خلي بالك من زيزي

01:40 صباحا
قراءة دقيقتين

من عنوانه حسبناه كوميديا رمضان المختلفة، لأنه يجمع نجمين بارعين في الأدوار الجادة والصعبة: أمينة خليل ومحمد ممدوح، فإذا به ينطلق بقوة فينفض عنه غطاء الكوميديا ليقدم الاختلاف الحقيقي في المضمون والقصة الاجتماعية الجديدة فعلياً، والتي لم تطرح بهذا الشكل ولا العمق في أي دراما عربية من قبل. 
«خلي بالك من زيزي» مسلسل ناعم المظهر صلب الجوهر. لا يمكنك أن تسقط منه حلقة ولا تفصيلة. كل ما فيه جديد، يصح فيه قول «يعالج أمراضاً» لأنه بسلاسة يعرض مشاكل نفسية وسلوكية وزوجية عدة، ومشاكل تربوية وعائلية فتنساب أمامنا وكأنها حكايات وقصص مسلية، يعرض المعضلة والعقدة، يتجه تدريجياً نحو الحل بشكل منطقي، فنمشي مع الحكايات ونقع في حب شخصياتها وعمق الطرح والأداء والإخراج.. كل تلك المشاكل حقيقية وواقعية، صاغاها بشكل جيد منى الشيمي ومجدي أمين، بينما الإشراف العام على الكتابة لمريم نعوم، والإخراج لكريم الشناوي. 
الحب وحده لا يكفي، رسالة واضحة في المسلسل، فالحياة بين الأزواج لا تتغذى على الحب فقط، الاضطراب النفسي مرهق، يضعف مناعة هذا الحب فيصبح الزواج مريضاً. ليست البطلة زينب أو زيزي هي الوحيدة التي تعاني اضطراب زواجها، فكل الثنائيات تقدم نماذج مختلفة من المشاكل الأسرية والاجتماعية وهي شديدة الواقعية، لكن أهم ما يميز هذه القصص تلك التي تسلط الضوء على أصعب مشكلة، يعانيها الكثير من العائلات ولا تعلم أن أولادها ليسوا «أشقياء وعفاريت» كما يصفونهم، بل يعانون «اضطراب فرط الحركة»، والذي نادراً ما يتحدث عنه الإعلام والدراما والسينما، ونادراً ما يعرف الناس كيف يتعاملون مع هؤلاء الأطفال. 
زيزي هي مستقبل تيتو، زيزي الزوجة التي وصلت إلى الطلاق بسبب رعونتها وتصرفاتها و«عصبيتها الزائدة» كما يقول أهلها، تتفتح أوراقها شيئاً فشيئاً لنكتشف سبب ما وصلت إليه اليوم، سوء فهم حالتها من أبويها فاقم وضعها، والطفلة تيتو هي بداية الطريق والوجه الطفولي لنفس حالة زيزي. 
كل بيت عانى أو يعاني هذه المشكلة، يجد في المسلسل مرآة تعكس حيرة الأهل في فهم ما يحصل ولماذا وكيفية التصرف وهل الحل بالدواء، أم بالعلاج السلوكي وأثر ذلك في الطفل، ومهم جداً كشف العمل لدور المدرسة وتنمر الطلاب على الطفل الذي يصفونه بالغبي. 
أمينة خليل على طبيعتها، بالكاد تضع الماكياج أحياناً، تؤدي الدور بكل أبعاده الحركية الجسمانية والنفسية، صادقة في انفعالاتها وانكساراتها. علي قاسم جيد في دور الزوج الممزق بين المشاعر تجاه زيزي والحب الذي كان، والفوضى التي لم يعد يحتملها وأدت لهذا الانهيار. محمد ممدوح هادئ ومتزن ويميل إلى الغرور في دور المحامي حتى تأتيه الصراحة الصاعقة من زيزي. 
المسلسل من أفضل ما يُعرض، ممتع وسلس ويحمل قضايا أسرية عدة تلتقي كلها عند حقيقة «الحب وحده لا يكفي».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"