اللقاحات..جرعات الأمل منذ بداية العمر

إعداد: مصطفى الزعبي
لا يطمئن أبوان إلى سلامة مستقبل ابنهما إلا إذا سرى في جسده لقاح منذ شهوره الأولى، ليكون ذلك اللقاح سياجاً قوياً له في وجه أمراض عدة؛ كالجدري والكزاز وشلل الأطفال وغيرها من أمراض التهمت كثيراً من مقدرات العالم، وتسببت بأزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية وغيرها.
والأمر ليس متروكاً لرغبة الأبوين، فما من دولة تعي قيمة الإنسان إلا وتضع برنامجاً للتحصين؛ صوناً لأفرادها.
 وكانت الأمراض في السابق تستمر طويلاً في سلب الأرواح حتى تم اكتشاف لقاح لها، وهو أمر كان يستغرق سنين؛ بسبب ضعف الإمكانات الطبية والتكنولوجية. واليوم بفضل تطور الأجهزة والعلوم الطبية؛ تسارع إنتاج اللقاحات وعلاج الأمراض والفيروسات كما هو الحال الآن مع «كوفيد ـ 19».
خلال القرون الماضية ظهرت العديد من الأمراض التي احتاجت إلى سنوات طويلة؛ لإيجاد لقاح يتصدى لتأثيرها على الثروات البشرية والمادية.
 الملاريا، مثلاً، يعد مرضاً معدياً يتسبب فيه كائن طفيلي يُسمى «البلازموديوم» ينتقل عن طريق البعوض. ويتسلل هذا الطفيلي داخل كريات الدم الحمراء في جسم الإنسان فيدمرها، وتراوح فترة الحضانة للمرض بين 7 و30 يوماً.
الطبيب الفرنسي تشارلز لويس ألفونس لافيران هو من اكتشف طفيل الملاريا في الجزائر عام 1880، وتقف تعقيدات طفيليات الملاريا عائقاً أمام تطوير لقاح الملاريا وتجعله مهمة صعبة جداً، لكن تحقق تقدم مؤخراً مع الانتهاء من المرحلة الثالثة في تجربة على اللقاح RTS,S/AS01 بإشراف وكالة الأدوية الأوروبية ومنظمة الصحة العالمية. ولا يوجد حتى الآن أي لقاح متاح بشكل تجاري لمرض الملاريا.
أما جدري الماء (فيروس فاريسيلا زوستر)، فهو مرض فيروسي مُعدٍ يصيب الجلد والأغشية المخاطية أي الملتحمة وباطن الفم، ويترافق بحكة شديدة، وربما باختلاطات مثل التهاب السحايا والدماغ السليم بعد عشرة أيام من بدء المرض، ومرحلة حضانة الفيروس تكون بين 10 و21 يوماً.
 وظهر المرض في 1953 وكان أول من اكتشف لقاحاً له الطبيب البريطاني إدوارد جينر سنة 1995.
وشلل الأطفال (فيروس شلل الأطفال)، هو مرض معدٍ يسببه الفيروس السنجابي، ونحو 0.5% من الحالات تعاني وهناً عضلياً يؤدي إلى شلل خفيف، ويحدث هذا على مدى بضع ساعات إلى بضعة أيام وعادة ما يعود هؤلاء الأشخاص إلى طبيعتهم في غضون أسبوع أو أسبوعين ولكن قد يكون المصاب مصدراً للعدوى لمدة تصل إلى ستة أسابيع.
وظهر هذا المرض في أوروبا والولايات المتحدة سنة 1908، وأعلن جوناس سالك اكتشاف لقاحه وقدمه للعالم.
وعرف مرض إيبولا (فيروس إيبولا) سابقاً باسم حمى الإيبولا النزفية، وفي الأغلب يكون قاتلاً. وينتقل الفيروس إلى الإنسان من الحيوانات البرية وينتشر بين التجمعات البشرية من إنسان إلى آخر. وظهر مرض الإيبولا لأول مرة عام 1976 بالسودان وجمهورية الكونغو، وتراوح فترة حضانة الفيروس بين يومين و21 يوماً، واكتشف لقاح له وفقاً لمنظمة الصحة العالمية سنة 2019.
أما عنوان الأزمة التي يعيشها العالم، فهو وباء «كوفيد -19»، ويسببه فيروس «كورونا المستجد» من سلالة «السارس» التي تسبب لدى البشر حالات عدوى في الجهاز التنفسي التي تراوح حدتها من نزلات البرد الشائعة إلى الأمراض الأشد. وتراوح معظم تقديرات فترة حضانة الفيروس بين يومين و14 يوماً، وظهر لأول مرة فـي مدينة ووهان بمقاطعــة هوبي الصينية، وبدأ انتشاره في العالم في أواخر 2019.
وأثمرت جهود الأطباء والعلماء لبعض اللقاحات التي تستهدف محاصرة الفيروس بالتخفيف من حدة الإصابة مع اتخاذ بعض التدابير الاحترازية.