الرواية مبنية على التصوّف

00:52 صباحا
قراءة دقيقتين

يعرض لنا الزميل علاء الدين محمود في القسم الثقافي في جريدة «الخليج» منذ بدء رمضان، وحتى الآن، بقلمه الهادئ والمثقف ثماني روايات تدور في فلك واحد هو الصوفي أو العرفاني، وهي معاً قراءات يومية موجزة، ولكنها عميقة، وكافية لأن تدور في قراءاتك بهذا الفلك السردي وأنت مطمئن لما تقرأ، ومطمئن أيضاً إلى ظاهرة روائية عربية تتموضع في ما هو مادي وروحي في الوقت نفسه، وبعضها يقوم على رموز صوفية معروفة في تراثنا النثري مثل ابن عربي، وبعضها يستعير الفضاء الروحي واللغة الصوفية من دون الاعتماد على شخصيات أو تجارب عرفانية في حدّ ذاتها: رواية «موت صغير» للسعودي محمد حسن علوان، «هذا الأندلسي» للمغربي بن سالم حميش، «شجرة العابد» للمصري عمار علي حسن، «شوق الدرويش» للسوداني حمّور زيادة، و«الأطلسي التائه» للمغربي مصطفى لغتيري، و«شطح المدينة» للمصري جمال الغيطاني، و«عشق» للمصري أحمد عبدالمجيد، و«قواعد العشق الأربعون» للتركية أليف شفق.
في الروايات الثماني هذه يُلاحظ ميل الكتاب المصريين والمغاربة إلى الصوفية إذا أردنا استخدام هذا المصطلح واعتبارها ظاهرة روائية عربية، فالروائي جمال الغيطاني له أكثر من رواية تدور في هذا الفلك: «التجليات»، و«رسالة في الصبابة والوجد»، و«دنى فتدلّى»، وترد هذه العبارة بالحرف في القرآن الكريم.
بعض المصادر تقول إن نجيب محفوظ كتب في هذا الفلك رواية «الطريق عام 1964، وللروائي المصري إدوار الخرّاط نصوص سردية صوفية أيضاً.
باختصار لماذا نلاحظ كتابة روايات صوفية بأقلام كتّاب مصريين معروفين؟ الإجابة باختصار أن قاع الكثير من الكتاب المصريين هو قاع ديني تماماً مثل طبيعة المصري الشعبي ابن الحارة والحتّة والقرية، حامل التدين الفطري بطبعه وطبيعته، ونحن لا نفصل هذه الروح الشعبية عن الكتابة في الوقت نفسه.
في الأفق المغربي يشكّل الكاتب عبد الإله بن عرفة ظاهرة روائية صوفية في العديد من أعماله، وأبرزها ما قام على التجربة الصوفية لأبي حامد الغزالي في روايته «طواسين الغزالي»، و«جبل قاف»، و«بحر نون»، فنلاحظ هنا، أن المجتمع المغربي في فضائه الشعبي هو أيضاً مجتمع التدين الفطري البسيط، ويأتي كتّاب الرواية الدائرة في فلك التصوف في هذا الإطار الروحي الفطري.
الرواية الصوفية، أو الرواية الروحية، أو الرواية العرفانية أو «الكتابة بالنور» على حدّ تعبير عبدالإله بن عرفة موجودة أيضاً عند الألماني هرمان هيسّه في رواية «دميان»، وترد بعض الإشارات الصوفية في رواية «لعبة الكريات الزجاجية»، والروحي التصوّفي موجود أيضاً عند البرازيلي باولو كويلو في روايته «تعاليم محارب النور»، أما رواية التركية أليف شفق «قواعد العشق الأربعون»، فتقوم على تجربة المتصوّف الكبير الشاعر جلال الدين الروّمي.
لماذا؟ وكيف، نشأت ظاهرة روائية فلكها التصوّف بأقلام عربية وغير عربية؟ سؤال متروك لنقاد الرواية العرب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"