الحالة العربية في لقاء أبو الغيط

00:48 صباحا
قراءة 3 دقائق

عاطف الغمري

كانت الحالة العربية، ركناً لافتاً للانتباه في اللقاء مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، الذي عقد بإحدى القاعات الكبرى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وحضرته نخبة من المهتمين بالسياسة الخارجية، دافعهم الرغبة في سماع شهادة أبو الغيط، وهو يعرضها بمناسبة صدور النسخة الإنجليزية من كتابه «شهادتي».

 طاف بنا أبو الغيط في أجواء المنطقة، وعلاقاتها بالجوار الإقليمي، وبالعالم الخارجي، وكان يستخرج لمحات من ذكرياته أثناء عمله سفيراً في الأمم المتحدة، ووزير الخارجية المصرية، ثم أميناً عاماً للجامعة العربية.

 صحيح أنه أبحر بنا في فصول كتابه، بمصر وعلاقتها بالإقليم، وبالعالم، وبالدول العربية، وهو يعرض الفصول الثمانية للكتاب، التي شملت معلوماته عن أمريكا، والأمم المتحدة، والقارة الإفريقية، ودول الجوار، خاصة تركيا وإيران، والصين، وروسيا، وبقية دول العالم، ثم فلسطين، وصولاً إلى الفصل الأخير عن ال 45 يوماً الأخيرة من حكم مبارك.

 وجاءت تجربته في الجامعة العربية، وملامسته المباشرة للحالة العربية، ليستوقفني فيها ما سلطه من أضواء كاشفة على الحالة العربية الراهنة.

وتوقف في تشخيصه للحالة، أمام تلك المؤامرة المحبوكة الخيوط، التي جرى الاعتراف بخفاياها من مؤسسات ومؤلفات وصحف أمريكية– عن خطط تغيير الأنظمة والتي وضعت في عام 2001، وبدأ التنفيذ العملي لها على يد أوباما في عام 2010. وهي التي استهدفت المنطقة، بوسائل الفوضى الخلاقة، وتجهيز عملاء بالوكالة لمخابرات هذه الدول. وهنا تحدث أبو الغيط بلغة قاطعة عن «الربيع العربي»، كما وصفوه عندهم– بأنه الخريف العربي، الذي عمل على تدمير سوريا، والعراق، واليمن، وصولاً إلى ليبيا.

 ثم يذكر دولاً عربية سقطت، وجرى إضعاف غيرها، وأن ذلك قد زاد من الأطماع الإقليمية في دول منطقتنا، وهو ما يرجع إلى وصفه للعلاقات العربية بأنها ليست في أحسن حالاتها. وإن الجامعة العربية ذاتها ليست في أحسن الحالات، وأن ذلك يأتي نتيجة مباشرة لما جرى في 2011، وخطط الخريف العربي.

 ويقول إن رؤيته لما جرى بالنسبة لمصالح جميع الدول العربية، تتحدد عندما يرصد حدوث توافق عربي وتحرك جماعي، أو حين يكون الوضع على العكس من ذلك ولا يكون التوافق مكتملاً.

 ويتطرق إلى مقولات البعض من أن الجامعة العربية صامتة، أو أن أداءها خافت، ويرجع ذلك إلى الحال داخل الجامعة العربية، وهنا يذكرنا بالظروف الصعبة التي تحد من قدرات الجامعة العربية على الفعل، وهي أمور ترجع إلى سنوات سابقة، منذ دب الانقسام الحاد بين المجموعة العربية، نتيجة غزو العراق للكويت عام 1990، الذي شكل مأساة عربية كبرى، وبعدها غزو أمريكا للعراق عام 2003.

 تضاف إلى هذه الأسباب التي عرقلت الدور المنشود للجامعة العربية، ضآلة ميزانيتها التي تبلغ 60 مليون دولار، وإن المدفوع في الميزانية الآن لا يتعدى 40% منها فقط، وإن عشر دول على الأقل لا تسدد أنصبتها في الميزانية. ثم يسأل: كيف تدير الجامعة العربية مهامها بهذه الإمكانيات المحدودة؟

ولعلي أضيف– وأنا أتابع شهادة الأمين العام– جانبين لهذه القضية، أولهما: إن من يتساءلون لماذا لا تتصرف الجامعة العربية تجاه أوضاع إقليمية أو دولية ينبغي أن يكون لها موقف منها، وأقول إن الجامعة العربية ليست حكومة، لها سلطات، وأدوات تنفيذية؛ بل هي مرآة للوضع العربي في مجمله، ولمواقف دولها التي يكون لبعضها توجهات، ليست على توافق مع مثل هذه القرارات.

 والثاني: إن هناك قوى دولية وإقليمية، لم يكن يريحها وجود نظام إقليمي عربي ممثلاً في جامعة الدول العربية، وجامعاً لدولها وشعوبها، لأن القوى الكبرى ترى في تكاتف وتكامل النظام الإقليمي العربي، حائط صد أمام سياساتها لتفتيت المنطقة، وتمزيق دولها من داخله.

على الناحية الأخرى تتجه دول في مناطق إقليمية، للتكامل في محيطها الإقليمي، وهو نمط للعلاقات بدأ يظهر من بعد نهاية الحرب الباردة عام 1989، وليس بعيداً عنا تجربة الحلقة الإنتاجية الآسيوية، وهي عبارة عن سلسلة متصلة من المواقع الإنتاجية، تمثل الصين موقع الصلة المركزية بين أعضائها، وتضم دولاً حليفة لأمريكا، كاليابان وكوريا الجنوبية، وغيرها، أي أن التكامل الإقليمي بين الدول الأقرب جواراً إلى بعضها، صار من ملامح عصرنا الحالي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"