من أجل أن تتقاعد غنياً.. لا تترك الكثير لأطفالك

23:32 مساء
قراءة 4 دقائق

آندي موخيرجي *

تماماً مثل كتب تطوير الذات، الغرض من استطلاعات «كفاية المعاشات التقاعدية» هو جعلنا نشعر بالسوء دوماً تجاه أنفسنا. لم ندخر ما يكفي لأننا قُصّار نظر ونفتقر إلى ضبط النفس. ليس لدينا خطة تقاعد، وقد تأخر الوقت لذلك. كل ذلك يجول في أنفسنا ويطاردنا المزعجون به حتى الممات.

في الجزء الخلفي من أذهاننا، هناك دائماً الشعور بالذنب بأننا يجب أن نترك شيئاً ما، في الواقع ليس شيئاً واحداً، بل الكثير لأطفالنا. ومع ذلك، إذا استثنينا قانون استمرار الحياة الأزلي، ربما لا يجب أن نهتم بإنجاب الأطفال؟

فكر في الأمر، إذا لم تكن عقلانيتنا مقيدة، ولم نكن مشروطين بالاستمتاع بالحاضر، وتمكنا جميعاً من القيام بحسابات الاحتمالات والمكافآت لكل موقف، وخصم المنفعة المستقبلية بشكل صحيح، فهل كنا سنتزوج وننجب الأطفال؟

لكننا نفعل وسنفعل. فلماذا يجب أن يكون أسلوبنا في التعامل مع المال مختلفاً، ولماذا، على سبيل المثال، يجب أن يكون مفاجأة أن 51% من الهنود ليس لديهم خطة تقاعد؟ فالأشخاص الذين لديهم خطط شبيهة لا يقوموا بعمل أفضل كثيراً.

في الولايات المتحدة وقبل «كوفيد-19»، كان رصيد ثلث حسابات المساهمة المحددة البالغ عددها 5 ملايين حساب والتي تقوم «فانجارد» بحفظ سجلاتها لعام 2019 أقل من 10 آلاف دولار. وكان متوسط رصيد الحساب أقل من 26 ألف دولار.

ارتفع متوسط العمر المتوقع في العالم بمقدار خمس سنوات بين عامي 2010 و2015، وهي أسرع زيادة منذ الستينات. وقد يؤدي تعزيز الاستثمار في الرعاية الصحية بعد الوباء إلى جعلنا جميعاً نعيش أطول في المتوسط.

لا تتفاجأ إذا كان المتقاعدون في عام 2035 يحتاجون إلى خمس سنوات إضافية أو أكثر من الدخل المستقبلي بسبب طول عمرهم وحده. فمن أين ستأتي هذه الأموال في بيئة منخفضة العائد؟ الجواب الأكثر وضوحاً هو أن خطة التقاعد ستستمر في التأجيل.

في عام 1996، رأى 14% فقط من الأمريكيين أنفسهم يعملون بعد سن ال 65 عاماً. في العام الماضي بلغت هذه النسبة 45%.

قد تكون الاستراتيجية الأخرى نتيجة ثانوية طبيعية لليأس. نادراً ما تكون «البيضة الذهبية» التي وعدت بها صناعة الادخار التقاعدي كافية بعد دفع الرسوم الباهظة لمديري الصناديق. ومع اقتراب نهاية حياتهم العملية، سيشتري المدخرون منتجات أكثر خطورة. أظهر استطلاع أجرته شركة «فيديليتي إنترناشونال» أن 48% من سكان هونج كونج الشباب يخصصون 25% أو أقل من مدخراتهم للأسهم، بينما يستثمر 22% من العمال الأكبر سناً 75% على الأقل من مدخراتهم في أسواق الأسهم.

شارك عالم الاقتصاد الياباني - الأمريكي، تشارلز يوجي هوريوكا، الباحث في «رغبتنا في إثراء ذريتنا مالياً»، في تأليف ورقة بحثية جديدة سلطت الضوء على الفرق بين اليابانيين الذين يريدون ترك إرث لأسباب الإيثار، وأولئك الذين يستخدمونه بشكل استراتيجي لتعزيز نفوذهم بين الأجيال.

ستعمل الفئة الأولى بجهد كبير ولفترة أطول، في حين أن أولئك الذين يريدون أن تتم رعايتهم من قبل أبنائهم في سن الشيخوخة سيعملون بجد أكثر، لكنهم بالمقابل يتقاعدون مبكراً لتحقيق أقصى قدر من الرعاية المنشودة.

لا يريد الآسيويون بطبيعة الحال أن يموتوا وهم يعملون، ولدى العديد من المجتمعات شكل من أشكال شبكات الأمان غير العائلية. فاليابان لديها تأمين عام لرعاية طويلة الأجل. وفي كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وهونج كونج وماليزيا، يتوقع المتقاعدون أن تلعب الحكومة دوراً في ضمان أمن دخلهم.

ومع ذلك، يعرف الآسيويون أن هذا لا يكفي. فقد أظهرت الأبحاث السابقة لتشارلز يوجي أن اليابانيين والصينيين لديهم دافع وصية قوي.

أما الهنود فلديهم رغبة أشد. لكن بالنظر إلى التركيبة السكانية الشبابية للبلد، والتمويلات المقيدة للدولة وأسواق المعاشات التقاعدية الحالية غير الجيدة، فحتى المساعدات المالية المحدودة لكبار السن قد يتعين شراؤها من الجيل التالي. بالفعل، لم تعد قيم الأسرة الآسيوية قوية كما كانت في السابق.

ربما يكون الهنود استراتيجيين وعمليين بخصوص الوصية. تراهم لا يؤجلون العطاء إلى سنواتهم الأخيرة، يفعلون ذلك الآن. وأحدث مثال هو منصة «وايت هات» التي تعلم البرمجة للأطفال دون سن ال 14 عاماً مقابل نحو 4 آلاف دولار. يعتبر ذلك شكلاً من أشكال الوصية المبكرة.

إن التفاوت الصارخ في الثروة يجعل من المخاطرة توريث أي شيء بقدر أكبر من إرث العائلة في الوصية. كما جادل الاقتصاديان «توماس بيكيتي» و«إيمانويل سايز» بقوة، يجب أن تتراوح ضرائب الميراث من 50% إلى 60%، بل ويجب أن تكون النسبة أعلى للوصايا الأكبر. لذلك فإن الخيار هو إما إنفاق المال على تحسين الذات، أو منحه مبكراً إلى الأبناء.

يمكن للعاملين اليوم استخدام المال وإعادة صقل مهاراتهم للوقوف في وجه الروبوتات والبقاء في العمل لفترة أطول. لكن إنفاق نفس المبلغ على تعليم اثنين من الأبناء المراهقين قد يوفر عوائد أعلى. وربما يكون الاستثمار طويل الأجل الوحيد الذي يتفوق على صندوق مؤشر الأسهم العريض.

هذه هي خطة التقاعد التي يكافح من أجلها الهنود وربما العديد من أبناء الطبقة الوسطى في كل مكان.

* كاتب عمود في «بلومبيرج»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب عمود في «بلومبيرج»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

مقالات أخرى للكاتب