قصائد سومرية

01:35 صباحا
قراءة دقيقتين

د. نورة المزروعي 

حظيت النصوص الأدبية بمنزلة هامة في تاريخ بلاد الرافدين وبالتحديد القصائد، حيث مثلت موسوعة أدبية هامة لتوثق تاريخ الحضارات. كشفت نتائج البعثات الأثرية عن العديد من المدونات لقصائد متنوعة كتبت بالمسمارية على الألواح والجدرايات السومرية، ومنها الكثير الذي يسرد بطولات الملوك، وأهمها «جلجامش» التي تعد من أشهر الملاحم الشعرية في العصر السومري. يوضح الكاتب صموئيل كريمر في كتابه «ألواح سومر» اهتمام الملوك اهتماماً استثنائياً بالشعراء، وذلك لأن مواضيع القصائد تشيد بأعمال الملوك وأمجادهم، وقد حظي ملوك سومر بشهرة واسعة جراء مدح الشعراء لهم. وكانت القصائد تلحن باستخدام آلالات الموسيقية ومنها «القيثارة» والغرض من تلحينها وغنائها بشكل متكرر هو غرس الرسالة الشعرية في ذاكرة المجتمع السومري في جانبها الأخلاقي والاجتماعي والوطني، كما أن فن الشعر أدى إلى اهتمام ملوك سومر بفئة المغنين، فارتفع شأنهم في المجتمع، لغنائهم القصائد بأصوات ندية تلامس قلوب العامة، حيث كانوا يغنون القصائد الشعرية في الاحتفالات والمناسبات العامة والملكية، بما في ذلك مراسيم الزواج الملكية والعامة. وقد استطاع علماء الآثار التعرف بدقة الى تفاصيل النصوص المدونة في الألواح السومرية، حيث كان السومريون يعنونون أسماء القصائد وأسماء الملحنين وأسماء الخطاطين في نهاية النص.

قام الباحثون بتفكيك لغة الشعر المدونة باللغة المسمارية على الجداريات والألواح لفهم التراكيب اللغوية المستخدمة والمصطلحات في كل نوع من الأشعار السومرية. فوجدوا على سبيل المثال، أن شعراء الغزل كانوا يميلون إلى استخدام لغة بسيطة بعيدة عن التعقيد، مثال ذلك قصيدة «غزل في الملك»، هي من النماذج المكتشفة ذات التراكيب اللغوية البسيطة (بالعامية) ويذكر كريمر في «ألواح سومر»: وجدت قصيدة «غزل في حب الملك» في متحف اسطنبول بتركيا، وترجع تاريخياً إلى الحضارة السومرية، وقصيدة الحب «العروس المختارة للملك»، وهي من القصائد المغناة، وغنيت في الاحتفال الملكي عند عقد القران الذي عرف ب«بالزواج المقدس» بين الملك والملكة، وتحمل عبارات الغزل في حب الملك ومطلعها يقول:

«أيها العريس الحبيب إلى قلبي،

جمالك باهر، حلو، كالشهد،

أيها الأسد الحبيب إلى قلبي،

جمالك باهر، حلو كالشهد»

كما عثر على ألواح سومر ضمن قصائد الفخر «الحب الوطن» وهو النشيد الوطني السومري، بلغة بسيطة تبتعد عن التعقيدات اللغوية:

«يا سومر أيها البلد العظيم

يا أعظم بلد في العالم

لقد غمرتك الأضواء المستديمة

والناس من مشرق الأرض ومغربها

هم طوع شرائعك المقدسة

إن شرائعك سامية وقلبك عميق»

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

حصلت د.نورة على الدكتوراه في الدراسات الخليجية من معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة .وماجستر في دراسات شرق أوسيطية بجامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية. ودبلوم خبيرة التسامح الدولي من كلية محمد بن راشد. ومن إصدارات الدكتورة: كتاب بعنوان "العلاقات بين الإمارات والسعودية"؛ حاز هذا الكتاب على جائزة العويس للإبداع في 19 أبريل 2017 عن فئة أفضل كتاب نشرته مؤلفة إماراتية. تعمل في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية وجامعة زايد وجامعة أبوظبي. لها العديد من المنشورات، كتاباتها تنحصر حول الفنون والثقافة. تعمل حاليًا على كتاب بعنوان "تأثير الموسيقى في حياتنا".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"