عادي

وكلاء اللاعبين.. سماسرة منتفعون أم وسطاء مهمون؟

23:55 مساء
قراءة 7 دقائق
1
1

تحقيق: علي البيتي

شئنا أم أبينا..وكلاء اللاعبين أصبحوا طرفاً ثالثاً في معادلة اللعبة بعد أن عرفنا الاحتراف بكل مفردات ثقافته، فلا مفر من التعامل معهم في تعاقدات الصيف والشتاء سواء كان الأمر يتعلق باللاعبين وبالمدربين، أو حتى بالمعسكرات وورش العمل المختلفة، لكنهم محل انتقاد بشكل دائم، وكانوا وما زالوا في مرمى النيران، تارة من إدارات الأندية وتارة من اللاعبين أنفسهم، وتارة أخرى من كل أطراف اللعبة الآخرين الذين يرون أنهم منتفعون وتهمهم مصلحتهم بالمقام الأول. فماهي الاتهامات التي تطالهم والمآخذ عليهم في سلوكاتهم، وما دفاعهم حيال كل ذلك؟ 

يرى محمد إسماعيل العوضي رئيس شركة كرة القدم السابق بنادي الإمارات، أن قضية وكلاء اللاعبين شائكة ومؤثرة في الأندية وعلى المنافسات وعلى الاستقرار الذي تنشده الفرق بوجه عام وقال: «الغالبية منهم يبحثون عن مصالحهم فقط ولا يراعون مصلحة اللاعب ولا النادي، والمأخذ الأول على أغلبهم، ولا أقول كلهم، حتى لا أعمم، أنك ترى الوكيل منهم يحضر لاعباً ويتم التعاقد معه، ويبدأ الدوري ويشارك اللاعب مع الفريق وقبل أن ينتهي الدور الأول تجد الوكيل يتحرك للتمهيد لنقله لناد آخر، واللاعب يكون على علم بهذه التحركات فيفقد تركيزه ويتراجع مستواه لأنه يفكر في العرض الجديد والمحطة المقبلة بناد آخر، والنتيجة المباشرة لذلك أن اللاعب والفريق يتأثران بالسلب معاً، لأن المدرب أصلاً يكون بنى خطته وطريقة اللعب على وجود هذا اللاعب فتهتز نتائجه فالوكيل هنا يعتبر خان الثقة وأضر بمصلحة النادي الذي وثق فيه.

أضاف العوضي: وعندما يقول الوكيل لك أنه في حال انتهاء الفترة المنصوص عليها في العقد ستكون الأولوية لك، فهذا غالباً لا يتم الالتزام به عملياً، فإذا كان الوكيل وبعد أقل من ثلاثة أشهر من وجود اللاعب في النادي بدأ يبحث له عن ناد آخر فكيف تكون الأولوية لفريقه الحالي؟ والأمر الثاني يتعلق باللاعب المواطن فهو يجري خلف الوكيل من دون وعي أحياناً، لأنه يثق فيه وفي قدرته على تسويقه ويتبع تعليماته ونصائحه، وهنا تحضرني قصة حدثت لنا مع لاعب (لم يفضل ذكر اسمه) جاءنا من ناد كبير ولم يكن أساسياً في البداية ثم شارك وثبت نفسه، وفي مباراة معينة تألق وسجل هدفاً جميلًا، وفي نهاية العام عندما حاولنا تجديد عقده لم يرد علينا ورفض التفاوض كلياً، وفوجئنا بانتقاله لناد آخر، والمفاجأة أنه لم يشارك معه ولو في مباراة واحدة، وبعدها وجدته يتواصل معي مجدداً ويطلب العودة إلى نادي الإمارات، مؤكداً أنه ناديه الذي وجد نفسه فيه و وو، مع أنه رفض مجرد الرد على اتصالاتنا في الأشهر الأخيرة لعقده معنا والتحدث معنا وقتما كنا نرغب في التجديد !.

 الأمر الثالث وأيضاً له علاقة بالوكيل والإدارة معاً، يرتبط بعشوائية بعض الأندية وثقتها العمياء في الوكيل، ما يجعلها ضحية التعاقد مع لاعبين مصابين أو غير جاهزين كما يجب، وأوضح بقوله: أحد اللاعبين تعاقدنا معه لأربعة أعوام وتعرض لإصابة وتراجع مستواه ولم يشارك كأساسي مع الفريق وكانت المفاجأة بانتقاله لناد كبير لديه إدارة مرموقة وصاحبة خبرة ويفترض أنها تعرف كل شيء وتتابع كل صغيرة وكبيرة، والسؤال هل كانت على علم بوضع اللاعب في ناديه وهل راجعت عدد مشاركاته أم أنها تثق في الوكيل لدرجة أنها توافق على أي لاعب يحضره فتتعاقد معه؟ ولماذا تتخذ الإدارات قرارات تضر بمصلحة النادي وتهدر أمواله؟ والأدهى أن التعاقد تم بمبلغ أكبر بكثير من الذي كان يحصل عليه معنا.

واكمل العوضي: الأمر الرابع يرتبط بإهدار الوقت، فالنادي يختار اللاعب ويتم التواصل مع وكيله للاتفاق على كل التفاصيل وأحياناً ترسل له التأشيرة والتذاكر فيبدأ الوكيل في إيراد الحجج والأعذار، وقبل يوم أو يومين من إغلاق الميركاتو تعلم أنه وقع لناد آخر في نفس الدولة أو في دولة أخرى، وهذا يعني أن الوكيل كان يتفاوض مع الجهتين في الوقت نفسه، واختار السعر الأعلى فورط النادي الذي وثق فيه وأهدر وقته وجهده، واختتم قائلاً: هناك ممارسات غير أخلاقية وغير نظيفة تتم في التعاقدات، والمآخذ التي تحدثت عنها لا يمكن تعميمها على كل الوكلاء، فهناك قلة قليلة بمصداقية وأمانة ونزاهة وطريقة صحيحة.

خدعة الاسم الكبير 

 وقال عمار الدوخي مدير شركة المحترف للوساطة الرياضية التي تعمل في مجال تسويق اللاعبين (لاعب ومدير فريق الشعب السابق): من واقع تجربتي فالكثير من الوكلاء لا مصداقية لهم وهدفهم المال وهم لا يترددون في تغيير وجهة اللاعب حال حصلوا على مبلغ أعلى وأنا لي تجارب معهم وأعرف كل ممارساتهم، ولذلك أحاول تقديم نموذج مختلف من خلال شركتي الخاصة، والوكلاء يعتمدون على الفيديو وقد يكون هناك تلاعب فيه أو يتم تجميع أفضل اللقطات والأهداف فيه فهناك لاعب شاهدناه عبر الفيديو على أيام الشعب، واتفقت الآراء على أنه على أنه لاعب جيد، وعندما جاء وبدأ يتدرب مع الفريق فوجئنا به كلاعب عادي جداً، وكانه لاعب آخر خلاف الذي شاهدناه في الفيديو وهذا المشهد يتكرر كثيراً، و ليس مستبعداً، فالفيديو واسم اللاعب يجب ألا يكونا عاملين حاسمين في التعاقد معه وقد كان في اللاعب محمد كالون عبرة من هذا الجانب، فقد تعاقد معه الشعب بسبب اسمه ومستواه في الدوري السعودي وسمعته كونه لاعباً عالمياً ودفع فيه مبلغاً كبيراً، وفي الأخير لم يقدم شيئاً فالاختيار لم يكن خاطئاً لأن كالون الكل كان يتمناه، لكن في النهاية اسم اللاعب وحده ليس كافياً فهناك أشياء كثيرة تتحكم في نجاحه ويجب الوقوف عندها، والأسماء الكبيرة غالباً لا تجتهد كثيراً لكي تواصل النجاح وقد تخدع المتعاقدين، وبالنسبة للاعبين المواطنين الكثير منهم يهدرون الفرص بسبب وعود الوكلاء ببيعهم لأندية كبيرة برواتب عالية وفي النهاية لا يجنون إلا السراب، وهنا يظهر دور الوعي والثقافة.

مهارة التسويق

 وأكد أحمد صالح حبوش لاعب بني ياس ودبا الفجيرة وخورفكان السابق، أن الوكيل القوي يلعب دوراً مؤثراً جداً، وأوضح: أنا لعبت موسماً كاملاً والجميع شاهدني وبعد أن خرجت من خورفكان لم أوقع لأي ناد ولوكان لدي وكيل قوي لما بقيت بلا ناد، كنت سألعب لأفضل الأندية بالدولة، وهناك لاعبون غابوا لفترة طويلة، وبعضهم مستواه كان عادياً وموجودون حالياً في دورينا. وأضاف: وعلاقة الوكيل مع الإدارات لها تأثير كبير في إتمام الصفقات، فقد تكون لاعباً مميزاً، لكن النادي يرفض التعاقد معك لأن علاقة الوكيل مع المسؤولين فيه ليست قوية، أو لأن وكيلك ليس قوياً، فالموهبة ومستوى اللاعب في تقديري ليسا مهمين بقدر أهمية العلاقات وقوة الوكيل وقدرته على الإقناع.

نوعان من الوكلاء

وقال عادل صقر لاعب شباب الأهلي والوحدة والإمارات والشعب وكلباء وعجمان والشارقة ومصفوت والذيد ودبا الحصن وخورفكان السابق، والبطائح الحالي أن هناك نوعين من الوكلاء الأول تهمه مصلحة اللاعب ويتعامل بأخلاق ومصداقية ولا ينظر للمال وهو يعلم أن علاقته مع اللاعب ستجلب له المزيد من المال، لكن بالصبر والصدق في التعامل، والنوع الثاني تهمه مصلحته فقط ويبحث عن المال ولا يتردد في إقناع اللاعب بالانتقال لناد لا يجد فيه الفرصة وهو يعلم أنه لن يستمر فيه، لكنه يريد الحصول على نسبة أعلى فيقنع اللاعب بقبول العرض الأعلى والسلام، وهؤلاء يدمرون اللاعب ويقضون على مستقبله، لكن يوجد وكلاء صادقون يراعون مصلحة اللاعب وهم قلة بالفعل، فتقريباً 90% منهم تهمهم مصلحتهم فقط ولا علاقة لهم باللاعب بعد إنجاز الصفقة، وأود هنا الإشادة بعلي عباس فهو مثال للوكيل المخلص الصادق الذي يراعي ضميره ومصلحة اللاعب والنادي، وهو يتعامل باحترافية عالية ومصداقية كبيرة واعتبر صقر أن اللاعبين الصغار بالذات يبحثون عن المال ولا يهمهم أن يشاركوا ويحصلوا على الفرصة وهؤلاء يستغلهم النوع الثاني من الوكلاء.

السيئون قلة قليلة

وذكر فيصل المرزوقي وكيل اللاعبين، أن الانتقادات والمآخذ على الوكلاء ليست كلها حقيقية وفيها كثير من الادعاء وقال مدافعاً: هناك من يشوه صورتنا كوكلاء بتصرفاته وتعامله غير الاحترافي مع الأندية واللاعبين، وهؤلاء قلة قليلة في رأيي فالمواطنون حريصون على مصلحة اللاعب والنادي معاً، وهم صادقون وملتزمون غالباً، وذكر أنه على الصعيد الشخصي يتابع اللاعب ويتواصل معه ومع ناديه ويقف على غذائه ونومه ونظام حياته بوجه عام، وغيرها من الأمور الخاصة التي تؤثر في حياته العملية ودوره في الملعب وتساءل لماذا نلام ونتهم إذا كان اللاعب يستهدف المال ويريد الانتقال لمن يدفع أكثر وليس للفريق الذي حصل فيه ومعه على الفرصة؟

آلية التعامل غائبة

أوضح الوكيل فيصل المرزوقي، أنهم يعانون العديد من المشاكل بسبب غياب الآلية عند الاتحاد في تعامله معهم كوكلاء، وقال: ليست لدينا بطاقات لدخول المباريات لنتابع اللاعبين والكثير من الأندية تتعامل معنا باعتبارنا مجرد سماسرة، وهناك من لا يلتزم بالنسبة المخصصة لنا في الصفقة، وهناك من يتأخر في دفع المستحقات وتابع: لابد من الإشادة هنا بإدارات بعض الأندية ومنها النصر، لأنها تتعامل باحترافيه وشفافية، بعكس أندية أخرى تتعامل معك وفي الأخير تتعاقد مع اللاعب عن طريق جهة أخرى.

دخلاء على المهنة

قال فيصل المرزوقي وكيل اللاعبين إنه لم يجدد رخصة شركته لأن الاتحاد لايحمي الوكيل، ولأن هناك مجموعة من السماسرة دخلوا السوق ويؤثرون في الوكلاء الذين دفعوا للاتحاد نظير الرخصة، وأضاف : لماذا أدفع 20 ألف درهم للاتحاد بجانب مبلغ آخر للدائرة الاقتصادية إذا كان هناك من يعملون من دون رخصة، وحالهم أفضل من حالي؟

اختلال المعايير

قال أحمد حبوش :هناك لاعبون الآن بلا نادٍ وآخرون أقل منهم مستوى موجودون في أفضل الفرق ، هذا الاختلال سببه الوكلاء، ونوه إلى أن تعامل الوكيل مع اللاعبين أنفسهم المرتبطين بعقد معه يختلف، فمن يدفع مبلغاً أكبر نظير تسويقه يجتهد الوكيل ليجد له نادياً، ومن يدفع أقل فالوكيل يتلكأ ويتعامل  معه ببطء وتراخ، وكشف حبوش أن نسبة الوكيل عادة بين 3 إلى 10% من قيمة العقد .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"