الجائحة وحّدت الجميع

00:16 صباحا
قراءة 3 دقائق

حافظ البرغوثي

كشفت أحدث الإحصاءات أن عمالقة التكنولوجيا الأربعة: «أمازون»، و«فيسبوك»، و«جوجل»، و«أبل»، جمعوا أرباحاً فلكية خلال وباء كورونا. وأعلنت الشركات الأربع الأرباح ربع السنوية، التي أظهرت أنها حققت مبيعات تبلغ 230 مليار دولار بين يوليو/ تموز، وسبتمبر/ أيلول، الماضيين .

وهبطت قيمة أسهم شركة «أبل» مع تسجيل الشركة ارتفاعاً في الإيرادات بنسبة 1% إلى 64.7 مليار دولار، وانخفضت أرباحها بنسبة 7% إلى 12.7 مليار دولار. وتتناقض الأرقام بشكل صارخ مع أوضاع العديد من الشركات التقليدية، التي دمرتها أزمة الجائحة والتي أدت لتدفق المستهلكين إلى الإنترنت لشراء السلع، ولجوئهم للعمل من المنازل.

فالجائحة كانت نافعة لبعض الشركات مثل شركات التكنولوجيا، والتسويق عبر الإنترنت، والشركات الطبية، لكنها دمرت، أو أفلست شركات عدة حول العالم، وأدت حتى الآن إلى خسائر تقدر ب37 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي، لكن بعض الدول كالصين، تعافت بسرعة، وحققت نمواً يزيد على أربعة في المئة، مع أنها أرقام رسمية لم تؤكد من مصادر محايدةن بينما كان الاقتصاد الصيني تراجع في مطلع العام بنسبة ستة في المئة.

 لكن تبقى هناك تساؤلات كثيرة حول آثار الجائحة، وكيف أنها لن تنتهي بمجرد إيجاد لقاحات ما زالت موضع شك حول تأثيرها، إن كان مؤقتاً، أم دورياً، أم بعيد المدى، مع ما يحمله ذلك من تكاليف إضافية بعد أن ضخت مختلف الدول والشركات عشرات المليارات في حقول البحث العلمي لإيجاد علاج للفيروس، وما تحملته الحكومات من نفقات إضافية كضخ مساعدات للشركات، والأفراد، بلغت أكثر من ثلاثة تريليونات في الولايات المتحدة وحدها، ولا يعرف كيف، ومن أين أتت هذه الأموال، وكيف ستسدد لاحقاً، أم أنها مجرد طباعة أوراق.

 وهناك أسئلة مستقبلية أخرى حاولت قمة مجموعة العشرين التي عقدت افتراضياً في السعودية الإجابة عنها عبر وضع تصور اقتصادي عالمي لمواجهة الركود، حيث أكدت المجموعة الالتزام بتشكيل جبهة متحدة لمواجهة خطر الجائحة المشترك، والالتزام ببذل كل ما يمكن للتغلب على هذه الجائحة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وصندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، والأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى، بناءً على الصلاحيات المخولة لها. وأعلنت نيتها بضخ تريليونات الدولارات في الاقتصاد العالمي .

وكانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خفضت توقعاتها للنمو العالمي بنحو يراوح بين 2 إلى 3% خلال 2021 التي تستقر حالياً على 5% في حال استمرار تفشي الفيروس، وارتفاع أعداد الإصابات بقوة. وعزت المنظمة توقعاتها السلبية إلى تراجع معدل إنفاق الأسر كعامل أساسي في تراجع معدلات النمو. 

وبحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة، والتنمية، فمن المتوقع أن تخسر أغلب اقتصادات العالم نحو 2.4% من ناتجها المحلي على مدار عام 2020، ومن المرجح أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 4% هذا العام، كما تراجع حجم التجارة العالمي بنسبة 20%، وتراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 40%، وهبطت أحجام التحويلات بمقدار 100 مليار دولار.

 وبحسب ما ذكر صندوق النقد الدولي في يوليو/ تموز الماضي، فإن التدابير المالية التي أعلنتها العديد من حكومات العالم والتي تبلغ حالياً نحو 11 تريليون دولار، ارتفاعاً من 8 تريليونات دولار، في إبريل/ نيسان الماضي، ساعدت على تخفيف التأثيرات السيئة التي تعرضت لها الشركات، والعمال، بسبب الوباء الذي تسبب بإغلاق المصانع، والشركات معظم الشهور الماضية، وحظر حركة الناس، ما أدى إلى هبوط الطلب، وضعف الحركة الشرائية. لكن الموجة الثانية من الفيروس ضاعفت الركود العالمي. 

وبعكس ما حدث في أزمة الرهن العقاري التي ضربت أوروبا والولايات المتحدة بقوة، فإن مجموعة العشرين التي ولدت مع تلك الأزمة وعالجتها، وجدت الوضع في الجائحة أشد قتامة، لكن التعاون الدولي الذي ظهر مع بدء الجائحة خفف من وطأتها، وجعل سبل المعالجة واضحة، وهي تحفيز الاقتصادات بحزم مالية ضخمة تصل إلى المتضررين من الأفراد، وليس الشركات الكبرى كما حدث في أزمة 2008، والتخفيف من ديون الدول الفقيرة، ووضع برامج تنموية لانتشال الاقتصاد العالمي من الركود.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"