أمريكا.. والعفو الرئاسي

13:07 مساء
قراءة 3 دقائق

بول والدمان *
تتردد أنباء في أروقة وزارة العدل الأمريكية مفادها أن الوزارة تحقق في  «مصالح شخصية مقابل العفو»، حيث يعرض شخص ما تقديم مساهمة سياسية كبيرة مقابل عفو رئاسي. حتى الآن، لم يتم استهداف أي من المسؤولين الفيدراليين في التحقيق.
 مثل هذا السيناريو الرهيب جديد كلياً على الفكر السياسي في الولايات المتحدة ذلك أن الفكرة قائمة حول عفو في اللحظة الأخيرة من الرئيس قبل مغادرته البيت الأبيض. صحيح أن قرارات العفو عن كبار المساعدين والشخصيات التي لعبت أدواراً حساسة في فضايا سعى الرئيس لتمريرها قبل نهاية فترة ولايته «فقد عفا جورج بوش عن شخصيات متورطة في فضيحة إيران كونترا»، لكن السؤال الآن ليس ما إذا كان ترامب سيصدر عفواً فاضحاً في اللحظة الأخيرة - لأنه سيفعل ذلك بالتأكيد - بل كم عدد الذين سوف يحصلون على العفو.
 من المؤكد أن يمنح ترامب عفواً رئاسياً لأولئك الذين خدموه في الماضي أو سيفعلون ذلك في المستقبل. وستكون قرارات العفو شخصية بشكل مكثف، لمصلحة دونالد ترامب
في المرحلة المقبلة.
 ومن أبرز المرشحين للحصول على قرار عفو رودي جولياني، وهو صديق مقرب من الرئيس والمدافع العنيد عنه حيث يخضع للتحقيق من قبل المدعين العامين في نيويورك، بسبب أنشطة تتعلق بدوره في مخطط فساد في أوكرانيا. وقد ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ترامب وجولياني أجريا عدة محادثات حول إمكانية العفو، رغم أن جولياني ينفي ذلك.
 لكن المثير للجدل هو منح الرئيس نفسه عفواً رئاسياً. فنحن نعلم مدى تقدير ترامب لسلطة العفو، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تسمح له بالتصرف من جانب. ولكن هناك مشكلة تتعلق بالعديد من حالات العفو المحتملة عندما يتعلق الأمر بأشخاص مثل جولياني - وأطفال ترامب وعفوه عن نفسه - يصبح الأمر أكثر تعقيداً.
 وتكمن المعضلة التي سيواجهها ترامب مع أي عفو عن طرف لم تتم إدانة المستفيد منه بعد، في أنه إذا كان نص العفو عاماً جداً، فقد يسمح للمدعين العامين بالكشف عن جريمة معينة لا يطالها قرار العفو، ولذلك يمكنهم المضي قدماً في المحاكمة. لكن كلما كان العفو أكثر تحديداً، زاد عدد الجرائم المرتكبة التي يتم الكشف عنها ولا يطالها قرار العفو.
 وتغطي سلطة العفو الرئاسية الجرائم الفيدرالية فقط، ما يجعل ترامب وعائلته عرضة للملاحقة القضائية بتهم حكومية ومحلية. ويخضع الرئيس شخصياً ومعه شركة ترامب للتحقيق من قبل المدعين العامين في ولاية نيويورك.
لكن هذا لا يعني أن ترامب لن يحاول العفو عنهم وعن نفسه لإزالة مسؤوليتهم الفيدرالية. ولديه مبررات كافية. فعلى الرغم من أنه بريء تماماً حسب رأيه، فإن الديمقراطيين  وأتباعهم في الدولة العميقة سيوجهون له بالتأكيد تهماً متعددة، لذلك يتعين عليه منعهم قدر المستطاع. وقد قال صديقه المقرب ومستشاره شون هانيتي صراحة على الهواء مباشرة: «عندما يخرج الرئيس من البيت الأبيض يحتاج إلى العفو عن أسرته بأكملها وعن نفسه».
ويفتي خبراء القانون فيما إذا كان بإمكانه العفو عن نفسه بالقول إنه لا يستطيع ذلك، لأن العفو هو شـــــيء يمنحه الرئيس لشخص آخر. وجاء في مذكرة صادرة عن مكتب المستشار القانوني بوزارة العدل عام 1974: «بموجب القاعدة الأساسية التي تنص على أنه لا يجوز لأحد أن يكون قاضياً في قضيته، لا يمكن للرئيس أن يعفو عن نفسه».
* أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا.
«ذي واشنطن بوست»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا. «ذي واشنطن بوست»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"