديدة لعام 2025، سوف يتم تطبيق الرقمنة على نطاق واسع، مدعوماً بترسيخ التميز في العالم الرقمي.

استراتيجية

أكد برافين ساشي، أنه وفي ظل التغيرات المتسارعة التي تحيط بنا، أعتقد أننا في أمسّ الحاجة إلى مزيد من تحسين العمليات التجارية، وتحسين تجربة الموظفين والعملاء من خلال إنشاء قدرات وقنوات رقمية جديدة. وقد قدمت جائحة كوفيد-19 درساً نتعلم منه، لا سيما في ما يتعلق بالاستثمار في التقنيات الصحيحة والتركيز على أولويات الأعمال، وإن تبني استراتيجية متوازنة من شأنه أن يساعد الشركات على التكيف، وكذلك التعامل بشكل استباقي مع ظروف السوق المختلفة. نتيجة لذلك، سوف يكون لتكنولوجيا المعلومات دور أكبر عما هو مألوف لدعم عملية التحول الرقمي والابتكار بدلاً من كونها شريكاً في نماذج الأعمال.

توجهات جديدة

مهدت أزمة كوفيد-19 الطريق أمام ظهور توجهات جديدة وتطوير الشركات إمكانات وقدرات جديدة للانتعاش، فمن المهم أن يدرك قطاع الشحن الجوي الدروس المستفادة من الجائحة لدعم الاقتصادات بشكل أفضل. ومرة تلو الأخرى، سلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على ضرورة تطبيق سبل جديدة ومبتكرة للتحرك والاستجابة السريعة في المواقف المتغيرة، كما عززت الجائحة من أهمية التخطيط والإعداد لإدارة الأعمال بسلاسة في حال حدوث أزمة أخرى. واستعداداً للمستقبل، من المهم أن تستمر الحكومات ومزودو الشحن الجوي في التواصل والحوار بشأن دعم وتعزيز قطاع الشحن الجوي، ويمكن لقطاع الشحن الجوي المساهمة بشكل أكبر في تطوير الاقتصاد، في حال توفر البنية التحتية المناسبة والقوى العاملة الماهرة والدعم المالي الكافي. ولا شك في أن قطاع النقل الجوي يمر حالياً بأوقات عصيبة للغاية، ومع ذلك، فإن التوجهات الجديدة والدروس التي نتعلمها من الظروف الحالية ستساهم في تعزيز الشحن الجوي على المدى البعيد، وبما أن قطاع الشحن الجوي يسهم في تسهيل حركة تجارة دولية متواصلة، فقد تطور ليصبح عاملاً مهماً لانتعاش الاقتصادات في جميع أنحاء العالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"