إسرائيل تتردد

00:52 صباحا
قراءة 3 دقائق

حافظ البرغوثي

مضت تركيا قدماً في سياسة تخفيف الضغوطات حولها تحت طائلة فرض عقوبات أوروبية في شهر مارس/آذار المقبل بسبب انتهاكها للمياه اليونانية. وانتهى يوم الاثنين الماضي لقاء يوناني تركي لبحث جدول الأعمال لمفاوضات لاحقة حول القضايا موضع خلاف بينهما في بحر إيجة وشرقي المتوسط، وسط ترحيب أوروبي وأمريكي بعودة المحادثات بين البلدين.

واتفق الجانبان على إجراء المحادثات القادمة في العاصمة اليونانية أثينا، لكن حتى الآن، لم يتفق الطرفان على ما يريدان مناقشته. فأنقرة تريد مناقشة جميع القضايا الشائكة، وتشمل المياه المشتركة والمنطقة الاقتصادية الخاصة في بحر إيجة، إضافة إلى نزع السلاح في الجزر اليونانية قبالة الساحل التركي، والاختلافات بشأن التوسع المتبادل للمجال الجوي، لكن أثينا تريد مناقشة النزاع على الغاز الطبيعي فقط.

وتتهم اليونان- العضو بالاتحاد الأوروبي- تركيا بالتنقيب عن الغاز الطبيعي في المناطق البحرية التي لا يجوز إلا لأثينا (من وجهة نظرها) استغلالها، في حين تقول أنقرة إن هذه المناطق تنتمي إلى الجرف القاري التركي. ويحاول النظام التركي حالياً الظهور بمظهر المعتدل وتحسين علاقاته مع جواره في المنطقة، بعد أن قررت إدارة بايدن مواصلة سياسة فرض العقوبات على تركيا بسبب صفقة الصواريخ الروسية وطلبها منظومة جديدة، وهي لا تعبأ بنقمة بايدن عليها بسبب سجلها في حقوق الإنسان.

يذكر أن الرئيس الأمريكي الجديد يميل إلى وجهة نظر اليونان في صراعها مع تركيا ويختلف معها في غزو الأراضي السورية أيضاً والتمدد في ليبيا. 

 وقد توجه أردوغان نحو إسرائيل وعين سفيراً له في تل أبيب، لكن إسرائيل لم تبادله الشعور ذاته على الرغم عرضه المجزي بالتعاون في أنبوب غاز إسرائيلي نحو أوروبا عبر تركيا.

وكان خبراء من «مركز بيغن السادات للأبحاث الاستراتيجيّة»، حذروا إسرائيل من التعاون مع تركيا لأن أنقرة طالما لجأت إلى سياسة خداع في علاقاتها مع أغلب الدول. ويخشى الإسرائيليون من أن علاقاتهم مع تركيا ستضر بعلاقاتها الجديدة، وأن تقربها من إسرائيل هي محاولة لفك عزلتها الإقليمية واستخدام العلاقة مع إسرائيل لحمايتها في أروقة الكونجرس الأمريكي. 

كما أن الخط المقترح للغاز عبر تركيا وترسيم الحدود البحرية مع ليبيا من شأنهما أن يدمرا مشروع خط الغاز عبر المتوسط المتفق عليه بين إسرائيل وقبرص واليونان. وأوصى الخبراء الإسرائيليون بعدم تجديد العلاقات التحالفية مع تركيا وقالوا إنه «يجب على القادة العسكريين والسياسيين في إسرائيل ألّا يقللوا من شأن تركيا ولا يخلطوا بين الحنين إلى الماضي وصنع السياسة الحكيم، وإذا أرادت إسرائيل الاستمرار في تطبيع العلاقات مع دول المنطقة، ووضع حد لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، فعليها رفض محاولات التلاعب التركية لاستعادة العلاقات»، على حد تعبيرهم. 

يُشار إلى أن تركيا كانت أول دولة إسلامية تعترِف بإسرائيل في هيئة الأمم المتحدة، وذلك في عام 1949، كما أنه على الرغم من الخلافات بينها وبين إسرائيل فإن حجم التبادل التجاري بينهما في ارتفاع مضطرد.

 فالنظام التركي يرى أن العهد الأمريكي الجديد ليس كسابقه وهو سينفتح نحو إيران بشروطه أو تخفيف الحصار عن إيران، وذلك سيلحق ضرراً بالاقتصاد التركي، وسيستمر بايدن في مماحكة روسيا على قضايا موضع خلاف وبالتالي فإن عزلة تركيا ستتضاعف مع وجود إدارة جديدة؛ حيث سبق للرئيس بايدن أن هدد الرئيس أردوغان بدفع الثمن نتيجة لما فعله في العراق وسوريا وقال: «تركيا هي المشكلة الحقيقية هنا وسيكون لي حوار مغلق حقيقي مع أردوغان وتعريفه بأنه سيدفع ثمناً باهظاً على ما فعله»، وجدد وزير الخارجية الجديد بلينكن التهديدات في جلسة استماع في الكونجرس؛ حيث أعلن عن عقوبات ضد شخصيات ومصانع عسكرية تركية، وقال: «إن تركيا دولة حليفة، لكنها لا تتصرف كما يجب على الحليف فعله».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"