عادي

أبناء السويس يمرحون مع الجار الجديد ويستعيدون التاريخ المشرف

18:54 مساء
قراءة 3 دقائق
87

اعتاد القرويون على ضفاف قناة السويس على وجود جارهم الجديد وغير التقليدي منذ بضعة أيام، وهو ببساطة سفينة ضخمة يبلغ طولها 400 متر، تحمل على متنها نحو مليار دولار من البضائع. ولا أحد يعرف إلى متى ستطول إقامة هذا الضيف العملاق.
شاهقة فوق كل شيء، وبإطلالة على المنازل البسيطة المنخفضة، والحيوانات العاشبة، والأراضي الزراعية الخضراء المملوءة بأشجار النخيل، تقف حاملة الحاويات «إيفر جيفن» مثل نصب تذكاري عالمي وسط مشهد ريفي مصري نموذجي.
ومنذ أن أدى جنوح السفينة، الأسبوع الماضي، إلى توقف أحد أكثر طرق التجارة ازدحاماً في العالم، حجز السكان مقاعدهم النادرة في الصف الأول لحضور مسرحية ريفية تعتبر نتيجة أحداثها مهمة جداً للاقتصاد العالمي.

عبدالناصر أمم القناة في العام 1956 وانتزعها من السيطرة البريطانية بعد ثمانية عقود

الصورة
1


قالت امرأة محلية تدعى فاطمة، أمضت حياتها في رؤية سفن الشحن وسماع صوت أبواقها على طول القناة: «لم نشهد أبداً سفينة عالقة هنا منذ فترة طويلة جداً، لقد كوّنّا صداقات معها بالفعل». وأشارت إلى «إيفر جيفن» حيث كان الأطفال المحليون يلعبون الغميضة عند أضوائها في الليل.
وبينما تتسابق الجرافات وقوارب السحب وفرق المهندسين لتعويم السفينة، يستمتع سكان المناطق الزراعية الواقعة شمال مدينة السويس بالحداثة، ويلتقط البعض صور سيلفي تذكارية مع الضيف الغريب، أو يلوّحون للطاقم ويهتفون مرحاً ودهشة في آن واحد.
في المقابل، تجلس فاطمة وتنظر إلى السفينة المحملة بآلاف الحاويات الحمراء والزرقاء والخضراء، وتتخيل ماذا يوجد داخل هذه الصناديق المتوجهة إلى الأسواق العالمية. وضحكت قائلة: «أحتاج إلى غرفة نوم ومجلس صالون لمنزلي الجديد، وأريده على الطراز الفرنسي».

الصورة
1


الممر المائي

وتأتي السفن التي تبحر في هذا الممر المائي بشكل اعتيادي من جميع أنحاء الأرض، ولكن بالنسبة للسكان المحليين، فإن القناة التي يبلغ طولها 120 ميلاً وتربط البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط منذ عام 1869 تُعد مصدر فخر لهم ولكل المصريين. وبالنسبة للقرويين في تلك المناطق تشكل قناة السويس نمط حياة لأجيال كثيرة.
ولسان حال القرويين في هذه الأرض ومن بينهم عوض، يقول: «لقد قام الرئيس جمال عبدالناصر بتأميم القناة في عام 1956، وانتزعها من السيطرة البريطانية بعد ثمانية عقود، ما عزز مكانته زعيماً عربياً ملهماً. كما أشرف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على مشروع توسعة القناة عام 2015 بقيمة 8 مليارات دولار بهدف زيادة حركة المرور والإيرادات، وتم تعزيز الإجراءات الأمنية آنذاك».
وتم إغلاق قناة السويس عام 1967 وأعيد فتحها في عام 1975، وكان هذا آخر إغلاق رئيسي. ومثل كل أولئك الذين يعيشون بجوار القناة، يتذكر عوض الرياح القوية والعاصفة الرملية التي صبغت السماء باللون الأصفر وقلصت الرؤية ما تسبب بجنوح سفينة الحاويات «إيفر جيفن». وقال: «أصبت بالذعر عندما سمعت لأول مرة عن السفينة، أعرف مدى أهمية القناة بالنسبة لنا جميعاً».

الصورة
1

فكرة إنشاء القناة

بدأت فكرة إنشاء القناة عام 1798 مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر، ففكر نابليون في شق القناة إلا أن تلك الخطوة لم تكلل بالنجاح، وفي عام 1854 استطاع دي لسبس إقناع محمد سعيد باشا بالمشروع وحصل على موافقة الباب العالي، فقام بموجبه بمنح الشركة الفرنسية برئاسة دي لسبس امتياز حفر وتشغيل القناة لمدة 99 عام. استغرق بناء القناة 10 سنوات (1859 - 1869)، وساهم في عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري، مات منهم أكثر من 120 ألف أثناء عملية الحفر نتيجة الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة.
تم افتتاح القناة عام 1869 في حفل مهيب وبميزانية ضخمة. وفي عام 1905 حاولت الشركة الفرنسية تمديد حق الامتياز 50 عاماً إضافية إلا أن تلك المحاولة لم تنجح مساعيها. وفي يوليو عام 1956 قام الرئيس عبد الناصر بتأميم قناة السويس، والذي تسبب في العدوان الثلاثي والذي انتهى بانسحاب فرنسا وبريطانيا تحت ضغوط دولية ومقاومة شعبية.

إغلاق 8 سنوات

تسببت حرب 1967 في إغلاق قناة السويس لأكثر من 8 سنوات، حتى قام الرئيس السادات بإعادة افتتاحها في يونيو 1975، بعد فض الاشتباك بين مصر وإسرائيل ووقف إطلاق النار ضمن أحداث حرب أكتوبر. شهدت القناة بعد ذلك عدة مشاريع لتوسيع مجراها وتقليل وقت عبورها بدأت عام 1980 وكان آخرها في 6 أغسطس 2015 مع افتتاح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مشروع قناة السويس الجديدة. (وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"