الأبعاد النفسية لـ«كورونا»

00:45 صباحا
قراءة 3 دقائق

د.فايز رشيد

وباء كورونا لا يُلحق ضرراً جسدياً بمن بصاب به، بل أيضاً نفسياً بعموم الناس على صعيد العالم أجمع. ذلك بشكلٍ عام، سواء بالخوف والخشية من الإصابة به، وتداعيات تلك الإصابة بكلّ ما فيها من أضرار على الرئتين والجهاز التنفسي بشكل عام واحتمال تطور ذلك إلى ما هو أسوأ، وصولاً إلى الوفاة. أيضاً، اكتشفت حالات أطفال أصيبوا بالمرض، فهم وفقاً ل «أندرو بولارد» أستاذ المناعة والأمراض المعدية لدى الأطفال بجامعة أكسفورد، ليسوا محصّنين منه مثلما كان يعتقد! ويضيف، أن «نسبة إصابتهم لا تقل عنها بين البالغين، لكن أعراض المرض لديهم تكون طفيفة» (أخّف من الكبار). كما يجمع أخصائيو الصحة النفسية أن جائحة كورونا تسببت في تأثيرات على الصحة العقلية والنفسية للناس بشكل عام. ذلك وفقاً ل «اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات» التي توصي الجهات المعنية في دول العالم سواء المصابة بالوباء أوغيرها، بضرورة الاهتمام بجوانب الصحة العقلية والنفسية لمواطنيها، بما يتطلبه ذلك من دعم نفسي اجتماعي ليس للمصابين وحدهم فحسب، وإنما لعموم المواطنين. يتم ذلك من خلال «تعزيز حقوق الإنسان والمساواة». لقد اكتُشف أن «وباء كورونا» يؤثرفي الترابط والاتصال الاجتماعي بين الأشخاص، سواء من حيث ثقتهم في بالآخرين، كما في كافة المؤسسات في بلدانهم (بلا استثناء)، هذا إضافة إلى التأثير السلبي في أعمالهم وانخفاض دخلهم، وفرض عبء ثقيل من الهم والقلق عليهم، ما يسبب مشاكل صحية ونفسية لهم. فمن الممكن أن يؤدي الوباء، إلى التسبب في إثارة القلق بشكل عام، والإجهاد والضغط النفسي والقلق بين الأفراد عموما.

تعيش المجتمعات سواء التي أصيبت بالجائحة، أو الأخرى من التي لم تُصَب حتى اللحظة، حالة الخوف من أن تعيش تجربة اجتياح الوباء مرة أخرى بعد تجربتها سابقا، أوانتقال الوباء اليها، وخاصة في ظلّ ظروف عدم القضاء الفعّال على الفيروس أولاً، وعدم توفّر لقاحات فعالة له ثانياً. صحيح أنه يجري الحديث عن لقاحات فعّالة ضد الفيروس، لكنها غالية الثمن من جهة، ومن جهة أخرى تحتاج إلى سنة أو سنتين- ربما أكثر- للوصول إلى كافة دول العالم. إضافة إلى ما تمّ ذكره، تسبب الوباء في معاناة كبيرة للعاملين في الخطوط الأمامية في مجابهة كورونا، مثل الأطباء والممرضين، الأمر الذي أدّى وفقاً ل«منظمة الصحة العالمية» لمشاكل إضافية في صحة هؤلاء، ومنها الوصمة الناجمة عن التعامل مع المرضى المصابين بعدوى الفيروس. وكذلك الضغوطات الناجمة عن استخدام تدابير وقائية حيوية صارمة، مثل: الإجهاد البدني نتيجة استعمال معدات الوقاية، والحاجة إلى الوعي واليقظة المستمرين، والإجراءات الصارمة الواجب اتباعها، ومنع الاستقلالية، والعزلة الجسدية عن الآخرين، مع ارتفاع نسبة الحاجات الملحة لهم في بيئة العمل، وانخفاض القدرة على توظيف المزيد من سبل الدعم الاجتماعي لهؤلاء.

لقد أصدرت «منظمة الصحة العالمية» ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، توجيهات تهدف للوقاية من مشاكل وأزمات الصحة العقلية والنفسية، التي يمكن أن تطرأ خلال فترة جائحة كورونا. هذه التوجيهات تتلخّص فيما يلي: تعاطف المجتمعات مع جميع الأشخاص المتضررين والمصابين بالمرض، بغض النظر عن جنسياتهم أو أعراقهم. التقليل من مشاهدة الأخبار إذا كان ذلك يثير القلق.. تعميم نشر القصص الإيجابية التي تتعلق بالسكان المحليين، الذين عانوا من مرض كورونا. تكريم وتقدير العاملين في مجال الرعاية الصحية، الذين يقومون برعاية ودعم المصابين بالمرض، وأخذ قسط من الراحة الكافية يومياً، وتناول الطعام الجيد أوالمشاركة في انشطة بدنية وتجنّب استخدام التبغ أو الكحول أو المخدرات..بالنسبة للعاملين في المرافق الصحيّة المتعلّقة بمرضى «الكورونا» عليهم المحافظة على حماية جميع الموظفين من إمكانية تدهورالصحة العقلية/النفسية لهم.

كما أن طمأنة المواطنين له دوره في الحفاظ على سلامتهم النفسية. ويقترح الباحثون إقامة خط هاتفي مخصّص لاستفسارات الأشخاص الموجودين رهن الحجر الصحي يساعدهم على معرفة ما يجب القيام به في حالة ظهور أعراض المرض. وهذه الخدمة «ستطمئن الناس على أنهم سيعالجون إذا مرضوا ولن يتم إهمالهم».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"