نافالني لا يقارن ببوتين

01:06 صباحا
قراءة 3 دقائق

سلومير سيراكوفسكي*

من غير المرجح أن تنشأ حركة احتجاجية في روسيا بقيادة نافالني شبيهة بتلك الموجودة في بيلاروسيا
تشهد روسيا أكبر موجة احتجاجات منذ سنوات، ما يعزز الآمال في استمرار الضغط الشعبي وتكثيفه، وهو ما يتكرر في بيلاروسيا المجاورة.
 ففي بيلاروسيا، اندلعت الاحتجاجات في أغسطس/آب 2020، بعد اتهام الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، بتزوير الانتخابات بحيث حقق انتصاراً على منافسته سفيتلانا تيكانوفسكايا، بأغلبية ساحقة. أما في روسيا، فكانت الشرارة اعتقال زعيم المعارضة أليكسي نافالني لدى عودته إلى روسيا بعد تعافيه من التسمم. ثم تصاعدت الاحتجاجات بعد أن حكم على نافالني على عجل، بالسجن لنحو ثلاث سنوات.
ولا يحظى نافالني بشعبية كبيرة في روسيا حيث تبلغ نسبة مؤيديه 5٪ فقط، وفقاً لمركز «ليفادا» (شركة الأبحاث المستقلة الوحيدة في روسيا).
على النقيض من ذلك، تبلغ نسبة تأييد الرئيس فلاديمير بوتين 29٪، أي أن نسبة 39٪ سيصوتون لبوتين في الانتخابات الرئاسية، و 2٪ فقط لصالح نافالني. ورغم أن هذه أدنى نسبة تأييد لبوتين في استطلاعات الرأي، إلا أنه من الصعب تجاهل الفارق.
وخلافاً لتوقعات الغرب، ظل تصنيف قبول نافالني عملياً دون تغيير منذ سبتمبر. وبعد الاحتجاجات والحكم بالسجن، ازدادت نسبة معارضيه إلى 56٪ مقارنة ب 50٪ في سبتمبر..
 لكن النسب مختلفة في بيلاروسيا حيث كشف استطلاع كانت أجرته شركة «تشاتام هاوس» أن نسبة 18.6٪ من البيلاروسيين فقط سوف يصوتون لصالح لوكاشينكو في الانتخابات الرئاسية في أغسطس/آب الماضي، مقارنة بأكثر من 50٪ لمعارضته تيكانوفسكايا.
ربما يكون مرد الفارق إلى أن الاحتجاجات في روسيا أصغر حجماً بكثير من الاحتجاجات في بيلاروسيا. فقد جذبت أكبر مظاهرة روسية في موسكو حوالي 40 ألف شخص، بينما شارك في أكبر احتجاجات في مينسك - وعدد سكانها سدس سكان موسكو فقط - نصف مليون شخص.. ويواصل البيلاروسيون الاحتجاج حتى يومنا هذا ما يؤكد على وجود حركة معارضة جماهيرية في بيلاروسيا بدون زعيم، وفي روسيا هناك زعيم معارضة بدون حركة جماهيرية.
من جانب آخر يناضل نافالني من أجل هدف محدد هو مكافحة الفساد بعد أن تفاقمت سيطرة بوتين والنخبة الأولغارشية على مقادير البلاد منذ فوضى التسعينات.
 من هنا فإن نافالني هو المنافس المناسب لبوتين. ولكن، إذا أراد أن يكتسب نوع الشعبية التي تتمتع بها تيكانوفسكايا في بيلاروسيا، فسوف يحتاج أيضاً إلى تلبية مطلب آخر للناخبين الروس هو القومية، حيث تعتبر المشاعر القومية في روسيا من بين الأقوى في أوروبا.
 وكثيراً ما أعرب نافالني عن وجهات نظر تحظى بشعبية بين القوميين الروس. على سبيل المثال، في عام 2014، قال: «لا أرى أي نوع من الاختلاف على الإطلاق بين الروس والأوكرانيين». وعلى الرغم من الاعتراف بأن ضم القرم ينتهك القانون الدولي، قال: «الحقيقة هي أن شبه جزيرة القرم صارت الآن جزءاً من روسيا».
وفي الحقيقة انحرفت قومية نافالني أحياناً إلى حد اليمين المتطرف، عندما قال بأن قضية الهجرة غير الشرعية «أهم 100 مرة» من أي شيء يحدث في أوكرانيا،.
 وعلى أية حال يبقى نافالني سياسياً أكثر مما هو قومي. ففي كتابه الصادر عام 2016 بعنوان «التخطيط لروسيا الجديدة»، أوضح أنه وقف إلى جانب اليمين المتطرف لأنهم «أيدوا فكرة أن يكون لكل فرد خيار» و«دافعوا عن إصلاح القضاء واستقلال وسائل الإعلام».
 والنتيجة أنه من غير المرجح أن تنشأ حركة احتجاجية طويلة الأمد في روسيا بقيادة نافالني شبيهة بتلك الموجودة في بيلاروسيا اليوم. قد يفقد بوتين السلطة في يوم من الأيام، ولكن على الطريقة الروسية. يمكن للروس الرضوخ بشكل سلبي للسلطة المطلقة، ثم فجأة يديرون ظهورهم لزعيم كان بالأمس إلهاً. روسيا لا تعرف الحلول الوسط - تماماً مثل نافالني.
* صحفي وناقد أدبي بولندي(بروجيكت سينديكيت)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحفي وناقد أدبي بولندي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"