السوق العقاري الإماراتي والشفافية

11:23 صباحا
قراءة 4 دقائق
دبي - الخليج التجاري
دبي - الخليج التجاري

تيري ديلفو *

عملت الحكومات والجهات الفاعلة في السوق بشكل مشترك لزيادة شفافية أسواق العقارات على مستوى العالم على مدار العشرين عاماً الماضية، مدفوعة بالإدراك بأن أسواق العقارات الأكثر شفافية تجذب أحجام استثمار أكبر وطلباً أقوى من شاغلي العقارات، والتي انعكست إيجاباً على المؤشر العالمي لشركة جيه إل إل عن شفافية الأسواق العقارية لعام 2020 والذي أظهرت نتائجه تحسناً واضحاً في دولة الإمارات، في الوقت الذي تتصدر فيه كل من دبي وأبوظبي أسواق المنطقة.

هنالك عاملان أساسيان مسؤولان عن تحسين مستويات الشفافية عالمياً خلال السنوات السابقة، وهما الاستدامة (لتخفيف البصمة الكربونية) والتقنية (الرقمنة)، إذ اتسمت جميع المبادرات بتركيزها على هذين العاملين لتعزيز مستويات الشفافية في القطاع العقاري التي تعود بالمنفعة على جميع الأطراف المعنية. وعلى الرغم من تأخر الجهات العالمية في هذا السياق، توفر الحلول المتطورة فرصة كبيرة للأسواق الناشئة لا سيما في منطقة الشرق الأوسط التي تتسم بسرعة مواكبتها للأسواق العالمية بل أيضاً تصدرها في بعض الأحيان خاصةً خلال الأوقات الصعبة التي قد يواجهها القطاع.

الاستدامة، على الرغم من أن الأسواق العالمية تعتبر ذات شفافية عالية، مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا وفرنسا، والتي تحافظ على تعزيزها لمعايير أعلى في الاستدامة، إلا أن الأسواق الناشئة مثل أبوظبي كانت من بين أسرع الأسواق تحسناً، حيث اتخذت الإمارة مجموعة من الإجراءات لفرض مستويات أعلى من الاستدامة وتبني الشركات لمبادرات المسؤولية الاجتماعية التي ستضمن استمرارها في التقدم في التصنيف العالمي خلال السنوات المقبلة، وبالتالي جذب المزيد من الاهتمام من المستثمرين العقاريين والمقيمين.

وفي نفس السياق، شهدت المرحلة الراهنة اهتماماً متزايداً بمعايير الصحة والعافية وتطويرها، الأمر الذي يتطلب أن تكون البيانات خلال هذه الفترة أكثر شفافيةً، خاصة حول مقاييس الصحة والعافية لأصحاب المباني وشاغليها على حدٍ سواء. ومن المرجح أن تتفوق تلك المشاريع القادرة على طمأنة المستثمرين والمقيمين خلال هذه الفترة، وتحافظ على أدائها ضمن المستوى التنافسي العالمي لديها.

تقنيات القطاع العقاري، الذي يعد العامل الثاني المساهم في تعزيز مستويات الشفافية من خلال حجم البيانات الموجودة ضمن القطاع والتي باتت متوفرة بسبب الاعتماد على العديد من المنصات الرقمية المتخصصة، إلى جانب الأدوات الرقمية، وتقنيات البيانات الكبيرة. فعلى الرغم من أن أسواق العقارات واجهت على مر التاريخ العديد من التحديات عند تطبيقها للتقنيات الحديثة، إلا أن جائحة كورونا آلت إلى تسريع إدخال أنواع جديدة من البيانات غير القياسية وعالية التردد، لا سيما المتعلقة بالصحة والتنقل واستخدام المساحات التي يتم جمعها ونشرها في الوقت شبه الحقيقي.

وكل ما تزداد نسب الاعتماد على التقنيات في القطاع العقاري على قدر ما يكون السوق أكثر شفافية، ومن بين هذه الأسواق فرنسا، وهولندا، وأستراليا، والمملكة المتحدة، كما شهد القطاع في منطقة الشرق الأوسط مؤخراً حجماً كبيراً من الاستثمارات خاصة في الأسواق الكبيرة من بينها دولة الإمارات والسعودية.

كشف تقرير الشفافية عن استقطاب في الأسواق عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العامين الماضيين. في حين أن الأسواق الرئيسية (أبرزها الإمارات) سجلت مكاسب وتحسينات متزايدة في مستويات الشفافية الإجمالية، فإن التقدم كان ضعيفاً في أماكن أخرى في المنطقة.

وفي دولة الإمارات، جاءت إمارة دبي في المركز 36 على مستوى العالم، صاعدةً ثلاث مراتب لتعزز مستواها كأكثر الأسواق شفافية في المنطقة. وكانت من أبرز المبادرات الحكومية التي ساهمت في هذا الأداء هو إطلاق أول مؤشر رسمي لعمليات البيع والشراء (مؤشر) من قبل دائرة الأراضي والأملاك في دبي وبالتعاون مع مؤسسة في القطاع الخاص.

في حين جاءت إمارة أبوظبي وبحسب المؤشر كواحدة من أكثر المدن تطوراً على المستوى العالمي، مسجلة المرتبة 48 عالمياً، لتعكس النظرة المستقبلية لسوق الاستثمار العقاري فيها. ويأتي هذا التحسن مدفوعاً بإطلاق العديد من المبادرات التي أسهمت في تعزيز مستويات الاستدامة للشركات والقطاع العقاري بصفة عامة.

وعلى الرغم من أن السعودية لم تشهد سوى تغير طفيف في تصنيفها العالمي الشامل (المرتبة 57) على مدار العامين الماضيين، إلا أنه لا يزال هناك التزام قوي بتنفيذ المزيد من الإصلاحات التي من المتوقع أن تعزز مستويات الشفافية العقارية، حيث تشرع الدولة من خلال خطط وأهداف رؤية 2030 لجذب المزيد من الاستثمارات.

اتسم التركيز الرئيسي خلال الفترة السابقة على مواجهة التحديات المتعلقة بشفافية السوق في الأشهر الأخيرة حيث تتعامل الحكومات والشركات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم مع الآثار بعيدة المدى لجائحة كورونا، لينجم خلال أوقات عدم اليقين كهذه، الحاجة إلى وضع عمليات أكثر شفافية وبيانات أكثر دقة وفي الوقت المناسب عن أسواق العقارات، حيث سيستمر هذا التأثير السلبي في أداء مختلف الأسواق، وجاذبيتها الاستثمارية الشاملة مادام الفيروس بقي منتشراً.

* الرئيس التنفيذي ل«جيه إل إل» الشرق الأوسط وإفريقيا

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي ل«جيه إل إل» الشرق الأوسط وإفريقيا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"