كنز المعرفة

23:57 مساء
قراءة دقيقتين

د. نورة صابر المزروعي

عندما كان سيد الخلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتأمل الكون وأسراره بغار حراء، نزل عليه الوحي جبريل عليه السلام لينقل رسالة السماء إلى الأرض في سورة العلق (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، وبها يأمر جبريل النبي الكريم بتلاوة ما سيلقيه عليه. فأجابه النبي بقوله (ما أنا بقارئ) أي لا أعرف القراءة، فكان أول وحي من السماء «القراءة» وإن دلّ ذلك على شيء فإنّما يدل على مكانة القراءة. 
اهتم الإسلام بالعلم وجعله نقطة الانطلاق نحو التنمية البشرية وتطورها، وقد احتل مكانة عظيمة في الأحاديث النبوية، ومن ذلك قوله: (تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ؛ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ تَعَالَى خَشْيَةٌ، وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ، وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ، وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ، وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ صَدَقَةٌ، وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ) كما قال عليه الصلاة السلام: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» وهذا تأكيد لما جاء به القرآن الكريم الذي رفع من مكانة العلم درجات ودرجات. إن الانشغال بالعلم يعد من أفضل الأعمال في الإسلام، لذا، فقد أدرك الصحابة قيمة العلم وانشغلوا بتدبير ما يأتيهم من وحي السماء، وعند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، بكى صحابته على غياب الوحي الذي يدل على توقف نهر العلم من السماء، فانشغل الكثير منهم بالعلم والسفر من أجل الارتقاء بالمعرفة. 
تؤكد الدراسات على أهمية القراءة وتأثيرها في شخصية القارئ، كما أن الشخص المحب للقراءة بشكل دائم، يكتسب أبعاداً فكرية تجعله مميزاً عن الآخرين في نوعية فكره وطريقة طرحه للقضايا وتحليلها، فالقراءة تمكن الفرد من التعاطي مع جديد الفكر، كما تمنحه قدرة على استيعاب ما لدى الآخر وتحليله، والقراء الذين يميلون إلى قراءة أدب الخيال كالروايات والقصص، إنما يسافرون مع الكتب، ويجولون بين مختلف الثقافات والشعوب، كما يتعرفون الى الأماكن والشخصيات، والمعالم الحضارية ويكتسبون معرفة جديدة قلما يعثر عليها المرء من دون نعمة القراءة.
أثبتت الدراسات أن هناك صلة وثيقة بين القراءة المستمرة وتنمية القدرات الإبداعية، وكذلك محاربة الأمراض كمرض فقدان الذاكرة «الزهايمر» حيث تقوي القراءة الذاكرة، وتحارب تلف خلايا الدماغ. 
إن كنز المعرفة الذي يحويه معرض الشارقة الدولي للكتاب، يشكل فرصة يجب أن نغتنمها جميعاً، فرصة توثق علاقتنا بالكتاب، الكتاب الذي يوسع مداركنا ويمنحنا طاقة خلاقة على الابتكار والتجديد والإبداع.
Almazrouei2013gmail.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

حصلت د.نورة على الدكتوراه في الدراسات الخليجية من معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة .وماجستر في دراسات شرق أوسيطية بجامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية. ودبلوم خبيرة التسامح الدولي من كلية محمد بن راشد. ومن إصدارات الدكتورة: كتاب بعنوان "العلاقات بين الإمارات والسعودية"؛ حاز هذا الكتاب على جائزة العويس للإبداع في 19 أبريل 2017 عن فئة أفضل كتاب نشرته مؤلفة إماراتية. تعمل في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية وجامعة زايد وجامعة أبوظبي. لها العديد من المنشورات، كتاباتها تنحصر حول الفنون والثقافة. تعمل حاليًا على كتاب بعنوان "تأثير الموسيقى في حياتنا".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"