انتخابات.. أم خيبات؟

00:28 صباحا
قراءة 3 دقائق

حافظ البرغوثي

هل ستضع الانتخابات التشريعية الفلسطينية حداً للانقسام أم ستفاقم الأزمة الداخلية؟ وهل ستُجرى الانتخابات في موعدها المحدد بعد شهر رمضان المبارك، بموجب ما اتفق عليه في القاهرة بين فتح وحماس والفصائل الأخرى، أم سيجري ترحيلها إلى موعد لاحق؟

 أسئلة كثيرة تثار حالياً في خضم التشكلات المبدئية للقوائم الانتخابية، لأن الانتخابات ستُجرى وفق النظام النسبي، بحيث لا يقل عدد مرشحي القائمة عن 16 مرشحاً، وسيرتفع الرقم إلى 18 في حالة غياب أي مرشح، أو في حالة وفاة مرشح ما قبل الانتخابات. وما مدى تأثير الجائحة في الانتخابات مع غياب اللقاح وتفشي السلالات الجديدة من الفيروس الذي بدأ يصيب الأطفال والشبان أكثر من غيرهم؟

 قيل في البدء، إن هناك مطالب دولية لتجديد الشرعيات الديمقراطية بواسطة الانتخابات، لكن تبين عدم وجود مطالب كهذه، لأن العالم منشغل بأزماته الاقتصادية وجائحة كورونا. كما أن الذهاب إلى انتخابات من دون حسم مسألة المصالحة وإيجاد مناخ تسامحي غير متوتر، يُبقي الانتخابات مجرد تظاهرة صوتية، لن تفضي إلى مصالحة حقيقية، لأن الوضع كمن يضع العربة أمام الحصان، وليس العكس.

 ويقول معارضو الانتخابات في فتح إن الانتخابات غير ضرورية حالياً في ظروف الجائحة، وغياب اللقاح، وعدم تمكن السلطة الفلسطينية من فرض ضوابط وقائية، من حيث التباعد وغيرها، ما يعني أن تفشي الفيروس سيتضاعف بسبب الانتخابات، حيث لوحظ مثلاً أن عدد الإصابات في الولايات المتحدة في شهر تشرين الأول/أكتوبر، أي شهر الانتخابات، تضاعف إلى 200 ألف إصابة يومياً، رغم أن أكثر من نصف الأمريكيين صوتوا بواسطة البريد، وأن مراكز الاقتراع كانت مفتوحة للتصويت المباشر قبل يوم الانتخابات، ومع ذلك سجل شهر نوفمبر/تشرين الثاني ربع الإصابات والوفيات في الولايات المتحدة منذ بداية الجائحة.. فكيف سيكون الوضع في الأراضي الفلسطينية؟

 وهناك من يرى أن دوافع حركة حماس لخوض الانتخابات، بعد تقييمها من قبل مجلس شورى الحركة، لها فوائد جمة، لأن الحركة تمر بمرحلة حرجة، من حيث تحالفاتها الإقليمية، أي مع إيران وتركيا، وكلا الحليفين يمران بمرحلة كسب ود الإدارة الأمريكية الجديدة لأسبابهما الداخلية، وليستا معنيتين بهوامش فلسطينية، لأن الورقة الفلسطينية في أيديهم لم تعد قابلة للصرف، في سوق السياسية الدولية.

 وحماس نفسها تمر بمرحلة تصالح صامت مع إسرائيل أيضاً. ولهذا فإنها وجدت في الانتخابات وسيلةً للإفلات من استحقاقات المصالحة، ومحاوَلةً للانضمام إلى النظام السياسي الفلسطيني لعبور المرحلة الدولية المعقدة في غياب الإسناد الإقليمي الذي أتاح لها البقاء. 

 فالمعادلة التي استندت إليها حماس بسيطة وغير معقدة، أي أن مكاسبها من الانتخابات أكبر من خسائرها بالمطلق، فإن فازت فستكون لها اليد الطولى في الحكم، وإن خسرت فإنها ستبقى مهيمنة على غزة، ولا أحد يزحزح سيطرتها على القطاع، بل ستشارك وفقاً للنظام النسبي في حكم الضفة الغربية، وكأن واقع حالها يقول لفتح «ما هو لي فهو لي وما هو لك فهو لي لك». وبهذه المعادلة البسيطة تخوض حماس الانتخابات، فهي لا تخوض أية انتخابات إلا إذا ضمنت مكاسب، حتى لو كانت انتخابات نقابية أو بلدية. حيث امتنعت عن انتخابات سنة 1995 ثم خاضت انتخابات 2006 بعد أن ضمنت الفوز أو تحقيق نتائج قوية. 

أما حركة فتح فهي كما يبدو ذاهبة إلى انتخابات غير مضمونة بسبب دخولها بقوائم مختلفة، ما يعني أنها معرضة للتشظي انتخابياً، حيث يبدو أن الدكتور ناصر القدوة سيشكل قائمة، رغم أن فتح قررت أنه لا يحق لأي عضو تولى مناصب في الحركة أو في السلطة كوزير أو سفير أو عضو تشريعي أن يترشح. من هنا لا يبدو أن فتح ستذهب موحدة، كما أن تيار محمد دحلان يعد قائمة، بينما لم يحسم مروان البرغوثي أمره في السجن حتى الآن.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"