محيي الدين

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

إبراهيم الهاشمي
حينما حاول محيي الدين جاهداً، مغالبة الدمعات التي تجمعت في عينيه، أثناء حفل التكريم الوداعي الذي أقامه له اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، كشفته تعابير وجهه الحزينة المتألمة التي عبّرت عن مسيرة عمر من العطاء ممتدة منذ 1984 مع الثقافة والمثقفين، كشفت مدى الوفاء الذي يحمله هذا الرجل الطيب النبيل، الذي عاصر وعرف وتعامل مع كل مجالس الإدارات التي مرت على الاتحاد عبر تاريخه، عاش كل النجاحات التي عاشها الاتحاد، وعاش صراعاته ومشاكله بوفاء منقطع النظير، عرف جميع الكتّاب والأدباء والمثقفين، ليس فقط من تعامل مع الاتحاد وفعالياته، فهو مثقف مميز يقرأ كثيراً ويكتب كثيراً، يعرف رموز الإمارات الثقافية والأدبية والفنية فرداً فرداً من خلال مؤلفاتهم ونتاجهم الأدبي والفني، متابع دقيق للساحة الثقافية، لذا كان يقوم بأرشفة كل ما يكتب حول الاتحاد وفعالياته، وكل الأحداث الثقافية بشكل عام، يؤرشف كل ما يتعلق بالأدباء والكتّاب، بل يرسل لكل من يعرف منهم ما كتب عنه عبر الهاتف.
اتسع قلبه بكل الحب للجميع، لذا كان صديق الجميع، ووجه الاتحاد الباسم وأيقونته الحقيقية، التي تمارس العطاء بشغف صادق وانتماء أصيل، لا يغضب إلا من أجل الاتحاد وحباً فيه، يمارس عشقه للمكان كنسمة باردة شذية، تحمل العطر بين ثناياها لكل الوجوه دون استثناء.
عرفته عن قرب، صادق النفس سوي السريرة، يملك سخاءً في العطاء دون النظر لوظيفة أو طبيعة عمل، يرى أن كل شيء في الاتحاد أمانة لديه، ولا بد أن يحافظ على هذه الأمانة، تعامل مع الجميع باعتبارهم أخوته وأصدقاءه ورفاق دربه.
محيي الدين علامة فارقة في الوفاء ونكران الذات، قضى جل عمره بين جدران الاتحاد، هو في الحقيقة سجل الاتحاد وأرشيفه الحقيقي الصادق، كان يوثق كتابة مذكراته حول المكان والزمان والبشر الذين مروا في تاريخ الاتحاد، لذا فما وثقه يعتبر اليوم سيرة صادقة ومحايدة عن الاتحاد، مسيرةً ومجالس إدارة وأدباء ومثقفين.
رحيل محيي الدين عائداً إلى بلاده برغبته الشخصية بعد أن تقدم به العمر، غصة كبيرة تضرب القلب بشدة، فلا أعرف كيف سأدخل الاتحاد مرة أخرى، ولا تستقبلني ابتسامته الصادقة، لا أعرف كيف سنمر بجناحه، ولا نراه يشرح لمحبي المعرفة، ويوجههم لشراء هذا الكتاب أو ذاك.
محيي الدين لو كان بيدي لما تركتك تغادرنا، فأنت واحدٌ منّا وفي القلب أخٌ لم تلده أمي وصديق صادق الوفاء، ورفيق درب له علينا من الجميل كثير لا ينسى، والدمعات التي هلت على وجنتيك كانت دموعي.
أخي وصديقي محيي الدين سأحبك دائماً، وسأفتقدك دائماً وستبقى في القلب، ولا أقول إلا أسعدك الله حيثما كنت.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"