زوكربيرج يجب ألا يقلق بشأن المستثمرين بل على المحتوى

01:40 صباحا
قراءة 3 دقائق
مارك زوكربيرج

أليكس ويب *

لقد أحيا ذلك العنوان سؤالاً لطالما حيرني: «لماذا يبدو أن رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج يهتم كثيراً بمساهميه؟». بنى مارك عملاقاً تجارياً ثرياً بالتأكيد لحدٍّ يتجاوز أحلامه الجامحة، وسيطرته على الشركة تعني أنه لا يوجد شيء تقريباً يمكن للمستثمرين القيام به ليحلوا محله. ومع ذلك، عندما يُعرض عليه الاختيار بين جعل «فيسبوك» والمجتمع مكاناً أفضل وأرقى، أو تعزيز نمو المستخدم والمشاركة، يبدو أنه يختار الخيار الثاني. ومن خلال القيام بذلك، يعطي زوكربيرج الأولوية بشكل أساسي لقيمة المساهم.

تمنح بنية أسهم الطبقة المزدوجة في فيسبوك رئيسها السيطرة على أسهم التصويت على الرغم من أنه يمتلك أقلية من مصالح الشركة الاقتصادية. يتيح ذلك للمدير التنفيذي المؤسس اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الشركة على المدى الطويل حتى لو دمرت هذه القرارات بعضاً من القيمة على المدى القصير.

كان المستثمرون يعرفون أن هذه هي الصفقة عندما قرروا شراء السهم، وإذا لم يعجبهم يمكنهم أخذ أموالهم في مكان آخر. وهذا يعني أن زوكربيرج لا يحتاج إلى القلق كثيراً بشأن رياح العمل المعاكسة التي قد تهب على المدى القريب. ومع ذلك، هناك عدد كبير من التقارير هذا العام تشير إلى أن الشركة استمرت في السعي لتحقيق أرباح ضخمة على حساب الصالح الاجتماعي الأوسع نطاقاً. ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز وواشنطن بوست وغيرها الكثير، كيف أظهر بحث على موقع فيسبوك نفسه أن المنصة تعمق الانقسامات الاجتماعية وتنشر معلومات مضللة، وما زالت الشركة تعمل على تعديل أو إلغاء الأدوات التي من شأنها أن تساعد، لأن القيام بذلك من شأنه أيضاً تقليل تفاعلات المستخدمين.

من صلاحيات زوكربيرج أن يقرر أن مثل هذه المقاييس هي اعتبار ثانوي أو أقل من ذلك حتى. ربما اكتوى من تجربة عام 2018، عندما أعلن أن الاستثمارات في الإشراف على المحتوى والأمن بدأت تؤثر بشكل كبير في الربحية. وخسر السهم حينها 43% من قيمته خلال الأشهر الخمسة اللاحقة. ومع ذلك، فقد تعافى منذ ذلك الحين، وارتفعت قيمته إلى ما هو أبعد من الذروة منذ ذلك العام.

استمرت الإيرادات والأرباح في النمو بسرعة، مما يعني أنه على المدى الطويل، كان الاستثمار في الإشراف على المحتوى هو الخيار الصحيح، حتى لو كان هناك الكثير للقيام به.

والدرس الذي يجب تعلمه هنا هو أن الحد من السموم ليس أمراً سيئاً للأعمال التجارية، ولا يتعلق بفرض رقابة على محتوى دون آخر. بدلاً من ذلك، يجب اتخاذ قرارات واعية لتحسين ملف الأخبار المقدم للمستخدمين، ليكون أقل صرامة وأكثر فائدة. تقر الشركات الآن على نطاق واسع بأن المستثمرين ليسوا أصحاب المصلحة الوحيدين. ففي عام 2019، وافقت «بزنس راوندتيبل»، وهي مجموعة من الشركات الأمريكية الكبرى، على مفهوم «الغرض الجديد من الشركة»، والذي يشمل تقديم قيمة للعملاء ودعم المجتمعات التي يعملون فيها. لم يكن زوكربيرج أحد الرؤساء التنفيذيين البالغ عددهم 181 الذين وقعوا على ذلك. قد يرغب في إعادة التفكير في ذلك.

بصرف النظر عن حصته المسيطرة، ليس لدى زوكربيرج الكثير ليخافه فيما يتعلق بانتقام المساهمين في المحاكم. فقاعدة حكم العمل، وهي جزء من قانون الشركات الذي يفترض أن المدير التنفيذي لديه الدافع للعمل بما يخدم مصلحة الشركة، لا تحاسب المسؤول عن استراتيجية الشركة التي لا يحبها المستثمرون في حال تم تبديد أموالهم أو تعامل رئيس الشركة مع نفسه بشكل صارخ.

قد تكون شركة «بريتش بيتروليوم» أو «بي بي» نموذجاً لنوع إعادة الضبط المطلوب في فيسبوك. من المؤكد أن شركة النفط البريطانية الكبرى تواجه رياحاً معاكسة أكثر صرامة، مع انخفاض الإيرادات وخسائر متوقعة لهذا العام. ولكن منذ تعيينه في فبراير/شباط، بدأ الرئيس التنفيذي برنارد لوني التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة. عاقبته السوق بتراجع أسهم الشركة بنسبة 45%، لكنه نال استحساناً باتخاذه خيارات استراتيجية صعبة لكنها جيدة.

تمتلك فيسبوك بالفعل الأدوات اللازمة للتوقف عن التشديد على الحزبية وتقليل المعلومات المضللة. هذا الأسبوع فقط، قالت الشركة إنها ستزيل المشاركات التي تحتوي على ادعاءات مزيفة حول لقاحات كورونا. يُعد هذا تغييراً مرحباً به لمنصة كانت خوارزميات توصياتها في مرحلة ما تدفع نحو مجموعات التآمر المناهضة للتطعيم ضد كورونا، وهو أمر يفاقم الانقسام.

في الوقت الذي يحاول فيه تطبيق «فيسبوك» الإشادة بنفسه لإدارة جو بايدن القادمة، فإن زوكربيرج مع شركائه سيحسنون صنعاً لدعم الجهود بمزيد من الإجراءات التي تدعم الخطاب. تعرض زوكربيرج لانتقادات مبررة بسبب قوته الضاربة على رأس الشركة. لكن ذلك يمنحه أيضاً مجالاً أكبر لاتخاذ قرارات لا تحركها ضرورات مالية قصيرة الأجل فقط. وسيكون القيام بذلك أقل إيلاماً مما قد يتخيله مارك.

* بلومبيرج

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب في بلومبيرج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"