شركات «كوفيد ـ 19» الناشئة

22:51 مساء
قراءة 3 دقائق
1

سارا هالزاك *

أصيب الاقتصاد الأمريكي بوهن عام وسط تبدل أنماط سوك المستهلكين في ظل جائحة «كوفيد-19». مع ذلك، خلقت الأوقات المضطربة فرص ابتكارات أبدعتها أذهان البارعين في عالم التجارة الاستهلاكية.

فقد تقدمت شركة «دور داش» ذات الباع الطويل في مجال توصيل المواد الغذائية، بطلب لإدراجها على الاكتتاب العام الأولي منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، ما يؤشر إلى فصل جديد من حياة الشركة بعد فترة ليست طويلة من جمع 400 مليون دولار في جولة جمع تمويل خاصة. وتستعد شركة «إنستاكارت» صاحبة تطبيق توصيل منتجات البقالة، لتقديم طلب مماثل يضع قيمتها السوقية فوق 30 مليار دولار، في أعقاب جولة تمويل بقيمة 200 مليون دولار أعلن عنها في أكتوبر/تشرين الأول.

لم تكن هذه الأسماء وحدها القادرة على الحصول على تصويت بالثقة من أصحاب رؤوس الأموال المغامرة خلال هذا العام. وقد اتضح أن عام 2020 سيكون أحد أفضل الأوقات على الإطلاق للشركات الناشئة في القطاع الاستهلاكي، فقد بلغ إجمالي الصفقات وعمليات التمويل التي غطت هذه الشركات أكثر من 6.6 مليار دولار في الربع الثالث، ومن المتوقع أن تصل قيمتها على مدار العام، إلى ما يقرب من 18 مليار دولار، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.

ويعكس ذلك بعض الصفقات المذهلة التي أبرمتها شركات المليار الأول «يونيكورن»، مثلما حدث عندما جمعت شركة «أوتلي» السويدية لإنتاج الحليب النباتي، 200 مليون دولار هذا الصيف من مستثمرين من بينهم بعض المشاهير مثل «أوبرا وينفري» و«جاي زي». وأحصت شركة «سي بي إنسايت» لدراسات السوق، 414 صفقة في القطاع خلال الربع الثالث، ما يدل على أن الغنائم ستطال شريحة واسعة من الشركات الناشئة.

ومن المفاجئ ألا يتأثر هذا النشاط بتبعات الوباء. فقد استفادت شركات مثل «دور داش» و«انستاكارت» من تركيزها على تلبية احتياجات المستهلكين المحاصرين في منازلهم، لكن هناك عوامل أخرى ستمنح المستثمرين وقفة بشأن مجموعة أوسع من الشركات الاستهلاكية، فقد أجل المستثمرون صفقات التمويل بسبب تراكم إغلاق المتاجر وحالات الإفلاس التي شهدها عالم البيع بالتجزئة في الأشهر الأخيرة، وربما نتيجة توقعات المحللين بارتداد المستهلكين على العلامات التجارية الكبرى في ظل الجائحة.

وبينما أدى الوباء إلى تسريع وتيرة تدهور بعض سلاسل البيع بالتجزئة التي تواجه صعوبات، فقد كان أيضاً بمثابة عامل تسريع للعديد من الاتجاهات التي يراهن عليها مؤسسو الشركات الناشئة ومستثمرو رأس المال المغامر. فقد ظهر جلياً تركيز المتسوقين على شراء الملابس غير الرسمية وأساليب الحياة الرياضية، قبل أن تجعل الحياة في المنزل السراويل الرياضية زياً يومياً. هذه الظاهرة عادت بالنفع على شركة «أول بيردز» مثلاً، ويونيكورن وهي متخصصة في الأحذية الرياضية جمعت 100 مليون دولار في سبتمبر/أيلول، لتضيف الملابس غير الرسمية إلى قائمة أنشطتها.

وشكلت المنتجات الصحية ومكملات التغذية مجالًا آخر لتركيز المستهلكين، حتى قبل أن توفر أزمة الصحة العامة سبباً لإعادة التفكير في إجراءات الرعاية الذاتية وتطوير استراتيجيات مواجهة الوباء. وقد يكون الاهتمام المتزايد حالياً بهذا التوجه بمثابة نعمة للشركات الناشئة في مجال اللياقة البدنية، مثل شركة «تونال» التي تعتبر من أبرز الشركات التي تدفع المستثمرين لضخ أموالهم في الشركات الناشئة بعد مراجعة حساباتهم الزمنية.

وفي بعض الحالات، ألقى الوباء الضوء على اتجاهات المستهلكين الحالية. فقد شقت اللحوم البديلة طريقها إلى قوائم أطباق سلاسل المطاعم، ورفوف متاجر البقالة، حيث أصبحت الأنظمة الغذائية التي تركز على النبات أكثر شيوعاً. 

في الأيام الأولى للوباء، أظهر نقص اللحوم نقاط الضعف في سلسلة التوريد لهذا القطاع، مما أعطى المستثمرين مزيداً من الأسباب لدعم صانعي البروتين البديل، مثل شركة «إمبوسبيل فوودز»، التي أعلنت عن جولة لجمع تمويل بقيمة 200 مليون دولار في أغسطس/آب.

ويتمثل التحدي الرئيسي للشركات الاستهلاكية الناشئة في اختيار الطرق الأكثر دقة التي تغير بها عالم عقد الصفقات منذ أن بدأ الوباء في الانتشار. ويبدو أن صفقات التمويل تتم بسرعة خاصة في الوقت الحالي. ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها بيئة تنافسية جداً، كما لعبت سهولة عقد اللقاءات عبر الفيديو، لجميع الأطراف، دوراً في التفاوض في يوم واحد على عدد من الصفقات واختيار أفضلها.

ولقد أدى الوباء إلى إحداث ثورة في أنماط طلب المستهلكين وأنماط التسوق بطريقة أدت إلى تهميش العديد من الشركات القائمة، وفتح الباب على نطاق أوسع أمام الشركات الناشئة.

* بلومبيرج

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"