رهان أونج سان كي الخاسر

00:10 صباحا
قراءة 3 دقائق

عن «اللوموند»

يبدو أن المسار كان ضيقاً جداً، فالرهان الذي قدمته أونغ سان سو كي في عام 2015، والمتمثل في تعاون محتمل مع الجيش لقيادة بورما على طريق التنمية الاقتصادية والسلام الداخلي، سقط يوم الإثنين الأول من فبراير عندما أعاد شريكها الرئيسي قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلاينغ كل السلطة إلى الجيش جراء انقلاب. خضعت أونغ سان سو كي للإقامة الجبرية وعادت إلى العاصمة الإدارية في نايبيداو لتجد نظاماً تعرفه جيداً بعد أن خبرته في منزلها في يانغون لأكثر من خمسة عشر عاماً بين 1989 و 2010، كما تم اعتقال معظم حلفائها المدنيين.

 لقد أنهى الجيش البورمي في اليوم نفسه الذي كان من المقرر أن يجتمع فيه البرلمان الجديد، المنتخب في نوفمبر، بوحشية التجربة الديمقراطية التي بدأت كمحاولة قبل خمس سنوات، وبعد فوزها في انتخابات رئاسة حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في عام 2015، كان على أونغ سان سو كي أن تتصالح مع الدستور البورمي الذي خصص 25٪ من مقاعد البرلمان للجيش، وبموجب هذا النص الذي وضعه الجيش لم تستطع هي نفسها ادعاء الرئاسة، نظرا لأنها متزوجة من أجنبي.

 في ذلك الوقت، كانت أونغ سان سو كي إحدى رموز حقوق الإنسان التي حازت جائزة نوبل للسلام، وحصلت على لقب «مستشارة الدولة» ما منحها حق منصب رئيسة الوزراء.

 تميزت الولاية الأولى بتنازلات حتمية لشركائها المرهقين كان أخطرها قبول طرد الجيش لمئات الآلاف من مسلمي الروهينجا إلى بنغلاديش وذبح حوالي 10 آلاف منهم في عام 2017، وصمتها عن مواجهة هذه الانتهاكات الجسيمة ثم رفضها دحض اتهامات الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي في عام 2019 ما أضر بسمعتها في نظر الغرب، نظراً لتخليها عن مبادئها الديمقراطية.

 هذه المرأة التي وصفت بالحديدية هي قليلة الانفتاح، ولذا ردت على منتقديها الغربيين بأنها ليست أيقونة وبأنها منخرطة في السياسة، وهي نفسها من المجموعة العرقية ذات الأغلبية بامار، فقد عززت ترسيخ الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في السكان، وفي الانتخابات التالية في 8 نوفمبر 2020، فاز الحزب بنسبة 82٪ من المقاعد المتاحة للتصويت.

 وبالنسبة للجنرال «مين» الذي يرأس القوات المسلحة القوية، كان هذا انتصاراً كبيراً جداً. وبناء على التفويض الشعبي الذي حصلت عليه في عام 2015، واصلت أونغ سان سو كي وأنصارها العمل على الإصلاح الدستوري. هذا التحدي للجيش كان ثمنه حياة المحامي المسلم كو ني الذي كان مستشا ر أونغ سان سو كي، والذي اغتيل في عام 2017. لقد شكل هجوم الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية على هذه القضايا، كما نفهمه الآن، خطراً على الجيش ، بل وأصبح مميتاً عندما حصل على دعم ساحق من الناخبين في نوفمبر.

 المحرض على الانقلاب والرجل القوي الجديد، مين أونغ هلينج، قومي متطرف محافظ شعبوي استغل التطهير العرقي الشرير للروهينجا الذي يتحمل مسؤوليته. لقد استُهدف بالفعل من قبل العقوبات الأمريكية، وهو يقوم بإحياء التقليد المحزن للديكتاتورية العسكرية في بورما، والتي لم تكن قادرة على إنهاء النزاعات مع المتمردين العرقيين. لقد كان رهان «داوو سوو كما يسميها البورميون» ابنة الجنرال أونغ سان مؤسس الجيش البورمي المستقل المغتال، جريئاً، وبسبب المبالغة في تقدير قدرة الجيش على التطور، فقدت هذا الرهان مضحّية بهالتها كمدافعة عن حقوق الإنسان في هذه العملية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحيفة لوموند

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"