عادي

التمارين الرياضية.. تعزز التمثيل الغذائي

21:13 مساء
قراءة 4 دقائق
1

توصلت دراسة أجريت على الفئران والبشر إلى أن ممارسة التمارين الرياضية المكثفة تعزز التواصل بين عضلات الهيكل العظمي والأنسجة الدهنية، وتضبط التمثيل الغذائي، وتحسّن الأداء العام ووظائف الأعضاء. وقد يؤدي هذا الاكتشاف الحديث إلى تطوير علاجات ناجعة للأمراض الأيضية المرتبطة بالشيخوخة والسمنة.

اكتشف باحثون في البرازيل أن ممارسة التمارين الهوائية «Aerobic exercise» تؤدي إلى إطلاق الجزيئات المرسلة للإشارات في مجرى الدم، مما يحرر المزيد من الطاقة لاستخدامها من قبل العضلات.
ووجد بحث سابق أن الشـــيخوخة والسمنة تضعــــــفان إنتـــــــاج الجزئيات المرسلة للإشــارات، والمعــروفــة باســم الحــمــض الريبــــوزي النــــووي الـــميكروي أو «الميكرو آر إن إيـــه» «microRNA»، الأمــــــر الذي يــزيد من احتــــمـــــاليـــة الإصـــــابة بأمـــــــراض التمـــــــثيل الغـــــذائـــــــــي مثل الســـــكــــري وفـــــرط شــحمــيات الــدم أو فـــرط بروتيــــنات الدم الشــحـــمــية، وكذلك ارتفاع مســتويات الكوليسترول في الدم.
والخبر السار هو أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام قد يساعد في تجنب هذه المشاكل الصحية عبر تكثيف إنتاج مجموعة معينة من «الميكرو آر إن إيه». ونشر البحث الجديد في مجلة «Proceedings of the National Academy of Sciences»، التابعة لـ «الأكاديمية الوطنية للعلوم» في الولايات المتحدة.
تمارين المشي
وتعـاون مارسيلو مــوري، وزملاؤه في معـهد البيولوجـــــيا التابع لجامــعة «كامبيناس» في ساو باولو بالبرازيل مع مجمـــــوعة من الباحثين من جامـعتي «كوبنهاجــن» في الدنمارك و«هارفارد» في كامبريدج بولاية ماساتشوستس الأمريكية، لإجراء سلسلة من التجارب الطبية؛ حيث بدأوا بوضع الفئران على جهاز المشي لمدة 60 دقيقة يومياً لمدة 8 أسابيع. وعندما أصبحت الفئران أكثر لياقة، زاد الباحثون من سرعة جهاز المشي ومستوى انحداره.
وفي نهاية البرنامج التدريبي، وجد الباحثون زيادة كبيرة في مستويات إنتاج بروتين يسمى «دايسر» أو «DICER» في الخلايا الدهنية للحيوانات. وارتبطت هذه الزيادة بانخفاض وزن الفئران وكمية الدهون الحشوية في بطونها.
و«دايسر» هو إنزيم يسمح للخلايا الدهنية أو الخلايا الشحمية بتكوين جزئيات الميكرو آر إن إيه، والذي بدوره يوفر المزيد من الطاقة للعضلات.
وعندما كرر العلماء التجربة على الفئران المعدلة وراثياً والتي لم تكن قادرة على إنتاج أي من بروتينات دايسر في خلاياها الدهنية، لم تستفد الفئران كثيراً من برنامج التدريب.
وقال مارسيلو موري في ذلك: «لم تفقد الحيوانات الوزن أو الدهون الحشوية، ولم تتحسن لياقتها البدنية العامة».
ويبدو أن الخلايا الدهنية في الفئران المعدلة وراثياً فشلت في إمداد عضلاتها بالوقود الأيضي الإضافي الذي تحتاج إليه أثناء التمرينات الشاقة. ويشير موري إلى أنه من دون بروتين دايسر، تستهلك الخلايا الدهنية المزيد من الجلوكوز أثناء التمرين، مما يترك طاقة أقل للعضلات. وهذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى نقص السكر في الدم أو انخفاض مستوياته. وبالنسبة للرياضيين، فإن ذلك سيحد من قدرتهم على بذل أقصى جهد لديهم.
تدريبات مكثّفة
وبالنسبة للمتطوعين من البشر الذين خضعوا لتدريبات رياضية مكثّفة متقطعة لمدة 6 أسابيع، سجّل الباحثون زيادة بمعدل 5 أضعاف في كمية بروتينات دايسر في أنسجتهم الدهنية.
وعززت التمارين من مستويات دايسر لدى المشاركين الأصغر سناً الذين كان متوسط أعمارهم 36 عاماً، وكذلك لدى المشاركين الأكبر سناً، والذين بلغ متوسط أعمارهم 63 عاماً. ومع ذلك، كان هناك اختلاف كبير بين الأفراد، مما قد يساعد في تفسير سبب استفادة بعض الأشخاص من التمرين أكثر من غيرهم.
وللتأكد من أن الدهون والعضلات كانت تتواصل عبر الجزيئات المرسلة للإشارات في مجرى الدم، حقن الباحثون مصل دم من فأر خضع لبرنامج التمرين في فأر لم يشارك في التمارين. وأدى حقن هذا المصل إلى زيادة في إنتاج بروتينات دايسر في الأنسجة الدهنية للمتلقي.
ويوضح موري: «تشير هذه النتيجة إلى أن الأفراد الذين خضعوا لبرنامج التدريب لديهم جزيء واحد أو أكثر في مجرى الدم، الأمر الذي يؤدي مباشرة إلى تحسين عملية التمثيل الغذائي في الأنسجة الدهنية».
ويضيف: «في حال تمكنّا من تحديد هذه الجزئيات المرسلة للإشارات، يمكننا بعد ذلك التحقق مما إذا كانت تحفّز فوائد أخرى للتمارين الهوائية مثل تحسين صحة القلب. وعلاوة على ذلك، قد نفكر في تحويل المعرفة إلى عقار طبي في مرحلة ما».
وبالفعل، اتخذ الفريق خطوة في هذا الاتجاه، وذلك من خلال حصر الاحتمال في جزيء «ميكرو آر إن إيه» معيّن يسمى «miR-203-3p».
ووجـد العلمــــاء أنــه عـــندما تســـتهلك العضلات جميع مخزون الجلوكوز الخاص بها أثناء التمرينات المطولة، فإن جزيء «miR-203-3p» يبعث بإشارات إلى الأنسجة الدهنية لتوفير المزيد من الطاقة للعضلات.
وقال موري: «وجدنا أن هذه المرونة الأيضية ضرورية لتعزيز الصحة وتحسين الأداء الجسدي».

تحديد السعرات الحرارية

من المــــــثير للاهتمام أن الأبحاث السابقة علــى الفئران وجــدت أن تقـــييد معدل السعرات الحرارية التي تتناولها الحيوانات تزيد من إنتاج جزيء «miR-203-3p».
كما تشير الدلائل المستمدة من الأبحاث التي أجريت على الحيوانات وبعض الدراسات التي أجريت على البشر إلى أن تحديد معدل تناول السعرات الحرارية، عبر اتباع نظام الصيام المتقطع «Intermittent Fasting»، على سبيل المثال، قد يساعد في تجنب الحالات المرتبطة بالشيخوخة، مثل أمراض السكري والقلب.
وفي خلايا العضلات، يتم تنشيط مستشعر جزيئي يسمى بروتين «كيناز النشط» أو «AMPK»، وذلك عندما تستهلك الخلايا كميات كبيرة من الأدينوسين ثلاثي الفوسفات «ATP»، وهو الوقود الذي يمد جميع أنشطة الخلايا بالطاقة.
ومن المعروف أن تنشيط بروتين «AMPK» يلعب دوراً في تعزيز الفوائد الأيضية أثناء ممارسة التمارين الهوائية.
وفــــي أحــــــدث ســـــلسلة مــــــن التجارب، أظـــــهر الباحــــــــثون أن التمارين الهــــــــوائيــــة تنشط عمل «AMPK» في العضلات والخلايا الدهنية لدى الفئران، وهذا بدوره أدى إلى زيادة إنتاج بروتينات دايسر في الخلايا الدهنية لإطلاق المزيد من إمدادات الطاقة.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"