رسالتك في الحياة

23:35 مساء
قراءة دقيقتين

د. نورة صابر المزروعي

هل سألتَ نفسك يوماً ما هي رسالتك في الحياة؟ هل تنبهت إلى ما يمليه عليك الصوت الخافت بداخلك؟، أغلب الناس انشغلوا عن أنفسهم بسبب حالة الإرباك التي يصابون بها؛ نتيجة تعرضهم لضغوط داخلية وخارجية نابعة من البيئة التي نشأوا في محيطها.

هناك عوامل تُسهم في الانجراف مع التيار في كل الاتجاهات كالمؤثرات الخارجية: الموروثات التقليدية، العمل، الأصدقاء، المدرسة، البيئة، بالإضافة إلى المؤثرات الداخلية: الميول الفطرية، الإيحاءات الفكرية، الدوافع، الهواجس الداخلية... إلخ. وهنا تكمن المعضلة؛ حيث يحاط الإنسان بمجموعة من الضغوط، اجتماعية واقتصادية وثقافية، وينشغل بها عن طاقاته الداخلية. 

تشير إحدى الدراسات بأن البشر يولدون بمؤهلات فطرية وبدرجات عالية من الذكاء. سخر الله سبحانه وتعالى للبشرية موارد داخلية وطاقات هائلة تدفعهم إلى تحقيق غايات ورسالة محددة في الحياة. ولكن عندما يتحكم المحيط الخارجي في تحركات الإنسان -من دون وعي منه- فهو يقوم بالانشغال عن طاقاته الداخلية وعن رسالته في الحياة، وتلقائياً يشعر ببرمجة عقلية تتماشى مع متطلبات البيئة الخارجية التي ترهق النفس بمجاهدة ميوله ورغباته الداخلية.

إن الضغوط اليومية ومجاهدة الذات قد تسبب أمراضاً نفسية وعضوية نحن في غنى عنها، فالإجهاد اليومي يؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية تسبب تغيرات في الأعصاب والأوعية الدموية في الدماغ وفي الجهاز الهضمي، والتوتر المستمر يؤدي إلى إفراز هرمون «الكورتيزول»، مما يضعف قدرة الجسم على معالجة نسبة السكر في الدم، مما يؤدي إلى زيادة أو نقصان في الوزن. 

إن ضغوط الحياة عبارة عن أدوات تذكرنا بأنه يجب إعادة النظر في مجرى حياتنا، وأن هذه الحياة لم توهب لنا بشكل عشوائي، بل لها غاية وعلينا لعب دور محدد لنا فيها. يسهم الانشغال عن رغباتنا الداخلية وإرضاء متطلبات البيئة الخارجية في كبح الطاقات الكامنة في النفس البشرية.

ومن خلال تجارب كثيرة من حولنا فقد انجرف البشر وراء المحيط الخارجي، وخاضوا في مجالات لا علاقة لها بميولهم الفطرية، وأصبحوا بؤساء في مجتمعاتهم. 

لكي نصنع حياة أكثر جمالاً، ولنشعر بالرضى تجاه أنفسنا ومع من حولنا، لابد أن نغوص في أعماقنا في صمت وبمعزل عن ضجيج البيئة الخارجية ومكوناتها؛ كي نكتشف ذواتنا من جديد، التي يقبع بداخلها رسالة سامية.

 يملك كل إنسان منا صوتاً خفياً رافقه منذ طفولته وجب علينا مجالسته، وألّا ننشغل عنه، وهذا سيساعد على الاقتراب من الذات والغايات التي خُلقنا من أجلها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

حصلت د.نورة على الدكتوراه في الدراسات الخليجية من معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر بالمملكة المتحدة .وماجستر في دراسات شرق أوسيطية بجامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية. ودبلوم خبيرة التسامح الدولي من كلية محمد بن راشد. ومن إصدارات الدكتورة: كتاب بعنوان "العلاقات بين الإمارات والسعودية"؛ حاز هذا الكتاب على جائزة العويس للإبداع في 19 أبريل 2017 عن فئة أفضل كتاب نشرته مؤلفة إماراتية. تعمل في أكاديمية الإمارات الدبلوماسية وجامعة زايد وجامعة أبوظبي. لها العديد من المنشورات، كتاباتها تنحصر حول الفنون والثقافة. تعمل حاليًا على كتاب بعنوان "تأثير الموسيقى في حياتنا".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"