تحقيقات: الصحة والطب
ترتبط الإصابة بأنواع التهابات المفاصل المتعددة ببعض الأعراض المؤلمة والمزعجة التي تستهدف مناطق متفرقة من الجسم مثل الركبتين، كف اليد، أو أجزاء من العمود الفقري، ومن أهم العلامات التي يعانيها المصاب هي التورم، والاحمرار، والتيبس، وتقيد مدى الحركة، ما يؤثر سلباً في ممارسة الحياة اليومية بشكل طبيعي، ويزداد الأمر سوءاً مع التقدم في العمر، وفى السطور القادمة يخبرنا الخبراء والأخصائيون عن هذا المرض وخيارات العلاج.
يقول الدكتور خالد النقبي استشاري أمراض المفاصل إن هناك أنواعاً من الالتهاب يمكن أن تصيب أماكن متفرقة من الجهاز العضلي عند الإنسان، مثل: المفاصل، الفقرات، الأربطة التي تحيط بالمفاصل، ويحدث الالتهاب نتيجة خلل في الجهاز المناعي يهاجم الأنسجة، أو تآكل غضروف المفصل بسبب التقدم في السن أو رضوض تعرض لها المفصل أو السمنة، ويرافق هذه المشكلة مجموعة من الأعراض كالشعور بآلام شديدة في المنطقة المصابة تعوق النوم في الليل أحياناً، ويكون مصحوباً بتورم في المفاصل وتيبس، ويمكن أن تستمر في الفترة الصباحية لأكثر من نصف ساعة، وربما يلاحظ المريض احمراراً مكان المفصل الملتهب، أو يعاني تقييداً في مدى الحركة بسبب الألم.
فئة مستهدفة
يوضح د.خالد أن الفئة المستهدفة بالإصابة بالتهاب المفاصل تعتمد على السبب، وعلى سبيل المثال يصاب مرض النقرس الذكور من سن 30 إلى 50، بينما تزيد الإصابة بالتهاب المفاصل الرثوي (الروماتويدي) في هذا العمر لدى الإناث، كما يتعرض الرجال لبعض المشكلات كالتهاب الفقرات اللاصق، وتصاب النساء بأمراض مناعية روماتيزمية أخرى مثل الأنسجة الضامة مثل الذئبة الحمامية الحمراء، ومتلازمة شيوجرين.
مشكلات مرضية يذكر د.خالد أن هناك أمراضاً متعددة يمكن أن تكون سبباً في الإصابة بالتهابات المفاصل، وتختلف بحسب العمر والجنس، ويعتبر داء النقرس وخشونة المفاصل أكثر هذه المشكلات شيوعاً، ويليهما أمراض الأنسجة الضامة مثل التهاب المفاصل الرثوي، الذئبة الحمراء، متلازمة شيوجرين، تصلب الجلد، التهاب العضلات المناعي، التهابات الفقرات وتشمل التهاب المفاصل الصدفي، التهاب الفقرات القسطي (اللاصق) والتهاب المفاصل المرتبط بأمراض القولون المناعية والتهاب المفاصل الارتجاعي أو الجرثومي (بكتيري أو فيروسي)، داء الساركويد، وترسب الأصبغة الدموية.
الالتهاب العظمي يشير الدكتور إيلي رومانوس استشاري جراحة العظام إلى أن الالتهاب المفصلي العظمي حالة تؤدي إلى التلف التدريجي، وفقدان سطح عظم المفاصل الأملس الذي يسمى الغضروف، ولسوء الحظ، فإن الخلايا التي تشكل اللبنات الأساسية لهذه المفاصل لا تتكاثر أو تتجدد، وبالتالي من المستحيل استبدال هذا السطح بوسائل طبيعية، ثم تمتلئ الفجوات بالغضروف الليفي الأكثر خشونة، ما يؤدي إلى مزيد من تآكل الغضروف على الجانب الآخر.
أسباب متعددة
يذكر د.إيلى أن الإصابة بالالتهاب العظمى المفصلي لا ترجع إلى سبب محدد، وتعتبر متعددة العوامل أو تكون ناتجة عن سبب غير معروف، وتُعرف بالحالة مجهولة السبب، وهناك مجموعة من الدلالات التي تفيد بأن هذه المشكلة ترتبط إيجاباً بمؤشر كتلة الجسم المرتفع الذي يزيد الضغط داخل المفصل، والتمركز على سطح صغير، ما يؤدي إلى تآكل الغضروف بشكل أسرع، بالإضافة إلى بعض الأسباب الأخرى كالعدوى البكتيرية المفصلية، أو التهاب مزمن طويل الأمد كالالتهاب الروماتويدي، أو كسر عبر السطح المفصلي أو تشوه هيكلي للأطراف مثل تقوس الساقين الذي يركز الضغط على السطح الداخلي من مفصل الركبة.
خيارات العلاج
يشير د.إيلى إلى أن خيارات العلاج الحالية لا تمنع تدهور الالتهاب المفصلي العظمي أو تعيق حدوثه في الحالات مجهولة السبب، ولكن يمكن السيطرة على تفاقم الأعراض عن طريق استراتيجيات التحكم في الوزن، والوصول إلى نتيجتين رئيسيتين هما: تخفيف آلام المفاصل ومعالجة فقدان القدرة على الحركة، الذي ينتج عن تصلب المفصل بشكل كامل، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحالة لا يمكن علاجها بواسطة الجراحة، ولكن يمكن إجراء تحسين قوس الحركة من خلال برامج إعادة التأهيل المكثفة بالعلاج الطبيعي.
إجراء جراحي
يلفت د.إيلى إلى أن حالة التلف التدريجي المستمر وارتفاع حدة الألم الناتج عن الالتهاب المفصلي العظمى وخاصة في الليل، تؤثر سلباً في نمط نوم المريض، وفقدان القدرة على الحركة بشكل يحد من إمكانية تلبية الاحتياجات الأساسية اليومية، ولذلك يجب استشارة الطبيب في أقرب وقت، حتى يتم تحديد خيار مناسب للعلاج من هذه الحالة، مثل: جراحة استبدال الركبة بالكامل في حال إصابتها، لإعادة صقل المفصل عن طريق نحت سطح الغضروف الرقيق المستخدم واستبداله بغطاء صناعي يسمح بالحركة ويتحمل الوزن دون أي ألم، وفى العقود الأخيرة تطورت هذه الجراحة بشكل كبير، حيث يقوم الجراح بعمل شقوق بسيطة ومحدودة التدخل مع الحد الأدنى من الضرر للعضلات والأوتار والأنسجة الرخوة مع غرسات اصطناعية عالية المتانة تدوم حوالي 20 عاماً أو أكثر.
خلل المناعة
يبين الدكتور مهنتش ماجادوم أخصائي جراحة العظام أن جهاز المناعة السليم وظيفته التخلص من العدوى ووقاية الجسم من الأمراض، أما في حال حدوث خلل فإنه ينحرف عن طريق الخطأ، ويهاجم المفاصل عن طريق الالتهاب غير المنضبط، ما يتسبب في تآكل الأنسجة وربما يؤدى إلى تلف الأعضاء الداخلية والعينين وغيرها، ويعد التهاب المفاصل الروماتويدي والتهاب المفاصل الصدفي أمثلة على التهاب المفاصل الالتهابي، ويعتقد الباحثون أن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية يمكن أن تؤدي إلى المناعة الذاتية، ويعد التدخين من أهم عوامل الخطر البيئي الذي يمكن أن يؤدي إلى التهاب المفاصل الروماتويدي لدى الأشخاص الذين لديهم جينات وراثية معينة.
الالتهاب المعدي
يوضح د. مهنتش أن السبب في الإصابة بالالتهاب المفصلي المعدي هو دخول البكتيريا أو الفيروسات أو الفطريات إلى المفصل والتسبب في أذيتها وتلفها، ومن هذه الأنواع على سبيل المثال السالمونيلا والشيغيلا (التسمم الغذائي أو التلوث)، الكلاميديا والسيلان، والكبدي الوبائي (C) الذي ينتقل أثناء عمليات نقل الدم من شخص لآخر، وربما يؤدي العلاج بالمضادات الحيوية مبكراً إلى القضاء على عدوى المفاصل، حتى لا تتحول إلى حالة مزمنة ويصعب شفائها.
الكشف المبكر
يلفت د.مهنتش إلى أن التشخيص والعلاج المبكر يلعب دوراً هاماً في السيطرة على أعراض ومضاعفات أمراض المناعة الذاتية والتهابات المفاصل، حيث إنه يساعد في إبطاء نشاط المرض، وتقليل أو منع تلف المفاصل الدائم، ويتم ذلك من خلال استخدام واحد أو أكثر من الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة للمرض، ويهدف العلاج إلى تقليل الألم وتحسين وظيفة المفاصل.
متلازمة شوغرن
تعرف متلازمة شوغرِن بأنها اضطراب يصيب الجهاز المناعي ويهاجم الخلايا والأنسجة، وتؤدي إلى تلف أجزاء وأعضاء من الجسم مثل الكلى، الكبد، الرئة، الجلد، الأعصاب، الغدة الدرقية، والمفاصل وترافق بعض المشكلات المرضية وتصيب على الأكثر المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة الحمراء، ولا يوجد لها سبب محدد حتى الآن، وتظهر أعراضها على شكل نقص في إنتاج الدموع وجفاف العين وانخفاض كمية اللعاب في الفم نتيجة تأثر الأغشية المخاطية، وتستهدف على الأكثر الأشخاص فوق سن الأربعين وتنتشر بين النساء عن الرجال، ويتعرض المصاب للعديد من المضاعفات منها تسوس الأسنان، العدوي الفطرية، مشاكل في الرؤية، اعتلال الأعصاب، ويعانى نسبة قليلة سرطان الغدد اللمفاوية، وتعتمد خطة التداوي على علاج المنطقة المتضررة.