رضا أوروبي.. قلق روسي

22:32 مساء
الصورة
صحيفة الخليج


د. حسن مدن

لا يمكن عدم ملاحظة الارتياح الأوروبي بعد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات الأمريكية بفوز جو بايدن. بدا ذلك واضحاً، بشكل خاص، في كل من برلين وباريس، عاصمتي الدولتين الأهم في الاتحاد الأوروبي، حتى لتكاد تشعر أن غالبية دول الاتحاد الأوروبي تنفست الصعداء، حيث ينتاب قادة هذه الدول شعور أنه صار بوسعهم إيجاد لغة تفاهم مع بايدن أفضل بكثير مما كانت عليه الحال مع ترامب، الذي أعطى أهمية لشعار: «أمريكا أولاً»، حتى لو كان ذلك على حساب الحلفاء الأقرب لها في «الناتو».
المرجح أن بايدن سيظل، مثل ترامب، يطالبهم بزيادة حصتهم في الإنفاق العسكري، وتذكيرهم بوعدهم تجاه حلف «الناتو» بضمان 2% من الناتج القومي المحلي للجيش، وربما يتأخر التفات بايدن للشؤون الخارجية بعض الشيء، حيث سيكون الشأن الداخلي هو الملف الأهم الذي عليه التصدي له، في حال أعلن فوزه رسمياً، خاصة أمام تفشي وباء «كورونا»، والزيادة المهولة في عدد الإصابات.
لكن بايدن وعد، بالمقابل، بإعادة أمريكا إلى اتفاقية المناخ، وربما إلى منظمات دولية أخرى انسحب منها ترامب، وبإيلاء عناية أكبر للعلاقة مع أوروبا وللتعاون معها، وإعادة تفعيل الدور العالمي لواشنطن، وفي هذا يعوّل الأوروبيون على معرفتهم ببايدن كسياسي مخضرم، على خلاف شخصية ترامب الآتي من مجال المال والأعمال لا من السياسة.
في موسكو تبدو الصورة عكسية تماماً. ليس خافياً أن الرجل المفضل وجوده في البيت الأبيض بالنسبة للروس، وللرئيس فلاديمير بوتين شخصياً، هو دونالد ترامب لا جو بايدن. كان واضحاً أن الثنائي بوتين – ترامب وجدا الكيمياء الضرورية للتفاهم فيما بينهما، ومع أنه لم يكن بوسع ترامب مخالفة إرادة الدولة العميقة في الولايات المتحدة بالاستمرار في فرض عقوبات على روسيا، لكن بوتين وجد سبيلاً للتفاهم معه حول أمور أخرى، وبلورا رؤى مشتركة تجاه بعض النزاعات في العالم، خاصة مع ميل ترامب للتخلي عن الدور التقليدي لـ «شرطي العالم»، وهو أمر يطيب لموسكو بالطبع.
استحضر خبير عسكري روسي قول بايدن في حملته الانتخابية، وبوضوح: «إذا وصلتُ إلى السلطة، سأتحدث بقسوة مع روسيا»، ويرى هذا الخبير أنه فيما كان بالإمكان الاتفاق مع ترامب، فإن بايدن لن يساوم. وعلى سبيل المثال يخشى «الكرملين» من سياسة أمريكية جديدة في سوريا، قد تعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل مجيء ترامب، كما يخشى من ضغوط أمريكية أشدّ في المحيط الجيو سياسي بروسيا، سواء في بيلاروسيا أو مولدوفا أو في القوقاز.

madanbahrain@gmail.com

عن الكاتب:
كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".