زلزال 18 إبريل

معاً في الملعب

01:15 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

معن خليل

كان الأمر بمثابة زلزال ضرب كرة القدم، 12 نادياً من النخبة تقرر إطلاق بطولتها الخاصة «دوري السوبر الأوروبي»، بحثاً عن إيرادات خيالية، وتعلن في 18 إبريل/ نيسان، عبر رئيس مؤسستها الجديدة فلورنتينو بيريز، الانفصال عن البطولة الأم «دوري أبطال أوروبا» التي منذ انطلاقها في 1956، حملت ذكريات لا تُنسى، وأجمل هدية سنوية من القارة العجوز لعشاق اللعبة الشعبية في العالم.

وعندما أعلن بيريز إطلاق «الدوري السوبر»، كان ذلك بمثابة إعلان حرب على الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وداعمه «فيفا»، والأندية خارج مجموعة ال12 التي اتّحدت وشكّلت رأياً عاماً مضاداً وفاعلاً مدعوماً بمواقف سياسية غير مسبوقة في ملفات رياضية من هذا النوع، وتصريحات نارية لنجوم سابقين.

ويرى المعارضون أن «الدوري السوبر» يشطب ذكريات 65 عاماً، ويشطب تاريخ نادي ريال مدريد الذي أصبح نادي القرن من خلال دوري الأبطال، ويلغي ذلك الأثر الكبير الذي تركته «حادثة ميونخ» في النفوس عندما تحطمت الطائرة التي كانت تقل فريق مانشستر يونايتد، بعد خوضه في نسخة 1958 مباراة ضد النجم الأحمر، ليعود الناجون من الموت بقيادة مدربهم الأسطوري، مات باسبي، بعد 10 سنوات، ويحملون كأس «ذات الأذنين» تجسيداً للأمل الذي يولد من رحم المعاناة.

هي البطولة التي قدمت الفريق الأسطوري لبنفيكا البرتغالي ونجمه «الفهد الأسمر» أوزيبيو، والفريق الجميل لأياكس الهولندي، وفتاه الطائر يوهان كرويف، والمدرب «الجنرال» رينيه ميتشلز أستاذ الكرة الشاملة، وبايرن ميونخ بيكنباور، وجيرد مولر، وسيب ماير، و«الريدز» ليفربول، و«جراند إنتر» ومدربه الأرجنتيني العبقري هيلينيو هيريرا، وميلان بأجياله الذهبية كافة، وعمالقة من الزمن الجميل أصبحوا منسيّين حالياً (هامبورج وأستون فيلا ونوتنجهام فوريست وستيوا بوخارست والنجم الأحمر ومرسيليا).

أما المعروض حالياً، فهو منتج مغرٍ بمباريات تنافسية عالية، الجودة وبمكاسب مالية ضخمة تغطي العجز الذي وقعت فيه الأندية الكبيرة بعد جائحة «كورونا»، لكن بلا شغف، وتقتل روح التنافس الذي كانت توجده أندية الصف الثاني وهي تحارب لاحتلال أحد المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا في بطولاتها الوطنية، وتحدث شرخاً بين الأندية الثرية، والأخرى الأقل منها مادياً، وقد بدأت أولى مظاهره في لقاء ليفربول وليدز يونايتد، يوم الاثنين الماضي، في الدوري الإنجليزي، عندما أرتدى لاعبو الأخير خلال فترة الإحماء قمصاناً كتب عليها «كرة القدم ملك الجماهير»، حيث بدا المشهد كأنه حرب طبقية بين أعداء وفكرَين متناقضين، وليس تنافساً بين لاعبين في أرضية الملعب.

من حق الأندية الكبيرة أن تفكر في مصلحتها، وأن تناقش الاتحاد الأوروبي للعبة في تطوير المسابقة وعن المردود المالي الشحيح الذي تحصل عليه، بينما هو يجني على ظهرها الملايين، لكن في المقابل هناك ثمن سلبي لذلك، في «الروتين» الذي سيجعلنا سنوياً نرى الفرق نفسها تنافس بعضها بعضاً، والذي سيفقدنا شغف انتظار قرعة الأدوار الإقصائية، والحكايات الجميلة عن فرق ولاعبين مغمورين يريدون تقديم أنفسهم في المسرح الأوروبي الكبير.

maanabouhassan@gmail.com

عن الكاتب:
صحفي