كارثة إنسانية

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

أن يصل عدد الوفيات في الهند جراء وباء كورونا إلى 195 ألفاً، وإجمالي عدد المصابين إلى أكثر من 17 مليوناً، مع ارتفاع قياسي يومي غير مسبوق في عدد الإصابات، فهذا يعني أن هذا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 1.3 مليار نسمة بات على شفا كارثة إنسانية.

 الأرقام الرسمية تتحدث عن 2000 وفاة يومياً، فيما تقول المصادر المتابعة لتفشي الوباء أن العدد الحقيقي أضعاف ذلك، وهي أرقام مهولة تشير إلى أن النظام الصحي لم يعد قادراً على تلبية مواجهة الوباء المتحور، خصوصاً مع نقص كبير في الأكسجين، حيث بدأت المستشفيات توجه نداءات لإنقاذ مرضى الحالات التي تستدعى العناية الفائقة، ما اضطر الناس للجوء إلى المحارق الجماعية مع استمرار ارتفاع عدد الضحايا.

 اللافت أن الهند دشنت قبل أيام أضخم حملة تطعيم في العالم، وكان الوباء تحت السيطرة في يناير /كانون الثاني الماضي، لكن الإتساع المفاجئ للوباء قبل أيام قوض الحملة، وأحدث هذه الكارثة القومية جراء السماح بمهرجانات واجتماعات سياسية، والتساهل في تطبيق الإجراءات الصحية، وفرض الكمامات بشكل متقطع في بعض الولايات. ولعل مشاركة الملايين في مهرجان «كومبة ميلا» الهندوسي، والذي بلغ ذروته قبل عشرة أيام بغطس جماعي في نهر الغانج، كان أحد الأسباب المباشرة لتفشي الوباء بهذا الشكل، كما ظهرت سلالات جديدة من الفيروس، بما في ذلك سلالة «متحولة بشكل مزدوج».

 لقد سارعت دول العالم، ومن بينها دولة الإمارات، ومن منطلق المشاركة الإنسانية، إلى إعلان تضامنها مع الشعب الهندي في محنته، وبعضها بدأ سريعاً بمدِّ يد الغوث من خلال إرسال أجهزة تنفس وأجهزة توليد الأكسجين ومواد تطعيم ووقاية للأجهزة الطبية.

 إن ما حصل في الهند، يقدم للعالم درساً في عدم التهاون في مواجهة هذا الوباء الذي يطل علينا يوماً بعد آخر بأشكال وسلالات جديدة أخطر من سابقاتها، ما يفرض المزيد من اليقظة والحذر وعدم الاستخفاف باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات الوقاية في المنزل والشارع وأماكن العمل ومراكز التسوق، فهذا الوباء غير المرئي يمكن أن يتسلل إلينا في أي مكان وأي وقت.

 والأهم أن هذا الوباء الذي ضرب الكرة الأرضية وأودى بحياة أكثر من 3 ملايين شخص، وأصاب 148 مليوناً، وأدخل العالم في حالة شلل، وضرب الاقتصاد والأعمال والعلاقات الاجتماعية، ما يزال قادراً على الفتك، فيما حملات التطعيم العالمية آخذة في التوسع لمواجهته.

 إن كل ذلك يستدعي من جميع دول العالم وخصوصاً الدول الكبرى تجنيب صراعاتها وأي تصعيد، والالتفات إلى مخاطر باتت تشكل تهديداً حقيقياً للبشرية مثل هذا الوباء وغيره من التحديات كالاحتباس الحراري والفقر والجوع، فما نفع الصراع على نفوذ ومصالح إذا سقط العالم أمام هذه المخاطر؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"