عادي

لوائح إرهاب وحظر عربية ودولية تلاحق جماعة «الإخوان»

00:49 صباحا
قراءة 7 دقائق
1

بدأ الخناق القانوني يضيق على جماعة «الإخوان» الإرهابية في مختلف دول العالم، وسنت عواصم عربية تشريعات تقضي بتشديد الحظر على هذه الجماعة المتطرفة، بالتزامن مع حملات إعلامية وسياسية ومشاريع قوانين في عواصم غربية تحذر من تغلغل الجماعات المتطرفة وما تمثله من تهديد لاستقرار المجتمعات. وبناء على تحقيقات ووقائع وأحداث، شرعت دول أوروبية عدة في إحداث تغيرات كبيرة تذهب باتجاه تقييد حركة تنظيم «الإخوان» إلى حد كبير، وسط ضغوط من قوى مدنية؛ لإغلاق كيانات غير شرعية تتخذ من الدين ستاراً و«الجمعيات الخيرية» قنوات، يتم من خلالها إدارة نشاطات غير قانونية، وأشكال كثيرة من دعم الإرهاب. وساهمت تحقيقات استخباراتية وإعلامية، عام 2020، في كشف شبكات متشعبة لجماعة «الإخوان» تضم مئات المؤسسات والمساجد وآلاف القيادات في القارة الأوروبية، وتصنف في معظم دول القارة وخاصة ألمانيا على أنها «معادية للديمقراطية والدستور»، وسط مطالبات شعبية وحزبية بحظرها، وطرد عناصرها إلى خارج الحدود.

مثلما توحي الإجراءات القانونية الحاسمة والمبادرات التشريعية المتعددة، فإن هناك وعياً بأن هذه الجماعة المتطرفة تشكل تهديداً قائماً وأن خطرها لم ينتهِ على الرغم من ضعفها وتشتت فلولها في موطنها الأصلي مصر بعد ثورة يونيو/حزيران 2013 وإطاحة النظام «الإخواني». ولكن الجماعة المنتشرة في نحو 70 دولة تحت شعارات وعناوين ويافطات حزبية واضحة ومموهة، تحاول أن تستعيد نشاطها وإحياء مشروعها التدميري. وتبين دراسات عدة وحقائق على الأرض، أن هذه الجماعة تتخذ من الدين غطاء لاستثماراتها، ولا علاقة لذلك بتطلعات الناس في عقائدهم وعباداتهم، وتم في هذا السياق استغلال جمعيات خيرية أسوأ استغلال، وتوظيفها بصورة انتهازية؛ للتلاعب بعقول ومشاعر الأفراد حتى يصبحوا جزءاً من المنظومة الشريرة التي ترمي إلى أهداف سياسة صرفة لا علاقة لها بمزاعم الإصلاح والوعظ والإرشاد.

الإمارات.. مواقف مبدئية

دولة الإمارات العربية المتحدة التي كانت سبّاقة في التحذير من خطر التطرف، وتسهم بفاعلية في مكافحته، واتخذت إجراءات ومبادرات ضد التطرف، أقامت منذ سنوات، مراكز ومراصد، وقدمت مبادرات؛ لمكافحة التطرف انطلاقاً من مبدأ رفض التطرف وخطابات الكراهية، من ذلك: المجهود الجبار الذي يؤديه «مركز تريندز للبحوث والاستشارات في أبوظبي»؛ حيث يقيم المؤتمرات والندوات، ويصدر الكتب القيمة، بلغات عدة؛ لفضح أسس واستراتيجيات الجماعات الإرهابية؛ مثل: «الإخوان» و«داعش» و«القاعدة» وغيرها، وقد أسهم هذا الجهد في إنارة الرأي العام، ومقارعة الفكر المتطرف بالحجة والبينة. كما يقوم مركز «صواب»، الذي أطلقته الإمارات بالتعاون مع الولايات المتحدة، بدور جوهري؛ عبر مبادراته المتعددة والداعمة للجهود الدولية في الحرب على التطرف والإرهاب، وقد حشد هذا المركز، عبر التفاعل الإلكتروني، أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممن يقفون ضد الممارسات الإرهابية والأفكار الكاذبة والمضللة. كما تحتضن الدولة مركز «هداية»؛ لمكافحة التطرف العنيف الذي يسهم بدور فعّال أيضاً في نبذ التطرف ودعم ضحايا الإرهاب.

وانسجاماً مع الايمان بمبادئ التعايش والتسامح والاعتدال، وتأكيداً لحماية المجتمعات من التطرف؛ جددت الدولة، عبر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي مؤخراً، التأكيد على أن الموقف الرسمي من الفرق والجماعات والتنظيمات، هو موقف ولاة الأمر في الدولة، وأن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعواه. ونوه المجلس، خلال اجتماع «عن بُعد» في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي برئاسة العلامة الشيخ عبدالله بن بيّه، ببيان هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، والذي يشيد بالمكانة العظيمة التي توليها الشريعة للوحدة والتحذير من الفرقة والفرق الخارجة عن إجماع الأمة. وأعلن المجلس عن تأييده الكامل للبيان الصادر عن هيئة كبار العلماء والذي يأتي مؤكداً لما سبق أن صدر عن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وحكومة المملكة العربية السعودية من اعتبار جماعة «الإخوان» تنظيماً إرهابياً؛ وذلك لما عرف عن هذه الجماعة من منازعة لولاة الأمور وشق عصا الطاعة وما خرج من عباءتها من جماعات التطرف والعنف.

السعودية.. فتوى في وقتها

الخطوة السعودية في التصدي للجماعات المتطرفة، جاءت في وقتها، وأكدت دور المملكة في مكافحة التطرف العنيف. كما كان بيان هيئة كبار العلماء حاسماً في أن جماعة «الإخوان» جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي الدين الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب. والحقيقة إن ذلك البيان كان واضحاً في كشف مثالب الجماعة المتطرفة التي تبث الشّبه والأفكار الهدامة؛ لضرب وحدة الصف حول ولاة أمور المسلمين، وتعمل على ذلك بتأسيس جماعات ذات بيعة وتنظيم. ومعلوم أن هذا التصرف مخالف لأسس الشريعة و«محرم بدلالة الكتاب والسنة». وتوضح الهيئة، في بيان، أنه في «طليعة هذه الجماعات التي نحذر منها جماعة «الإخوان»؛ فهي جماعة منحرفة، قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد، ووصف المجتمعات الإسلامية بالجاهلية، ومنذ تأسيس هذه الجماعة لم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم، ومن ثم كان تاريخ هذه الجماعة مملوءاً بالشرور والفتن، ومن رَحِمها خرجت جماعاتٌ إرهابية متطرفة عاثت في البلاد والعباد فساداً مما هو معلوم ومشاهد من جرائم العنف والإرهاب حول العالم، داعية الجميع إلى الحذر من هذه الجماعة، وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها».

وعي أوروبي بخطر «الإخوان»

وترتبط الإجراءات التي تتخذها دول عربية مع خطوات في الغرب؛ لفضح «الخلايا النائمة» للجماعات الإسلام السياسي، خصوصاً بعد أن وجدت هذه الجماعات ومنها تنظيم «الإخوان» في أوروبا والولايات المتحدة حاضنة آمنة ساعدت على تغولها وتوسع مخاطرها. وإزاء عدد من العمليات الإرهابية، وبعد الكشف عن مخططات إجرامية بدأت تتوالى المبادرات التشريعية؛ للتصدي المبكر لهذه التهديدات. فقد اقترح تقرير برلماني فرنسي 44 إجراءً؛ لمواجهة التطرف الذي بات يشكل، كما يقول، تهديداً لقيم الجمهورية، ومن بين تلك الإجراءات منع دعاة التطرف من دخول البلاد. ويرى التقرير، الذي أعدته لجنة تحقيق تابعة لمجلس الشيوخ الفرنسي في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، أن «الإسلاموية المتطرفة متعددة الأشكال، وتتسلل إلى مناحي الحياة الاجتماعية كافة، وتسعى إلى فرض قيم جديدة على المجتمع، بحجة الحرية الفردية». وضمن المبادرة تم طرح تدابير عدة؛ مثل منع منظري جماعة «الإخوان» من الدخول إلى فرنسا، ومحاربة الوجود المتطرف داخل بنى الدولة ومؤسساتها، لا سيما في إطار المدارس العامة والخاصة والجمعيات والنوادي الثقافية والرياضية. وفي هذا السياق، تقول عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جاكلين أوستاش برينيو: إن أعضاء مجلس الشيوخ يعملون على تشريع يصنف جماعة «الإخوان» تنظيماً إرهابياً.

وبدفع من هذه المطالب؛ أخضعت الحكومة الفرنسية عدداً من المنظمات التابعة لتنظيم «الإخوان» في فرنسا للتحقيق، ودعا المشرعون الفرنسيون إلى منع الأشخاص المنتمين ل«الإخوان» من إلقاء الخطب في المساجد.

بريطانيا وسويسرا والنمسا

وفي بريطانيا، أصبحت هناك صحوة ضد الأفكار المتطرفة، ففي التاسع من فبراير/ شباط الماضي، شدد أعضاء مجلس العموم على ضرورة حظر تنظيم «الإخوان»؛ لما يشكله من خطر واضح على أمن المملكة المتحدة. ودعا النائب في الحزب الوحدوي الديمقراطي الأيرلندي إيان بيزلي إلى ضرورة التعامل مع الخطر الذي يشكله تنظيم «الإخوان»، قائلاً: «يجب على الحكومة المضي قدماً في حملة حظر «الإخوان»، الذين ينشرون الكراهية في المجتمعات.

ولا يختلف الأمر في دول أخرى، فقد تزايدت الضغوط على الحكومة السويسرية؛ لمكافحة نشاطات «الإخوان» الإرهابية. وفي أوخر سبتمبر/ أيلول، قدمت النائبة عن الحزب الديمقراطي المسيحي مارياني بيندر استجواباً في البرلمان حول أنشطة «الإخوان» في سويسرا. ويأتي هذا الاستجواب في ظل تساؤلات عن التمويل الخارجي ل«الإخوان» وغسل الأموال.

وفي النمسا، تخطط السلطات لاتخاذ حزمة جديدة من التدابير؛ لتضييق الخناق على التنظيمات المتطرفة بعدما يقرب من شهرين من هجوم فيينا الدامي. ومن بين الإجراءات، ما يعرف ب«المراقبة الإلكترونية» لجميع الإرهابيين المدانين ممن أطلق سراحهم قبل الأوان من السجن، ويمكن أن تأخذ هذه المراقبة شكل أصفاد الكاحل المعروفة. كما تشمل الإجراءات، وفق التقارير المحلية، وإمكانية إغلاق المساجد التي تحتضن متطرفين أو تروج للفكر المتطرف، كما تلزم الجمعيات والمنظمات والمساجد بتقديم سجل مالي دوري؛ من أجل رصد أي تمويلات أجنبية ومنعها. ويأتي هذا التطور بعدما شنت الشرطة، الشهر الماضي، حملة مداهمات في 4 ولايات اتحادية، بينها فيينا، استهدفت أشخاصاً وجمعيات مرتبطة ب«الإخوان» الإرهابية.

تحرك أمريكي مطلوب

الوعي بخطورة تنظيم «الإخوان» لم يتوقف عند أوروبا، وإنما تعداها إلى الولايات المتحدة؛ حيث هناك محاولات في مجلس الشيوخ لإدراج الجماعة ضمن لائحة الإرهاب. فقد قدم السيناتور الجمهوري تيد كروز، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، مشروع قانون، بالتعاون مع أعضاء آخرين بالمجلس، لتصنيف جماعة «الإخوان» المسلمين ك«منظمة إرهابية». 

ويقول السيناتور كروز: أنا فخور بإعادة طرح هذا القانون، ولتعزيز حرب أمريكا ضد الإرهاب المتطرف. أثني على عمل الإدارة الحالية في تسمية الإرهاب باسمه ومحاربة انتشار هذا التهديد المحتمل، وأتطلع إلى تلقي المعلومات الإضافية التي يتطلبها هذا القانون الجديد من وزارة الخارجية. ويضيف: لقد خلص العديد من أقرب حلفائنا في العالم العربي منذ فترة طويلة إلى أن جماعة «الإخوان المسلمين» هي جماعة إرهابية تسعى إلى بث الفوضى في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وسأواصل العمل مع زملائي؛ لاتخاذ إجراءات ضد الجماعات التي تمول الإرهاب. ويرى مراقبون أن التحرك الأمريكي سيكون حاسماً، فيما يأمل مشرعون أمريكيون وأوساط سياسية أن تتحرك الولايات المتحدة بقوة ضد تطرف «الإخوان» وتصنفها منظمة إرهابية؛ لأن ذلك فعلاً «سيجعل العالم اكثر أماناً»، ويقطع شوطاً كبيراً في محاربة التطرف.

تونس المدنية  تحاصر ممثل «الإخوان»

تنخرط منظمات المجتمع المدني والأحزاب في تونس في معركة ضد الفكر المتطرف الذي تقوده حركة «النهضة»؛ الممثل السياسي لجماعة «الإخوان» الإرهابية، وسط تحذيرات من السيطرة على المؤسسات الدينية. وفي هذه المعركة يسطع نجم زعيمة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي التي تخوض تحركات في المحافظات ضد تيارات «الإسلام السياسي»، رأى فيها متابع حصاراً على «الإخوان» وإضعافاً لوزنهم السياسي. وتتمتع موسي وحزبها بنسب عالية في استطلاعات الرأي، وصنفت شركة «سيجما كونساي» الحزب الدستوري الحر كأبرز حزب في البلاد بنسبة رضا بلغت 35% من استجوابات التونسيين.

 وأعلنت موسي «إيداع مشروع لائحة في البرلمان للتصويت على اعتبار التنظيم الدولي ل«الإخوان» تنظيماً إرهابياً مستوجباً لتصنيفه من الحكومة كمنظمة محظورة وسحب التصنيف على كل هيكل جمعياتي أو حزب سياسي داخل تونس له ارتباط به واتخاذ الإجراءات القانونية ضده».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"