عادي

عبد الله الهدية: الساحة الشعرية تعاني شح المواهب

23:03 مساء
قراءة 4 دقائق
1

الشارقة: علاء الدين محمود

يثير الشاعر عبدالله الهدية عدداً من المواضيع المهمة المتعلقة بالحراك الشعري في الإمارات، وكيفية صناعة ذائقة إبداعية تحبب الجمهور في الشعر وحضور الأمسيات.

في بداية حديثه، أعرب الهدية عن سعادته الكبيرة بتجاوز الحراك الشعري الإماراتي الدولة إلى آفاق أوسع تمتد من الخليج إلى المحيط، بل وإلى العالمية من خلال الأنشطة المتعددة، والمهرجانات الكبيرة التي صارت قبلة للشعراء والمهتمين بالشعر، وهو نشاط لم يتوقف حتى في ظل جائحة كورونا، واتخذ أشكالاً مختلفة عبر المنابر الافتراضية ما خلق حضوراً لافتاً وجميلاً للإبداع الإماراتي، ويشير الهدية إلى أن أهم عوامل نجاح توهج الشعر في الدولة أن القيادة نفسها تهتم به وترعاه وتبذل في سبيله المبادرات والمشاريع والخطط.

ورغم المشاهد الجميلة التي رسمها الهدية لواقع الشعر في الدولة، إلا أنه أشار إلى وجود بعض المنغصات التي يمكن أن تهدد استمرارية الراية الشعرية، وهي ما يسميها بقضية شحّ المواهب، وأوضح أن ذلك الأمر بات يؤرقه، لكونه ينتمي إلى جيل استلم الراية من سابقين كانت لهم صولاتهم وجولاتهم في هذا الميدان، حيث حافظوا على الحالة الشعرية متوهجة، والمطلوب هو «أن يكون التلميذ أفضل من المعلم»، وعبّر عن قلقه من أن ينطفئ ذلك التوهج، لأن المواهب بدأت تقل، رغم ظهور بعض الإشراقات والومضات هنا، وهناك. وطالب الهدية، المؤسسات الثقافية بمختلف أشكالها، بأن تجعل من رعاية المواهب قضيتها المركزية، وإلا فإن بعض الشعراء النوابغ من الجدد سيتسرب إليهم الإحباط فيميلون نحو الانزواء والغياب، ما سيصيب الساحة الإبداعية بالجفاف والجدب.

وطالب الهدية بتخصيص راتب شهري لكل صاحب موهبة شعرية من المبتدئين، حتى لا ينقطع سلسال الشعر، ويشير إلى أن هناك تعاقباً جيداً لحركة الأجيال، والمطلوب هو أن يضع الجميع في اعتبارهم مستقبل الشعر في ظل هذا الوضع، ودعا إلى ألا ينحصر دور المؤسسات الثقافية في إقامة الدورات في علم العروض والمسابقات وما شابه فقط، بقدر ما أنها أمام تحد تواصل المسيرة الشعرية، حيث إن أجيال الشباب مختفية عن الحراك الإبداعي الشعري، ويقول: «يجب ألا تسقط راية الشعر المتوارثة من الاجداد». 

حاجة ماسة

وذكر الهدية أن وزارة الثقافة تواجه مجموعة من التحديات، وهي غارقة في وضع الخطط، داعياً إياها إلى بذل المزيد من العمل الثقافي إلى جانب وضع الخطط بعيدة المدى، مشيراً إلى أن الكثير من المراكز الثقافية مغلقة، وظلت على تلك الحالة حتى قبيل الجائحة، وهناك حاجة ماسة لاستئناف نشاط تلك المراكز في مختلف أنحاء الدولة، كما أن الوزارة مطالبة بوضع منهج ورؤى وتصورات لتحريك النشاط الثقافي في شكله اليومي.

وفي معرض توصيفه لعمل اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ذكر الهدية أنه ظل يعمل رغم كل الظروف، وهناك توهج أسبوعي متمثل في الندوات والأمسيات الشعرية عبر المنصات الافتراضية، ولفت إلى أن المطلوب من الاتحاد وكل المؤسسات الثقافية أن يصبح الشعر مادة يومية، ويقول: «إن الشعر هو غذاء الروح، ويجب أن يكون متواصلاً، لا أن ينحصر في المناسبات فقط، فالأمم تقاس بفنونها المختلفة وعلى رأسها الشعر».

قضية مهمة

ولفت الهدية إلى أن حضور الأمسيات الشعرية ظل منحصراً في وجوه ومجموعة معينة لا تتغير، وذلك مؤشر خطير يدل على فجوة بين الأمسيات وجمهور الشعر، والمطلوب هو العمل من أجل الوصول إلى الجمهور، فمن الضروري نشر الجمال بين كل شرائح المجتمع، وهي مهمة يجب أن تتصدى لها كل المؤسسات الثقافية، وطالب الهدية بأن تخصص فعاليات عدة لبحث قضية ضعف الحضور الجماهيري في الأمسيات الشعرية، بدلاً من الخوض في قضايا باتت مكررة، فلابد من بذل الجهود من أجل استقطاب الجمهور.

وانعطف الهدية بالحديث نحو الحركة النقدية، وشدد على ضرورة وجود الناقد المستقل الذي لا يؤمن باتجاه فكري معين يعمل على الانتصار له ويلغي بقية التيارات والاتجاهات الفنية والفكرية في الشعر، كأن يتبنى النظم العمودي، فلا يعير التجارب الحديثة اهتماماّ، منوهاً بأن بعض النقاد ظلوا يتناولون التجربة الإبداعية لعدد محدود من الشعراء من دون البقية، وأكد أن الساحة الشعرية تفتقد الناقد الحقيقي.

وطالب الهدية الصحف بأن يكون لديها منهج واضح في التعامل مع القضايا الثقافية، بحيث لا تستهلك طاقتها في التغطيات والمناسبات والتركيز على أسماء معينة، ولابد لها أن تبحث عن الغائبين والمنزوين بعيداً، وأن تعمل على التنقيب والبحث عن الجمال والمواضيع الشعرية المتعددة.

حقوق مهضومة

وفي سياق حديثه عن واقع دور النشر، ذكر الهدية أن حقوق الشعراء مهضومة تماماً، ففي حين يجتهد الشاعر ويبذل جهداً فكرياً ونفسياً من أجل إصدار ديوان جديد، فإن دار النشر لا تترك له غير الفُتات، وحتى المؤسسات الثقافية لا تدفع للشاعر الكثير مقابل أن تطبع أعماله، ما يؤدي إلى إحباط الشعراء خاصة الشباب منهم.

ودعا الهدية الشعراء الشباب إلى العمل من أجل التسويق لأنفسهم وفرض أنفسهم على واقع الحركة الشعرية، بشرط أن يكون لديهم القدرة والمقومات والموهبة الحقيقية، فالمجال أمام الشباب بات اليوم أوسع من الماضي، بفضل التطور الكبير في التقنيات والاتصالات وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الشباب ألا يركنوا إلى الشكوى وانتظار الدعم والسند، وأن يشتغلوا على أنفسهم ومشاريعهم الشعرية، وألا يتمحوروا حول المطالب فقط، لأن ذلك سيقودهم إلى الانزواء والغياب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"