عادي

دور «المركزي» في تحولات اقتصاد الإمارات خلال 4 عقود

23:21 مساء
قراءة 9 دقائق
المصرف المركزي

إعداد: عبير أبو شمالة

على مدى العقود الأربعة الماضية منذ تأسيسه يوم العاشر من أغسطس عام 1980 استطاع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي أن يقود القطاع المالي في الدولة إلى بر الأمان وأن يدعم استقرار القطاع وأن يسهم في النقلة النوعية التي شهدها القطاع، وبخاصة القطاع المصرفي الذي بات اليوم الأكبر عربيا وإقليميا.
واليوم يدخل «المركزي» عقد الخامس بنجاح جديد في إرساء الاستقرار في القطاع المالي متجاوزا به تبعات جائحة كوفيد- 19، الأمر الذي تؤكده المؤشرات الإيجابية للقطاع المصرفي الذي حافظ على ملاءة مالية عالية وسيولة مستقرة ونوعية أصول جيدة بحسب المعايير العالمية حتى آخر بيانات أصدرها المركزي للأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.

تأسس مجلس النقد لدولة الإمارات يوم 19 مايو من عام 1973 بموجب القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 1973، حيث أصدر المجلس الدرهم الإماراتي، وهو العملة الوطنية التي خلفت العملات المتداولة في ذاك الوقت. ومن ثم تم تحويل مجلس النقد إلى مصرف الإمارات العربية المركزي في 10 ديسمبر 1980 بموجب القانون الاتحادي رقم (10) لسنة 1980 بصفته مؤسسة عامة، وتوسعة مهامه لتشمل أعمال مجلس النقد - وتم تعيين عبد الملك يوسف الحمر محافظاً للمصرف المركزي. ومؤخراً، تم إطلاق القانون الاتحادي رقم (14) لسنة 2018 بخصوص المصرف المركزي وتنظيم المؤسسات المالية وأنشطتها.
يتمتع المصرف المركزي بسلطات لإصدار وإدارة العملة، وذلك لضمان استقرار العملة الوطنية في إطار النظام النقدي؛ الإدارة الرشيدة لاحتياطيات المصرف المركزي الأجنبية؛ تطوير ومراقبة النظام المصرفي في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ إدارة احتياطيات الذهب والعملات في الدولة؛ وتمثيل دولة الإمارات في المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وصندوق النقد العربي.


المسؤوليات الأساسية


يضطلع المصرف المركزي بالعديد من المسؤوليات الأساسية في صياغة المنظومة المالية بالدولة ومن أبرز هذه المسؤوليات وضع وتنفيذ السياسة المالية بما يتماشى مع الأجندة الوطنية.
وممارسة امتياز إصدار العملة الوطنية. ومن ضمنها كذلك تنظيم الأنشطة المالية المرخصة، ووضع الأحكام والأسس الخاصة بها، وتحديد الممارسات الاحترازية اللازمة لممارسة مهامها.
وضع الأنظمة والمعايير المناسبة لحماية عملاء المنشآت المالية المرخصة. ومراقبة الوضع الائتماني في الدولة والمساهمة في تحقيق نمو متوازن للاقتصاد الوطني. وإدارة الاحتياطيات الأجنبية، للاحتفاظ «في جميع الأوقات» باحتياطيات كافية من الأصول بالعملة الأجنبية لتغطية القاعدة النقدية. وتنظيم البنية التحتية المالية وتطويرها في الدولة بما فيها أنظمة الدفع الإلكتروني، والعملة الرقمية وتسهيلات القيمة المخزنة.


أصول البنوك تتضاعف


حافظ القطاع المصرفي في الإمارات على استقراره وقطع شوطاً بعيداً من التطور والنمو، رغم التحديات التي فرضتها على مدى العقود الأربعة الماضية العديد من المتغيرات والتطورات على الساحة الاقتصادية الإقليمية والعالمية. وواصل القطاع النمو والتوسع حتى بات أكبر القطاعات المصرفية على مستوى المنطقة. واستطاعت بنوك الدولة أن تعبر أصعب الظروف الاقتصادية التي واجهت العالم والمنطقة في الأربعين سنة الماضية بسلام ودون تأثير يذكر، حيث نجحت في تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية التي كتبت سطر النهاية في قصص بنوك عالمية ضخمة دون تكبد أية خسائر. ويرجع الخبراء الفضل في ذلك إلى السياسات المتحفظة التي حرص مصرف الإمارات المركزي على انتهاجها وتطبيقها على القطاع ما مكنه من تفادي تأثيرات الأزمات العالمية وتبعات التذبذبات الحادة في أسعار النفط والأزمات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة وعانت اقتصاداتها تأثيراتها خلال هذه الفترة، وآخرها أزمة كوفيد-19 التي كان لها تأثيرها العميق والموجع على الاقتصادات العالمية.
وسجلت بنوك الإمارات قفزات هائلة في الأداء سواء من حيث حجم الأصول أو مستويات الربحية منذ تأسيس مصرف الإمارات المركزي عام 1980. حيث ارتفعت قيمة الأصول الإجمالية للقطاع من مستوى لا يتجاوز 30 مليار درهم في الثمانينات من القرن الماضي، ليصل مع نهاية سبتمبر 2020 إلى 3.25 تريليون درهم، منها 2.82 تريليون هي أصول البنوك الوطنية. كما قفزت مستويات الربحية بشكل لافت مع تسجيل البنوك الوطنية المدرجة أرباحاً وصلت مع نهاية العام الماضي إلى 46.5 مليار درهم.


خطة الدعم


ولصيانة استقرار القطاع وحرصاً على دعم عملاء المصارف في ظل جائحة كوفيد -19 أطلق مصرف الإمارات المركزي خطة دعم شاملة منذ بداية الأزمة في مارس 2020، وتضمنت الخطة تخصيص 100 مليار درهم لدعم عملاء البنوك من الأفراد والشركات المتضررة من تبعات الجائحة، وتوزع الدعم بين اعتماد مالي يصل إلى 50 مليار درهم، خصص من أموال المصرف المركزي لمنح قروض وسلف بتكلفة صفرية للبنوك العاملة بالدولة مغطاة بضمان، بالإضافة إلى 50 مليار درهم يتم تحريرها من رؤوس الأموال الوقائية الإضافية للبنوك بما يساعدها على دعم العملاء المتضررين من خلال تأجيل الالتزامات المالية المتوجبة عليهم وتأجيل فترة استحقاقها لفترة تصل إلى 6 أشهر. ومن ثم رفع المركزي الدعم في بداية إبريل 2020 إلى 265 مليار درهم. وقرر في شهر نوفمبر الماضي تمديد فترة تطبيق العناصر الرئيسية لحزمة التحفيز الاقتصادي التي أطلقها تحت مسمى «خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجّهة» حتى نهاية يونيو 2021.
واستفاد من برنامج تأجيل القروض الذي تتضمنه خطة الدعم أكثر من 310000 من العملاء الأفراد وحوالي 10000 من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأكثر من 1500 من شركات القطاع الخاص.


لمحة تاريخية


بدأ العمل المصرفي في الدولة فصوله عام 1946 بتأسيس البنك البريطاني، والمصارف الأجنبية لفتح ثلاثة أفرع أخرى هي بنك ايسترن وتشارترد بنك، حيث اندمجا في عام 1962 وشكلا بنك ستاندرد تشارترد، بالإضافة إلى البنك العثماني الذي سرعان ما اندمج أيضاً مع كرندليز بنك. وفي عام 1963 تأسس بنك دبي الوطني كأول بنك وطني وخلال العشر سنوات التي تلت الافتتاح ونتيجة الازدياد في إيرادات النفط واتساع نشاط قطاع الأعمال فتحت عدة مصارف أجنبية أخرى فروعاً لها بالإضافة إلى تأسيس مصارف وطنية مثل بنك عمان عام 1967 (المشرق حالياً).
وبنك أبوظبي الوطني عام 1968 وبنك دبي التجاري عام 1969 وتوالى افتتاح فروع للبنوك الوطنية والأجنبية حتى أصبح عددها في عام 1973 عند إنشاء مجلس النقد عشرين مصرفاً، ستة منها وطنية وأربعة عشر فرعاً أجنبياً تمركزت معظمها في دبي وأبوظبي والشارقة، أما الآن فيبلغ إجمالي عدد البنوك العاملة في دولة الإمارات 48 بنكاً منها 21 بنكاً وطنياً و27 بنكاً أجنبياً وعربياً.
ويبلغ اليوم عدد المصارف التجارية العاملة في الإمارات العربية المتحدة 48 مصرفاً تدير شبكة واسعة من الفروع تضم 753 فرعاً. وتشمل هذه المصارف 21 مصرفاً محلياً و27 مصرفاً أجنبياً وعربياً، بالإضافة إلى مصرف للاستثمار و11 مصرف أعمال. ووصل عدد فروع المصارف المحلية إلى 624 فرعاً بنهاية أكتوبر 2020. وبلغ عدد فروع المصارف الأجنبية العاملة في الدولة حوالي 129 فرعاً بحسب آخر بيانات المركزي في نهاية أكتوبر 2020.
وكان للقطاع المصرفي في الإمارات دور كبير في تطور أداء الدولة على المؤشرات العالمية لتحتل اليوم الإمارات المرتبة الأولى عربياً والثالثة والثلاثين عالمياً في مؤشر البنك الدولي للشمول المالي، ويعود الفضل في ذلك لما قدّمه القطاع المصرفي من إسهامات في نمو الاقتصاد الوطني والناتج المحلي، ما جعله شريكاً رئيسياً في التنمية الاقتصادية والمالية.
ومن دون شك للقطاع المصرفي الإماراتي إسهامات كبيرة في الاقتصاد الوطني، حيث قدمت المصارف الإماراتية على مر السنوات قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد وساهمت في نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. كما يُعتبر القطاع المصرفي الإماراتي الشريك الرئيسي في التنمية الاقتصادية والمالية لما له من تأثير في حركة رأس المال والاستثمارات الداخلية والخارجية. كما حافظ القطاع على مؤشرات أداء إيجابية تعد من الأفضل عالمياً سواء من حيث الملاءة المالية أو معدلات القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض. بل وأظهرت أحدث بيانات مصرف الإمارات المركزي أن الملاءة المالية للبنوك تحسنت مع نهاية الربع الثالث من العام الجاري مرتفعة إلى 18% مقابل 17.6% في نهاية النصف الأول 2020، وتفوق هذه النسبة وبفارق كبير متطلبات بازل العالمية وتعكس استقرار القطاع وقوة الأسس التي يقوم عليها.


نمو لافت لقطاع الصرافة


ينظم المصرف المركزي عمل البنوك التجارية في الدولة كما تنضوي تحت مظلته كذلك بنوك الاستثمار ومحلات الصرافة والوسطاء الماليين والنقديين وشركات الاستثمار المالية المرخصة وشركات التمويل. وشهدت حركة الصرافة في الإمارات نمواً لافتاً في ظل سياسات ومعايير حكيمة ومتحفظة ومتابعة وإشراف من قبل المركزي، وارتفعت قيمة التحويلات المالية من الإمارات بصورة كبيرة على مر العقود الماضي لتصل مع نهاية العام الماضي إلى أكثر من 165 مليار درهم (44.96 مليار دولار) لتحتل بذلك المركزي الثاني بين أكبر الدول المصدرة للتحويلات المالية حول العالم.
وتزدهر أعمال الصرافة في دولة الإمارات، نظراً لوجود نسبة عالية من الوافدين الذين يقومون بتحويل الأموال إلى عوائلهم، في بلدانهم الأم. وفي السنوات الأخيرة، ارتفع عدد محلات الصرافة العاملة في الدولة، كما زاد حجم معاملاتها بشكل كبير، الأمر الذي حدا بالمصرف المركزي إلى إصدار القرار رقم 123-7-1992 بتاريخ 29-11-1992 بشأن تنظيم أعمال الصرافة. ومن ثم أقر في 2018 معايير جديدة لتنظيم أعمال القطاع.


قوانين ومبادرات تواكب العصر


اعتمد مصرف المركزي على مدى العقود الأربعة الماضية العديد من المبادرات الرامية إلى تعزيز استقرار القطاع المصرفي في ذات الوقت الذي ركز فيه بشكل مستمر على مواكبة التطورات المتسارعة على ساحة الخدمات المالية عالمياً، خاصة على مستوى الامتثال ومكافحة غسل الأموال، والتركيز على إرساء البيئة التشريعية اللازمة لتعزيز أداء التكنولوجيا المالية «الفنتك» التي يمكن اعتبارها لغة العصر المالية.


التكنولوجيا المالية


أعلن المركزي في العام الماضي تنفيذ استراتيجية وخريطة الطريق للتكنولوجيا المالية «الفنتك» من خلال إنشاء مكتب خاص به. وتركز الاستراتيجية وخريطة الطريق على خمسة مجالات استراتيجية وتضم 19 مبادرة، وتتضمن المجالات الخمسة: البحث والاستشارة والتطبيق، والواجهة التنظيمية بين المشاركين في السوق والوظائف التنظيمية للمصرف المركزي. والتعاون والاتصال من خلال العمل كمنصة لتبادل الأفكار فيما يتعلق بمبادرات التكنولوجيا المالية وتيسير المشاريع والمبادرات المشتركة بين السُلطات وأصحاب المصلحة، وتنمية المواهب، والتعاون لبناء نموذج شراكة مع أصحاب المصلحة الرئيسيين عبر الحدود.


التمويل الجماعي


ضمن إطار حرصه على مواكبة التطورات على ساحة الخدمات المالية العالمية، أقر مصرف الإمارات المركزي نظاماً لتنظيم عمل شركات التمويل الجماعي القائم على القروض، وأعلن عن بدء تطبيق النظام.
وشركات التمويل الجماعي القائم على القروض تلعب دور الوسيط بين مقرضين ومقترضين مشاركين في عملية تمويل جماعي قائم على القروض.


المحافظ: دعم القيادة وراء النمو المستمر للمصرف


قال عبدالحميد محمد سعيد الأحمدي، محافظ المصرف المركزي: «إن المصرف المركزي ومنذ تأسيسه كان إحدى الدعامات الرئيسية في الإنجازات والنجاحات التي حققتها الدولة، وإنه ليسعدني بمرور 40 عاماً على تأسيس المصرف المركزي، تأكيد أن النمو المستمر والنجاحات المحققة لم تكن ممكنة من دون الدعم المستمر والتوجيهات الحكيمة لقيادتنا الرشيدة، والجهود المبذولة من مجالس إدارات المصرف المركزي والمحافظين وكافة الموظفين على مدار سنوات عمل المصرف منذ تأسيسه».
وأضاف: «أؤكد التزام المصرف المركزي الدائم العمل على استقرار وتنمية النظام المالي بالدولة، مدعوماً بإطار تنظيمي متطور وإشراف فعال، واستراتيجية طموحة نحو التحول الرقمي للقطاعين المالي والمصرفي، وسنعمل جميعاً على بذل قصارى جهدنا ليصبح مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي أحد أفضل البنوك المركزية على مستوى العالم تنفيذاً لرؤية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان رئيس مجلس الإدارة».
وقد كان للمصرف المركزي دور استراتيجي وفعّال في مواجهة جائحة «كوفيد - 19»، عندما أطلق حزمة التحفيز الشاملة المتمثلة في خطة الدعم الاقتصادي الشاملة الموجهة للتخفيف من آثار الجائحة على الاقتصاد، مما جعل المصرف المركزي أحد أبطال خط الدفاع الأول، وتم تكريمه في شهر نوفمبر 2020 من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.


2020


صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، يصدر مرسوماً اتحادياً بإعادة تشكيل مجلس إدارة «المركزي» برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وعضوية كل من: عبدالرحمن صالح آل صالح نائباً للرئيس، وعبدالحميد محمد سعيد (محافظاً)، ويونس حاجي الخوري، وخالد محمد سالم بالعمى، وخالد أحمد حميد الطاير، والدكتور علي محمد بخيت الرميثي.
2018
إصدار قانون 14 لسنة 2018 بخصوص المصرف المركزي وتنظيم المؤسسات المالية وأنشطتها
2014
مبارك راشد المنصوري محافظاً
2012
تشكيل إدارة تطوير الأنظمة الرقابية. المصرف المركزي ينشر أول تقرير استقرار مالي
2009
تشكيل وحدة الاستقرار المالي
2000
تشكيل اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال
1998
إنشاء وحدة مواجهة غسل الأموال والحالات المشبوهة
1991
سلطان بن ناصر السويدي محافظاً
1982
تشكيل دائرة المخاطر
1980
إنشاء «مصرف الإمارات المركزي» بموجب القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 1980، وتعيين عبد الملك يوسف الحمر محافظاً
1978
تأسيس إدارة الرقابة المصرفية
1973
إصدار الدرهم الإماراتي - تأسيس مجلس النقد بموجب القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 1973

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"