عادي

زيمبابوي تنبش الأرض بحثاً عن انتعاش اقتصادي ذهبي

23:48 مساء
قراءة 3 دقائق
زيمبابوي


في وقت ترزح فيه تحت وطأة عقود من سوء إدارة الاقتصاد، تعتمد زيمبابوي على الذهب لجمع الإيرادات من أجل مواجهة تداعيات التضخم الهائل لديها والفساد، وقيود احتواء «كوفيد ـ 19».
وارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 30% هذا العام، متجاوزة قيمة قياسية بلغت ألفي دولار (1700 يورو) للأونصة في أغسطس/آب، في وقت تحوّل المعدن الثمين إلى ملاذ آمن للمستثمرين في ظل التقلبات الناجمة عن تفشي «كوفيد ـ 19».
ويمتلك البلد غير الساحلي الواقع في جنوب إفريقيا احتياطات ضخمة من الذهب، إضافة إلى معدن الكروم والألماس والبلاتين و40 معدناً آخر. وترى الحكومة في الذهب حلاً سحرياً ممكناً لاقتصاد، يتوقع أن ينكمش بنسبة عشرة في المئة هذا العام، وفق صندوق النقد الدولي.
وبحسب الأرقام الرسمية، فقد ازداد إنتاج الذهب في الأشهر الثمانية الأولى من 2020 بنسبة عشرة في المئة، مدفوعاً خصوصاً بإنتاج عمال المناجم على نطاق صغير.
وهناك خطط جارية لحصد 12 مليون دولار (10.2 مليار يورو) من التعدين بحلول عام 2023، خصوصاً من خلال الذهب. ويسهم القطاع حالياً بـ60% من صادرات زيمبابوي؛ إذ يجمع حوالي مليار دولار في العام، ويشكّل نصف الاستثمارات الخارجية المباشرة للبلد الإفريقي.
وقال وزير المالية متولي نكوبي في بيان سبق نشر الميزانية الشهر الماضي، إن «التعدين سيكون القطاع الرائد لاستدامة النمو المرتفع والمشترك».
ويتوقع أن يجلب الذهب أربعة مليارات دولار في العام للبلاد بحلول 2023، متبوعاً بالبلاتين (ثلاثة مليارات دولار)، على الرغم من أن الحكومة أعطت تفاصيل قليلة للغاية بشأن الكيفية التي يمكن من خلالها تحقيق هذه الزيادة الهائلة مقارنة بالأرقام الحالية.

ليس كل ما يلمع ذهباً

ويحذر الخبراء من أن الخطط الطموحة تواجه عقبات كبيرة. وأحدها هو أن عمال المناجم، وخصوصاً أولئك الذين يعملون على نطاق ضيق، غير راضين بالنظام الذي يتطلب منهم بيع ذهبهم للمشتري المملوك للدولة «فيدلتي برينترز أند ريفاينرز».
وبموجب اللوائح التي وضعها البنك المركزي في زيمبابوي، مالك «فيدلتي»، يتم دفع 55% كحد أقصى لعمال المناجم الصغار بالعملة الأجنبية، بينما يتم دفع 45% المتبقية بالدولار الزيمبابوي المعروف بضعفه في السوق.
وصرح الخبير الاقتصادي بيرسيستين غوانيانيا لفرانس برس، بأن «الأموال لا تصل إلى النظام الرسمي». وتعهدت الحكومة بوضع لوائح جديدة لوقف تدفق الذهب خارج البلاد بشكل غير قانوني. ومع ذلك، فإن التناقضات السياسية وتأخر المدفوعات لتسليم السبائك، يسببان إحباطاً لشركات التعدين الدولية القليلة العاملة في البلاد. ويخضع منتجو الذهب على نطاق واسع، لعتبة عملات أجنبية أكثر سخاء بنسبة 70% من عائدات مبيعاتهم.
لكن المحلل روبرت بيسلينج، رئيس شركة «إكس أفريكا لاستشارات مخاطر الأعمال»، يشدد على أن إعادة نمو الاقتصاد بفضل ارتفاع أسعار الذهب العالمية أمر «غير واقعي».
وصرح بيسلينج لفرانس برس بأن نمو قطاع التعدين «سيعيقه نقص النقد الأجنبي وضعف العملة الوطنية، فضلاً عن التضخم المفرط»، مرجحاً أن يفقد المستثمرون الاهتمام بسبب غياب الاستقرار الاقتصادي والسياسي. ويضيف: «الشركات تكافح لتأمين المدخلات، والقدرة التصديرية وصلت إلى حدودها بسبب ضعف البنية التحتية».
وأوقفت شركة التعدين العملاقة «ريو زيم»، أكبر منتج في البلاد، الإنتاج في يونيو/حزيران، بعد فشلها في تغطية نفقاتها التشغيلية.

الجريمة المنظمة

ومع ذلك وفي الوقت الحالي، لا يزال يتعين على الحكومة التعامل مع مسألة الذهب الذي يتم تهريبه إلى خارج البلاد. ويُعتقد أن عمال المناجم الحرفيين، الذين انضم كثير منهم إلى حمى الذهب هرباً من الفقر، هم مصدر كثير من الذهب المهرب.
والشهر الماضي، ضُبطت رئيسة اتحاد التعدين الحرفي والصغير الحجم في زيمبابوي ومعها ستة كيلوجرامات من الذهب تزيد قيمتها على 360 ألف دولار (305 آلاف يورو) في حقيبة يدها قبل ركوب طائرة متجهة إلى دبي.
وتواجه هنريتا رشوايا (53 عاماً) اتهامات بالتهريب حيث اتهمها الادعاء بأنها جزء من مجموعة أوسع.
وقال المدعي جارودزو سيادوما خلال جلسة استماع في المحكمة الأسبوع الماضي: «هذا مثال كلاسيكي للجريمة المنظمة بسبب الطريقة التي تم من خلالها تنفيذ الجريمة».
وتم القبض على ستة أشخاص آخرين في إطار القضية ذاتها. ويُشتبه في أن أحدهم، وهو ضابط استخبارات في المطار، ذكر زوجة الرئيس إيمرسون منانجاجوا ونجله، بصفتهما مالكي البضائع المهربة.
واتهمه المدعون والمسؤولون الحكوميون بالإعلان عن أسماء عامة، بهدف تضليل المحققين والتهرب من العدالة. ويُشتبه في أن الفضيحة ليست سوى غيض من فيض لتهريب الذهب الذي أدى إلى تحويل مئات الملايين من الدولارات إلى خارج البلاد.
وقدّر وزير الشؤون الداخلية كازيمبي كازيمبي مؤخراً أن زيمبابوي تخسر نحو 1.2 مليار دولار سنوياً جراء تجارة الذهب غير المشروعة. (أ ف ب)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"