عادي

الأذن الوسطى.. التهاب متعدد الأسباب

23:08 مساء
قراءة 5 دقائق
1

تحقيق: راندا جرجس

تعتبر الأذن الوسطى أكثر أجزاء الجهاز السمعي، عرضه للإصابة بالالتهابات الناجمة عن العدوى الفيروسية أو البكتيرية، لأنها تقع خلف طبلة الأذن وتتصل مع البلعوم الأنفي، وهي من المشكلات الشائعة بين الأطفال عن البالغين، وتتسبب بحدوث العديد من الأعراض المزعجة والمؤلمة واختلال التوازن، والمضاعفات التي تؤثر في جودة السمع، وفي هذا التحقيق يحدثنا الخبراء والاختصاصيون عن أسباب الإصابة وطرق الوقاية والعلاج.

يقول الدكتور أحمد فكرى أخصائي الأنف والأذن والحنجرة إن التهاب الأذن الوسطى يصيب الغشاء المخاطي المبطن لتجويف هذه المنطقة، ويعتبر من المشكلات المصاحبة لالتهاب المجاري التنفسية العليا التي ترافق الزكام ونزلات البرد، والتي تؤدي إلى العدوى الفيروسية كالإنفلونزا والادينوفايرس، أو البكتيرية كالعقدية الرئوية، النيمونيا، والهيمو إنفلونزا، وكذلك البكتيرية العنقودية، ويمكن تقسيم التهاب الأذن الوسطى إلى النوع الحاد أو الإفرازي أو المزمن.

فئة مستهدفة

يبين د.أحمد أن عدوى التهاب الأذن الوسطى تصيب جميع الأعمار، لكنها تعد أكثر شيوعاً بين الأطفال بسبب كثرة نزلات البرد الفيروسية التي تسبب نقص المناعة، وبالتالي تكاثر المستعمرات والتجمعات البكتيرية المؤدية للالتهاب، إضافة إلى قصر قناة استاكيوس التي تربط بين تجويف الأذن الوسطى والأنف، والبلعوم الأنفي، كما يلعب التدخين السلبي، والرضاعة غير الطبيعية، والحساسية، وتضخم اللحمية واللوزتين دوراً مهماً في الإصابة بالالتهاب.

أعراض وعلامات

يذكر د.أحمد، أن أعراض الالتهاب تكون بحسب درجة الإصابة، ويرافق النوع الحاد احتقان وتجمع الإفرازات القيحية في تجويف الأذن الوسطى خلف طبلة الأذن، ما يؤدي إلى ألم شديد في المنطقة المصابة، ارتفاع في درجة حرارة الجسم، صعوبة وضعف في السمع، فقدان الاتزان، نقص الشهية والصداع، والبكاء وعدم النوم عند الأطفال نتيجة ضغط الإفرازات على غشاء الطبلة من الداخل.

ويضيف: يصاحب الالتهاب المزمن تمزق غشاء الطبلة، وحدوث ثقب في الغشاء مع خروج الإفرازات القيحية، مصحوباً بفقدان السمع وعدم الاستجابة للكلام عند الأطفال، أما التهاب الأذن الوسطى الإفرازي فيكون مصحوباً بضعف السمع والشعور بالضغط والانسداد وعدم الارتياح في الأذن.

وسائل التشخيص

يوضح الدكتور هيثم مرسي أخصائي جراحة الأذن والأنف والحنجرة، أن التهاب الأذن الوسطى الحاد يرتبط بألم شديد، حمى، صداع، والبكاء عند الأطفال، أما الإصابة المزمنة فيرافقها انعدام السمع، مع خروج إفرازات غير مؤلمة أو بدونها، ويتم تشخيص الالتهاب سريرياً من خلال تنظير الأذن، الفحص المجهري، والفحص السمعي عن طريق تخطيط السمع الخاص بالطبلة، الذي يقيم وظيفة الأذن الوسطى.

مضاعفات متعددة

يبين د.هيثم، أن التهاب الأذن الوسطي ينجم عن عدوى فيروسية أو بكتيرية، أو نتيجة الإصابة بالحساسية الأنفية، أو تضخم اللحمية، أو تدني مستوى المناعة، ويعتبر الكولسترول ورضخ الأذن الضغطي من بين الأسباب النادرة، وفي حالات إهمال علاج هذه الحالة يمكن أن يتعرض المريض لمضاعفات شديدة، كالآتي:

- انثقاب طبلة الأذن الذي يُشفى عادة خلال أيام عدة ولا يحتاج إلى تدخل جراحي.

- فقدان السمع البسيط الشائع مع التهابات الأذن بشكل عام.

- تأخر النطق أو النمو عندما تتفاقم مشكلة الارتشاح خلف طبلة الأذن.

- انتشار الالتهاب في حال عدم استجابتها جيداً للعلاج، ما يؤدي إلى إصابة الأنسجة المحيطة.

اختلال التوازن

يقول الدكتور بيرنارد هوفمن استشاري جراحة الأنف والأذن والحنجرة إن مضاعفات عدوى الأذن الوسطى تعتبر نادرة إلى حد ما، لكنها خطِرة في بعض الحالات، وخاصة الناتجة عن انتشار العدوى إلى أجزاء أخرى مثل عظام الخشاء الموجودة خلف الأذن، ما يسبب وجود التهاب في هذه المنطقة، أو انتقال العدوى إلى الغشاء الواقي المحيط بالمخ والنخاع الشوكي، وتسمى هذه الحالة التهاب السحايا، كما يمكن أن يتعرض المصاب لاختلال في الجسم، عندما تصل العدوى إلى بنية دقيقة داخل الأذن تدعى «المتاهة» مسببة التهاب الأذن الداخلية الشائع بين الأطفال، وتجدر الإشارة إلى أن تطور المضاعفات الناتجة عن الالتهاب يحتاج للعلاج الفوري بالمضادات الحيوية في مركز صحي أو مستشفى.

طرق التداوي

يؤكد د.بيرنارد، أن عدوى الأذن عادة ما تختفي من تلقاء نفسها خلال 3 إلى 5 أيام، ومن النادر حدوث مضاعفات على المدى الطويل، وتشمل خطوات العلاج بشكل أساسي الآتي:

- معالجة الألم الناتج عن تراكم السوائل في الأذن الوسطى ومراقبة الأعراض للتأكد من عدم حدوث أي مضاعفات.

- في حال وجود ألم مستمر وارتفاع في درجة الحرارة، فإن مسكنات الألم تكون مفيدة مع التأكد من أنها مناسبة لعمر الطفل المصاب.

- يمكن أن يساعد وضع منشفة دافئة على الأذن المصابة في تخفيف الألم حتى تتحسن الحالة الصحية.

- لا تُستخدم المضادات الحيوية بشكل روتيني للعلاج، ولا يوجد دليل على فاعليتها في تسريع عملية الشفاء؛ إذ إن العديد من حالات التهاب الأذن الوسطى تحدث نتيجة عوامل فيروسية، إضافة إلى أن استخدام المضادات الحيوية لعلاج العدوى البكتيرية البسيطة يزيد من احتمالية مقاومة البكتيريا لها مع مرور الوقت، ما يعني أن العدوى الأكثر خطورة تصبح غير قابلة للعلاج في المستقبل.

أنابيب التهوية

يلفت د.برنارد، إلى أن الأطفال الذين يعانون من الالتهابات الشديدة في الأذن الوسطى بشكل متكرر، يمكن أن يحتاجوا إلى إدخال أنابيب صغيرة في طبلة الأذن للمساعدة على سحب وإخراج السوائل المتراكمة، وتسمى بـ«الحلقات أو أنابيب التهوية»؛ حيث يتطلب إدخالها تخديراً عاماً، وتستغرق هذه العملية عادة نحو 15 دقيقة، ويستطيع المريض بعدها العودة إلى المنزل في نفس اليوم، وتستخدم أنابيب التهوية في إبقاء طبلة الأذن مفتوحة لأشهر عدة، وعندما تدخل الطبلة مرحلة الشفاء، تبدأ الأنابيب في الاندفاع ببطء خارجها، وتخرج معظم الحلقات في فترة تتراوح من 6 إلى 12 شهراً من إدخالها، وربما يحتاج بعض الأطفال إلى عملية أخرى لاستبدال الأنابيب في حال استمرار الألم.

تدابير الوقاية

ينوه د.برنارد إلى أن عدوى التهاب الأذن الوسطى لا يمكن لأحد أن يمنع حدوثها، لكن يستطيع الشخص اتخاذ بعض التدابير للحد من مخاطر الإصابة بها، مثل:

- تجنب التدخين غير المباشر، ومنع نزلات البرد الشائعة، والأمراض والعوامل الموسمية الأخرى.

- من المهم الحرص على تطعيم الأطفال باللقاحات الروتينية، لاسيما لقاح المكورات الرئوية.

- الحرص على الرضاعة الطبيعية لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وعدم إطعام الطفل عندما يكون مستلقي على ظهره والتأكد من عدم إعطائه اللهاية أو المصاصة عند بلوغه سن العام، لأنها تؤدي في بعض الحالات إلى ضعف وظيفة قناة استاكيوس أو نفير أوستاش.

عظام الخشاء

توجد عظام الخشاء خلف صيوان الأذن، وتعتبر من الأجزاء المعرضة لخطر العدوى نتيجة الإصابة بالتهاب الأذن الوسطى، ما يؤدى إلى امتلاء العظم الواصل إلى الجمجمة بالمواد والسوائل التي تسبب التلف في بعض الحالات، وبالتالي فقدان جزئي أو كلى للسمع أو يتعرض المريض لمضاعفات أخرى كالتهاب السحايا والدوخة وشلل الوجه، ووجود صديد في الدماغ، ويتم التشخيص من خلال مجموعة من الفحوص الســــــــــمعية، وتصوير الجمجمة باستخدام أشعة أكس والتصوير الطبقي للرأس والأذن، إجراء تخطيط الأذن الوسطى.

ويعتمد علاج التهاب الخشاء على إعطاء المريض المضادات الحيوية عن طريق الحقن حتى تصل إلى العظم وتكون فعالة لإمكانية الشفاء في وقت أقل، وربما يلجأ الطبيب إلى الجراحة واستئصال الجزء التالف من عظم الخشاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"