العراق ينوء بتدخلات الخارج

00:36 صباحا
قراءة 3 دقائق

حافظ البرغوثي

تمر القيادة الإيرانية في لحظة توتر غير مسبوقة نتيجة التهديدات الأمريكية والحشد البحري في منطقة الخليج، وهي تتوقع ضربة من الرئيس الأمريكي ترامب قبل انتهاء ولايته الشهر الجاري. والتزمت إيران لغة التهدئة، لكنها تركت لحلفائها في العراق من الميلشيات مهمة التهديد والوعيد ما ترك رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في مأزق لا يحسد عليه وهو يكافح أزمات داخلية متلاحقة منها الاقتصادي والأمني، ثم الأزمة مع إقليم كردستان حول الميزانية والنفط، إضافة إلى الحراك الشعبي ضد الفساد، وعودة تنظيم «داعش».

 ومع ازدياد التوتر بين طهران وواشنطن ومحاولة حكومة الكاظمي ملاحقة مطلقي الصواريخ على السفارة الأمريكية خرج تهديد صريح موجه لرئيس الوزراء العراقي؛ حيث كتب أحد قادة «حزب الله» العراقي: «ندعو الكاظمي أن لا يختبر صبر المقاومة بعد اليوم، فالوقت مناسب جداً لتقطيع أذنيه كما تقطع آذان الماعز».

ويأتي تهديد الميليشيات مع الذكرى الأولى لاغتيال الجنرال قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس، في مطلع يناير/كانون ثاني من العام الماضي قرب مطار بغداد. وحاول الكاظمي احتواء الموقف بإيفاد مستشاره أبو جهاد الهاشمي إلى طهران، واعتبر الإيرانيون الزيارة روتينية، لكن الناطق باسم الخارجية الإيرانية خطيب زاده، أشار إلى أن بلاده «ترفض أي اعتداء على الأماكن الدبلوماسية والسكنية».

 فالكاظمي الذي ينام في عش الدبابير لم يحرك ساكناً ضد من هدده بقطع أذنيه لأنه يعلم مدى قوة الحشد الشعبي الذي يعمل خارج نطاق الشرعية الحكومية على الرغم من ضمه اسمياً إلى الجيش العراقي. وكانت أرتال من التحالف الأمريكي تعرضت لهجمات متوالية بالقنابل والصواريخ من قبل مجهولين في العراق، إضافة إلى قصف السفارة الأمريكية، ما دفع الرئيس ترامب، إلى توجيه تحذير صريح من أنه في حالة مقتل أي أمريكي فإنه سيرد بقوة وهذا ما جعل لهجة بعض أجنحة الميليشيات في العراق تتسم بالتهدئة مثلها مثل لهجة طهران.

 وأكد الكاظمي، أن أمن بلاده أمانة في عنق الحكومة، وأنها لن تخضع للمغامرات، كما وعد بالاستعداد «للمواجهة»، وأضاف أن حكومته «تعمل بصمت وهدوء على إعادة ثقة الشعب والأجهزة الأمنية والجيش بالدولة، بعد أن اهتزت بفعل مغامرات الخارجين على القانون».

 فوجود الميليشيات التي باتت لها مغانمها الخاصة في العراق، إضافة إلى ولائها لإيران تعقد مهمة الكاظمي في محاربة الفساد من جهة، وإدخال إصلاحات داخلية من جهة ثانية؛ حيث عمدت الميليشيات إلى قتل المتظاهرين والنشطاء واختطافهم، كما أن الحكومة العراقية تعاني عدم قدرتها على صرف الرواتب أو معالجة مشكلة انقطاع الكهرباء بسبب توقف ضخ الغاز الإيراني. وقد حاول الكاظمي منذ البدء أن يفتح صفحة جديدة بزيارة طهران في يوليو/تموز الماضي، لكن نتائج الزيارة لم تثمر كما كان يشتهي. 

وحاول الكاظمي، تهدئة جاره التركي وقام بزيارة إلى أنقرة ربما لوقف التدخل العسكري في شمالي العراق وطلب العون في كبح جماح «داعش» في العراق لعلمه بأن تركيا ما زالت على صلة وثيقة مع «داعش»، كما بحث الوضع المائي في العراق نتيجة للسدود التركية على منابع النهرين، لكن الرئيس التركي طلب منه محاربة حزب العمال التركي في العراق. 

 فتركيا ما زالت تمارس نفوذها العرقي في كركوك لوجود أقلية تركمانية، كما أنها تعتبر العراق سوقاً مثالية لصادراتها التي تبلغ 17 مليار دولار سنوياً، بينما إيران تصدر للعراق ما قيمته ستة مليارات دولار. ويحاول الكاظمي، إعادة ترتيب الدولة العراقية في هذا الخضم من الأزمات بالانفتاح على جواره العربي الخليجي والأردني والمصري، وكذلك مع روسيا والصين، لكن مع التدخلات الإقليمية والدولية تبدو مهمته صعبة جداً في المدى المنظور على الأقل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"