إيطاليا بين الانتخابات أو الفوضى

00:47 صباحا
قراءة 3 دقائق

لا يكاد يمر عام دون أن تشهد العملية السياسية في إيطاليا هبوطاً وصعوداً في بلد صار نموذجاً لعدم الاستقرار السياسي، خصوصاً بعد وصول الشعبويين إلى السلطة في البلاد قبل حوالي عامين.
 ويرجح المتابعون للشأن السياسي الإيطالي، بعد تهديد رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماتيو رينزي بإسقاط الحكومة الائتلافية، أن تلجأ القوى السياسية إلى الانتخابات المبكرة هذا العام تجنباً للفوضى.
 ويبدو أن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، بات منشغلاً بالكثير من مشكلات البلاد وعلى رأسها مواجهة تفشي جائحة فيروس كورونا، لكنه في الوقت نفسه مضطر رغم كل ذلك للعمل على مواجهة التحدي الأكثر إلحاحا المتمثل في البقاء بمنصبه.
 ففي الوقت الذي ترتفع فيه حصيلة الوفيات الناجمة عن الفيروس ومع اقتراب الموعد النهائي للتوصل إلى خطة لإنفاق مليارات اليوروات من أموال التعافي من الاتحاد الأوروبي لإنقاذ الاقتصاد الإيطالي، تتعرض حكومة كونتي لهجمات متتالية داخليا من عدة جهات لعل أبرزها وآخرها ما صدر عن رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي.
 فقد هدد رينزي مراراً وتكراراً بسحب حزبه «فيفا»، الذي له 14 نائباً في مجلس الشيوخ ويعتبر صغيراً من حيث وزنه السياسي رغم أن دوره محوري في الائتلاف، من تحالف يسار الوسط الذي يرأسه كونتي، والذي من شأنه أن يدفع الحكومة إلى السقوط، وسط خلافات حول قرارات صرف أموال صندوق الإنعاش. وتتوقع إيطاليا أن تحصل على 196 مليار يورو بموجب خطة الاتحاد الأوروبي الأخيرة.
 وأشار رينزي،السياسي المخضرم الذي قاد إيطاليا في الفترة من عام2014 إلى 2016، في مقابلة مع قناة «ريتي4»،إلى أن «الوضع يبدوكارثياً من الناحية الفنية على الأقل». 
 وحول احتمالات بقاء كونتي في منصبه قال رينزي «إن الأمر متوقف على تطورات الأيام المقبلة». وكرر رينزي اتهاماته لكونتي «باتخاذ القرارات الحساسة فيما يتعلق بأولويات الإنفاق دون التشاور مع شركائه في الائتلاف».
 لقد أثبت كونتي، أستاذ القانون الذي كان مغموراً في يوم من الأيام، والذي تم اختياره كمرشح وسط لرئاسة الوزراء من قبل الحكومة الائتلافية السابقة، حتى الآن أنه بارع في الإبحار في المياه المتقلبة للسياسة الإيطالية.
 وقد تسلم مهام منصبه عام 2018، على رأس حكومة مؤتلفة ذات ميول يمينية بقيادة حزب النجوم الخمس. وقد انهار هذا التحالف بعد عام بسبب استيلاء زعيم الدوري ماتيو سالفيني على السلطة، لكن كونتي ظل على رأس حكومة ائتلافية ثانية بعدد أقل من الحلفاء تضم حزب النجوم الخمس وحزب «إيطاليا حية» وعدد من الأحزاب الصغيرة الأخرى.
 ومن المتوقع أن تتصاعد المواجهة بين رينزي و كونتي في الأيام المقبلة، عندما يجتمع الوزراء لمناقشة خطط الاتحاد الأوروبي. لكن ليس بالضرورة أن يسفر التراشق الحالي عن زعزعة الحكومة الحالية.
 ويتوقع العديد من المراقبين أن يحاول كونتي استرضاء رينزي بتعديل وزاري، إما عن طريق إقناع بعض الوزراء بالتنحي، أو عن طريق الاستقالة للحصول على تفويض جديد من الرئيس سيرجيو ماتاريلا بقائمة منقحة من وزراء الحكومة.
 وتقول وسائل الإعلام الإيطالية أنه بصرف النظر عن التعديل الوزاري، يمكن أن تؤدي الأزمة إلى إعادة تعيين كونتي في رئاسة الحكومة الجديدة.
 أما إذا تمت الإطاحة بكونتي ولم يتمكن السياسيون من الاتفاق على خليفة له، فقد يضطر ماتاريلا إلى الدعوة لانتخابات مبكرة ولن تكون الانتخابات المبكرة خطوة جديدة أو غير عادية في إيطاليا التي اعتادت على مثل هذه التقلبات.
 لكن استطلاعات الرأي تشير إلى فوز محتمل لكتلة المعارضة اليمينية، التي تتصدرها الرابطة المناهضة للهجرة في أي انتخابات مقبلة. وكشف المشاركون في الاستطلاع عن رغبات في تغيير انتماءاتهم السياسية حيث أعرب 32% عن سعادتهم بتغيير الحزب الذي ينتمون إليه، مع استمرار الحراك السياسي بين مختلف مكونات الكتل المتحالفة.
 وفي ظل هذه المعطيات قد يفقد حزب رينزي عدداً من مناصريه الذين كشف الاستطلاع عن أنهم يمثلون فقط نسبة 3%. ورجحت قوى سياسية استمرار كونتي في السلطة على الرغم من التحولات في المشهد السياسي العام.
 وقال ولفانجو بيكولي، رئيس شركة «تينيو» للدراسات والاستشارات أن الأرجح أن تتم إعادة ترتيب الأوراق والتحالفات بين الأحزاب.وأضاف: «إن قوة الائتلاف الحاكم في إيطاليا في ضعفه، وهم يعلمون انهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الانتخابات». لذلك فإن السعي نحو الانتخابات المبكرة سيكون مضيعة للوقت، وبقاء الوضع على حاله يهدد بالفوضى السياسية.

* كاتب عمود ومحرر الشؤون الأوروبية في صحيفة «ذي لوكال» الإيطالية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب عمود ومحرر الشؤون الأوروبية في صحيفة «ذي لوكال» الإيطالية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"