بلجيكا وخطر التجسس الصيني

01:38 صباحا
قراءة 3 دقائق

ألان كروفورد *

 عندما تم تسليم جاسوس صيني مشتبه فيه إلى الولايات المتحدة العام الماضي، أشادت وزارة العدل الأمريكية ب «المساعدة الكبيرة» التي قدمتها السلطات في بلجيكا.

ألقي القبض على شو يان جون في بلجيكا بعد ذهابه إلى هناك لمقابلة أحد المخبرين لغرض مناقشة وتلقي المعلومات الحساسة التي طلبها منه، وفقاً للائحة الاتهام الأمريكية. واتُهم شو بمحاولة تجسس اقتصادي، وكان الهدف الرئيسي له شركة «جنرال إلكتريك أفييشين»، والقضية لا تزال قائمة.

 قد تبدو بلجيكا وجهة غير محتملة لعميل صيني. لكن الحقيقة أنها وكر للجواسيس، وفقاً لوكالة المخابرات المحلية وأمن الدولة التي تقول إن عدد النشطاء مرتفع كما كان خلال الحرب الباردة، وبروكسل هي «رقعة الشطرنج» التي يرتعون فيها.

تعد بلجيكا، التي تستضيف مؤسسات الاتحاد الأوروبي والمقر الرئيسي لمنظمة حلف شمال الأطلسي، نقطة جذب لعملاء التجسس الطموحين. فهنا يختلط الدبلوماسيون والمشرعون والمسؤولون العسكريون، ويتشاركون القيل والقال ويتبادلون الأفكار، بينما يحتل موقع بلجيكا الاستراتيجي الأهمية القصوى بالنسبة للصين بصفتها منصة انطلاق لممارسة نفوذها في أوروبا.

 ويقول برونو هيليندورف، زميل باحث في معهد «إيجمونت رويال» للعلاقات الدولية ومقره بروكسل: «إن مجرد وجود مؤسسات دولية مثل الناتو والاتحاد الأوروبي يجعل بلجيكا محور تركيز طبيعي للصين. من المعروف أن هناك العديد من الجواسيس في بروكسل، وفي هذه الأيام يمثل التجسس الصيني مصدر قلق كبير ومتزايد».

 في فبراير، ذكرت صحيفة «دي فيلت» الألمانية نقلاً عن تقييم غير معلن صادر عن الجناح الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي، بأن حوالي 250 جاسوساً صينياً يعملون في بروكسل - أي أكثر من عدد جواسيس روسيا.

وهناك العديد من الحوادث. فقد مُنع المدير الصيني لمعهد كونفوشيوس في جامعة «في يو بي» بروكسل، من دخول دول منطقة شينجن في أكتوبر لمدة ثماني سنوات بعد اتهامه بالتجسس.

 وعرضت لائحة الاتهام الموجهة لشي يان جون تفصيلاً مذهلاً للأساليب التي تستخدمها الصين، وتتضمن خطط التجسس الحصول على أسرار تجارية من شركات الطيران والفضاء في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء أوروبا. وقد استخدم شي أيضاً أسماء مستعارة ودعا خبراء في رحلات مدفوعة الأجر إلى الصين لتقديم عروض تقديمية في جامعة نانجينج للملاحة الجوية والملاحة الفضائية، التي تديرها وزارة الإعلام. وتأكد شي من أن الأهداف محملة على جهاز كمبيوتر مخصص للعمل ويمكن سرقة بياناته.

وقال تشارلز بارتون، الدبلوماسي البريطاني السابق الذي يتمتع بأكثر من عقدين من الخبرة في الصين: «لقد أصبح الصينيون أكثر نشاطاً مما كانوا عليه قبل 10 أو 20 عاماً».

ومن الواضح أن لدى النخب السياسية في بلجيكا مواقف إيجابية تجاه الصين. ويجعل النظام السياسي المنقسم، حيث مرت ستة أشهر على الانتخابات ولم يتم تشكيل حكومة، من الصعب صياغة استراتيجية موحدة في التعامل مع بكين. وقد ضم وفد بلجيكي إلى الصين هذا الشهر أربعة وزراء مسؤولين عن العلاقات التجارية، منهم وزير فيدرالي بالإضافة إلى وزير واحد لكل أقلية من الأقليات الناطقة بالهولندية والفرانكفونية.

حتى في الوقت الذي يتبنى فيه الاتحاد الأوروبي موقفاً أكثر تشدداً تجاه الصين، فإن بلجيكا تفتح الأبواب أمام الاستثمارات الصينية في المجالات الاستراتيجية من الطاقة إلى الشحن والتكنولوجيا.

 وقال بريشت فيرميولين، الذي كان رئيساً للجنة الشؤون الداخلية بالبرلمان الفيدرالي البلجيكي: «أعتقد أننا يجب أن نفتح المزيد من الأبواب للصينيين ونرى كيف سيكون رد فعلهم. نحن دولة صغيرة وبحاجة إلى مساعدة الصين».

ولا يخلو التعامل مع أجهزة الدولة الصينية من المخاطر. فقد خضع فيليب ديوينتر، النائب الإقليمي من «حزب فلامش بيلانج» اليميني المتطرف، للتحقيق بشأن علاقاته بمنظمة يشتبه في تجسسها لصالح الصين. ثم أسقط التحقيق بعد أن تبين أن ديوينتر لم يرتكب أي جريمة.

هذا النقص في التنسيق بين المناطق والنخب الحكومية يسمح لرئيس بلدية أنتويرب، مثلاً، أن يلعب دوراً كبيراً في العلاقات مع بكين. وتعتبر أنتويرب ثاني أكبر ميناء في أوروبا، ولها وصلة سكة حديدية مباشرة مع الصين.

* مؤلف وكاتب عمود أمريكي (بلومبيرج)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وكاتب عمود أمريكي (بلومبيرج)

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"