عادي

الأسهم العالمية.. عام من جنون تقلبات الانخفاضات التاريخية والارتفاعات القياسية

22:24 مساء
قراءة 9 دقائق
1

دبي: زهير العربي

من القاع إلى القمة.. ومن القمة إلى القاع.. تحركات أفقية تهبط فيها المؤشرات إلى مستويات قياسية منخفضة.. أو ترتفع فيها إلى مستويات تاريخية مرتفعة.. ومن تحركات عرضية لا يختلف فيها المكسب عن الخسارة لأنها كلها نتائج طفيفة بلا وزن.. هكذا شهدت الأسهم عاماً مجنوناً مرت فيه بالأفضل والأسوأ، في ظل جائحة «كوفيد- 19»، وتداعياتها التي هزت الاقتصاد العالمي كله.. وكانت أسواق السلع والخدمات الأكثر تأثراً.. عاماً مجنوناً لم يكن أحد يتخيله على الإطلاق يوماً ما.. حتى أيام الأزمة المالية العالمية في 2008، وحدها أسواق السلع والخدمات كانت تستقبل أخبار الوباء وتداعياته بنظرة مستقبلية خاصة، مرة تبدو متفائلة بالتحفيز واللقاح.. ومرة أخرى بنظرة متشائمة مركزة على تزايد الإصابات والموتى، ومعدل انتشار الفيروس، هو بالفعل كان عاماً استثنائياً عاشت فيه الأسواق جنون التقلبات والمستويات القياسية.

ركود اقتصادي غير مسبوق شل أكبر اقتصادات العالم.. وإغلاق كامل تراقبه قوات الشرطة والأمن لأشهر، جمد كافة نواحي الحياة على الكرة الأرضية.. وعلى الرغم من إغلاق الأعمال وفقدان ملايين الوظائف، تعافت أسواق الأسهم العالمية من الصدمة غير المتوقعة، واستغلت شراء غير مسبوق للأصول من قبل البنوك المركزية، وتراجع حالة عدم اليقين المرتبطة بالوباء، وخطط التحفيز المليارية والتريليونية التي أطلقتها كافة دول العالم في محاولة للحفاظ على مسار النمو الاقتصادي في شكل إيجابي عبر التعافي على شكل حرف v، لتختتم العام بمستويات قياسية أو مكاسب قوية ومذهلة، تماما كما بدأته بارتفاعات قياسية متتالية، لم يقطعها سوى تداعيات انتشار فيروس كورونا في شهر مارس/آذار، لتدخل بعدها المؤشرات في دائرة الجنون من الارتفاع الكبير إلى الانخفاض القاعي، ومع ذلك، تعافت الأسهم في وقت قياسي وشهدت ارتفاعًا هائلاً- حتى مع استمرار انتشار الوباء، وظهور سلالات جديدة منه أكثر انتشاراً وأشد فتكاً، لنكتشف في نهاية العام أن مؤشر «إم إس سي أي» للأسهم العالمية ارتفع بأكثر من 14% خلال العام العاصف، مسجلاً أعلى مستوى في تاريخه على الإطلاق.

في خضم معركة العالم لمواجهة تداعيات انتشار فيروس «كوفيد- 19» أطلقت البنوك المركزية والحكومات مستوى قياسياً من إجراءات التحفيز المالي والنقدي، مع قيام الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان وبنك الشعب الصيني، وغيرهم من البنوك المركزية الكبرى، بتخفيض معدلات الفائدة التي وصلت إلى مستويات صفرية غير مسبوقة، إضافة إلى شراء الأصول، لدعم الاقتصاد والأسواق المالية، ففي مارس/آذار، قام الفيدرالي الأمريكي بخفض معدل الفائدة مرتين بنحو 150 نقطة أساس إلى مستوى قياسي يتراوح بين صفر إلى 0.25%، كما أطلق برنامج التيسير الكمي بكميات غير محددة، وتعهد في اجتماعات منذ ذلك الحين باستمرار السياسة النقدية التيسيرية حتى يتعافى الاقتصاد بشكل كامل من تداعيات الوباء، كما أقر الكونجرس الأمريكي أكثر من حزمة تحفيز لدعم الاقتصاد، أبرزها الأكبر في التاريخ بنحو 2.2 تريليون دولار.

وعلى الصعيد الأوروبي، أبقى البنك المركزي الفائدة كما هي خلال الأزمة، لكنه أطلق برنامج لشراء السندات وعززه في آخر اجتماعه إلى 1.85 تريليون يورو، مشيراً إلى أنه سيظل على أهبة الاستعداد لتعديل جميع أدواته، حسب الحاجة في سبيل دعم اقتصاد منطقة اليورو، فيما أقر الاتحاد الأوروبي خطة تحفيز مالي باسم «صندوق التعافي» التي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو، من أجل أن ينتعش الاقتصاد من الركود الناجم عن الوباء.

وبشكل عام، كانت نتائج الانتخابات الأمريكية بفوز جو بايدن أحد الأسباب الداعمة لمكاسب الأسهم العالمية، لكن تبقى تطورات لقاح كورونا أبرز العوامل التي أنعشت الأسواق كونها تمهد لنهاية أزمة صحية غير مسبوقة دمرت العالم؛ حيث أسهم توالي الإعلان عن العديد من اللقاحات على رأسهم «فايزر وبيونتك»، و«موديرنا» و«أكسفورد وأسترازينكا» في تعزيز شهية المخاطرة لدى المستثمرين خاصة مع الكشف عن نسبة فاعلية عالية للغاية بنحو 95%.

توقعات 2021

أما بالنسبة لتوقعات 2021، يبشر بتوزيع لقاح كورونا على نطاق واسع، وإدارة جديدة للولايات المتحدة، إلى جانب استمرار تعافي النشاط الاقتصادي ومعدلات الفائدة المنخفضة، كل هذه العوامل تدعم ارتفاع الأسهم العالمية في العام الجديد.

«وول ستريت»

ساهمت هذه الإجراءات في مكاسب قوية للأسهم الأمريكية بعد أن شهدت موجة بيعية خلال ذروة كورونا، حيث ارتفع «ستاندرد آند بورز» بنحو 70% منذ القاع المسجل في مارس/آذار، لينهي هذا العام بارتفاع سنوي قياسي بنحو 16.3% (بنهاية جلسة 31 ديسمبر)، وفصليا وصلت أرباحه إلى 11.1%، كما أنهى «داو جونز» العام الجاري بمكاسب 7.2%، وأرباح فصلية قدرها 10%، لكنه أعلى بنحو 67% من القاع المسجل هذا العام، بينما كان مؤشر «ناسداك» أول من استعاد مستوياته القياسية بعد صدمة الوباء، بقيادة أسهم التكنولوجيا التي استفادت بشكل كبير من أوامر البقاء في المنزل خلال الجائحة، حيث ارتفع المؤشر التكنولوجي بأكثر من 93% منذ أدنى مستوى مسجل هذا العام، كما حقق مكاسب سنوية بنسبة 43.6%، وهي أكبر زيادة سنوية منذ 2009، كما ارتفع بنسبة 13.7% في الربع الأخير.

وفي جلسة نهاية العام، صعد المؤشر داو جونز الصناعي 196.92 نقطة، بما يعادل 0.65% إلى 30606.48 نقطة، وأغلق المؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعاً 24.03 نقطة، أو 0.64%، إلى 3756.07 نقطة، وزاد المؤشر ناسداك المجمع 18.28 نقطة، أو 0.14%، إلى 12888.28 نقطة.

ويتوقع المحللون ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز» الأمريكي بنسبة 14% بحلول نهاية عام 2021؛ حيث يشير استطلاع «سي إن بي سي» لعدد من المحللين أن الأسهم الأمريكية ستستمر في الارتفاع حتى عام 2021، مع صعود «ستاندرد آند بورز» بين 8 و 22% في العام المقبل من مستوياتها الحالية؛ حيث يقف عند 3700 نقطة.

الأسواق الأوروبية

حقق مؤشر الأسهم الأوروبية «ستوكس 600» بنهاية 2020 مكاسب تقارب 50% منذ هبوطه الحاد خلال مارس/آذار، لكنها لم تكن كافية لينهي العام في النطاق الأخضر؛ حيث سجل خسائر سنوية بنحو 4%؛ حيث أغلقت الأسهم الأوروبية على انخفاض أمس الأول الخميس، منهية عام 2020 على تراجع؛ إذ تأثرت المعنويات في آخر جلسات التداول هذا العام بفعل تشديد القيود المرتبطة بفيروس كورونا في بريطانيا وزيادة رسوم جمركية أمريكية على بعض المنتجات الأوروبية، وكانت أحجام التداول ضئيلة وسط غياب الكثير من المتعاملين وإغلاق أغلب البورصات الأوروبية الرئيسية باستثناء لندن ومدريد وباريس.

وسجل المؤشر ستوكس 600 الأوروبي نزولا قدره 3.7% في 2020، متخلفاً عن نظرائه في آسيا وفي وول ستريت الذين جرى التداول عليهم قرب مرتفعات غير مسبوقة؛ إذ ضغطت زيادة الإصابات بفيروس كورونا والمخاوف من خروج فوضوي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الأسواق في القارة.

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال المؤشر على بعد 7% فقط من أعلى مستوياته على الإطلاق، مع ارتفاع الرهانات على تعاف أقوى في 2021 بدعم توقعات بمزيد من التحفيز وتوزيع لقاحات فيروس كورونا وإبرام اتفاق تجارة مرتبط بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وفي نهاية جلسة آخر العام التي فيها جرى خفض ساعات التداول، هبط المؤشر فايننشال تايمز 100 في لندن 1.5% وتراجع المؤشر كاك 40 في باريس 0.9% ونزلت الأسهم الإسبانية 14%، وكان المؤشر داكس الألماني قد أنهى 2020 على ارتفاع 3.5%، ليكون غير بعيد عن أعلى مستوياته على الإطلاق، مدعوما بقوة الطلب على أسهم التكنولوجيا وتحسن توقعات النمو بالنسبة للصين الشريك التجاري الرئيسي.

ويرى المحللون في «سيتي جروب» أن مؤشر «ستوكس 600» سيرتفع بنسبة 4% العام المقبل.

الأسهم الآسيوية

 وفي آسيا، أغلق المؤشر نيكاي الياباني منخفضاً في آخر يوم تداول هذا العام، ليتراجع عن أعلى مستوى سجله في أكثر من ثلاثين عاماً الذي بلغه في الجلسة السابقة؛ حيث جنى المستثمرون الأرباح، لكنه سجل مكاسب للعام الثاني على التوالي.

وانخفض نيكاي 0.45% إلى 27444.17 نقطة يوم الأربعاء الماضي بعدما أنهى الجلسة السابقة عند أعلى مستوى منذ 16 أغسطس/آب 1990، وانخفض المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.8% إلى 1804.68 نقطة متراجعاً عن أعلى مستوى منذ أكتوبر/تشرين الأول 2018 الذي سجله أمس الثلاثاء.

وبالنسبة للأداء السنوي، صعد نيكاي 16% مقارنة مع ارتفاع 18.2% في 2019؛ حيث استفاد من إجراءات البنك المركزي بتعزيز الحد الأقصى لسندات الشركات التي يقوم بشرائها بنحو ثلاثة أمثال إلى 20 تريليون ين (186 مليار دولار)، من أجل إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة وسط محاولات مكافحة تفشي كورونا، وارتفع المؤشر بنحو كما وارتفع المؤشر توبكس بنحو 4.8% في 2020 مقارنة مع ارتفاع يتجاوز 15.2% في العام السابق.

ويتوقع محللو سوق الأسهم في معهد «توكاي طوكيو» للأبحاث أن مؤشر «نيكاي» الياباني الذي أنهى 2020 عند مستوى 27444 نقطة سيصل إلى 30 ألف نقطة بحلول نهاية العام المقبل.

وفي بكين، سجل المؤشر الصيني المركب «شنجهاي» مكاسب سنوية بنحو 11%، بدعم إجراءات البنك المركزي الصيني والحكومة في الدولة التي ضربها الوباء أولاً.

بورصة السعودية الأفضل أداء بالمنطقة.. و«المصرية» الأسوأ

أنهت الأسهم السعودية عام 2020 على ارتفاع، في أفضل أداء وسط بورصات الشرق الأوسط في عام عصفت به الجائحة، وذلك بدعم من تعاف لأسعار النفط، وقوة التدفقات، بينما كانت الأسهم المصرية الأكثر نزولاً في المنطقة.

وكانت أسهم الشرق الأوسط نزلت بما بين 13%، و36% في الربع الأول من العام، إذ زادت المخاوف من ركود عالمي نتيجة انتشار «كوفيد-19»، وحرب أسعار نفط بين المنتجين الكبيرين السعودية، وروسيا.

لكن الأسواق عوضت بعضاً من خسائرها على خلفية دعم اقتصادي من الحكومات وتعافي أسعار النفط، وإحراز تقدم على صعيد تطوير لقاحات لكوفيد-19.

وأغلق المؤشر السعودي على انخفاض 0.8% الخميس، لكنه زاد 3.6% في 2020 ليسجل خامس مكسب سنوي له على التوالي.

وقال جويس ماثيو محلل الأبحاث لدى المتحدة للأوراق المالية: «وضع الأسواق الناشئة، وإتاحة شركات بحجم وانكشافات على قطاعات مختلفة جذبا الأجانب، في حين قدم المستثمرون من الأفراد ومن المؤسسات المحلية للسوق السعودية سيولة كانت في حاجة شديدة إليها».

وهبط المؤشر القياسي المصري 0.2%، وسجل خسارة سنوية 22.3%، وقالت رضوى السويفي، من فاروس للأبحاث، إن أداء أسهم البلاد كان الأسوأ في المنطقة بسبب المخاوف حيال إجراءات الإغلاق المرتبطة بفيروس كورونا التي طغت على أرباح جيدة لأغلب الشركات.

وانخفضت البورصة الكويتية التي كانت الأفضل أداء في المنطقة العام الماضي، 0.1%، مسجلة خسارة سنوية 13.3%، ونزل المؤشر البحريني 7.5% في 2020 ليسجل أول تراجع سنوي في خمس سنوات، في حين فقد المؤشر العماني 8.1% على أساس سنوي، في رابع خسارة سنوية على التوالي.

بورصة نيويورك تبدأ إلغاء إدراج 3 شركات اتصالات صينية

بدأت بورصة نيويورك عملية إلغاء إدراج أوراق مالية لثلاث شركات اتصالات صينية، بعد أن حظر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي القيام باستثمارات أمريكية في شركات صينية تقول واشنطن إن الجيش يملكها أو يسيطر عليها.

يأتي تحرك بورصة نيويورك عقب حذف شركات مؤشرات الأسواق العالمية إم.إس.سي.آي وستاندرد آند بورز وداو جونز للمؤشرات وفوتسي راسل وناسداك عدة شركات صينية من مؤشراتها.

وقالت بورصة نيويورك إن جهات الإصدار، تشاينا تليكوم كوربوريشن ليمتد وتشاينا موبايل ليمتد وتشاينا يونيكوم (هونج كونج) ليمتد لم تعد مناسبة للإدراج إذ إن أمراً تنفيذياً يحظر أي تعاملات في أوراق مالية «مصممة لتوفير انكشاف استثماري على أوراق مالية مماثلة، لأي شركة عسكرية شيوعية صينية، من جانب أي شخص أمريكي».

وأثر الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب في نوفمبر/ تشرين الثاني على بعض كبرى الشركات الصينية.

وأدانت الصين ذلك الحظر، وقال مديرو صناديق إنه قد يفيد المستثمرين غير الأمريكيين القادرين على شراء الأسهم.

وقالت بورصة نيويورك إنها ستعلق التداول على الأسهم إما في السابع أو الحادي عشر من يناير/ كانون الثاني. ومن حق جهات الإصدار مراجعة القرار. وشركات الاتصالات التي حددتها بورصة نيويورك مدرجة أيضاً في هونج كونج.

وتتعرض تشاينا تليكوم لهجوم من لجنة الاتصالات الاتحادية الأمريكية التي قالت في ديسمبر/ كانون الأول إنها بدأت عملية لإلغاء ترخيص الشركة بالعمل في الولايات المتحدة، ولم يتسن الوصول إلى الشركات للحصول على تعليق نظراً لأن الصين في عطلة عامة.

(رويترز)

محطات

مرت الأسهم العالمية خلال 2020 بمحطات جنونية كانت شاهدة على تراجعات تاريخية وارتفاعات قياسية غير متوقعة، في التفاصيل التالية نرصد لكم أبرز المحطات.

12 مارس/آذار:

فقد مؤشر «إس آند بي» 9.5% من قيمته، كما هبط «داو جونز» 9.9%، ليسجل المؤشران أكبر تراجع يومي منذ 1987، وخلال اليوم نفسه، تراجع مؤشر «ستوكس 600» للأسهم الأوروبية 11.5%، ليسجل أكبر وتيرة هبوط يومي في تاريخه.

16 مارس/آذار:

هبط مؤشر «داو جونز» 12.9%، كما نزل مؤشر «ناسداك» 12.3% بأكبر وتيرة يومية على الإطلاق.

24 مارس/آذار:

ارتفع مؤشر «داو جونز» 11.4%، ليحقق أكبر مكاسب يومية منذ 83 عاماً.

إبريل/نيسان:

كان هذا الشهر بمثابة بداية انطلاق التعافي السريع للأسهم العالمية من صدمة الوباء.

نوفمبر/تشرين الثاني:

سجل مؤشر «ستوكس 600» للأسهم الأوروبية أكبر مكاسب شهرية على الإطلاق بنحو 13.7%، كما حقق مؤشر «داو جونز» مكاسب بنحو 11.9% خلال الفترة نفسها، مسجلاً أكبر صعود شهري منذ يناير/كانون الثاني لعام 1987.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"