عودة الصناعات تدفع المعادن إلى أعلى مستوياتها

00:06 صباحا
قراءة 3 دقائق

ارتفعت المعادن الصناعية مثل النحاس والألمنيوم وخام الحديد إلى أعلى مستوىً منذ سنوات. ولارتفاعها أهمية بالغة بالنسبة لدوران عجلة الصناعة والاقتصاد حول العالم.

فالنحاس يدخل في كل شيء تقريباً بدءاً من الأسلاك الكهربائية وصولاً إلى المحركات الثقيلة، وبالتالي فهو رائد الاقتصاد العالمي. وقد خرج من نطاقه الأخير للتداول بالقرب من أعلى مستوى منذ آخر دورة فائقة، مع تكثيف العمليات الصناعية في جميع أنحاء العالم.

في غضون ذلك، يواجه خام الحديد والألمنيوم والصلب تكهنات خفض الإنتاج وتقليص الإمدادات مع تزايد الطلب. كما أن ضعف الدولار يجعل السلع المتداولة بالعملة أرخص للشراء.

لكن وراء هذا الارتفاع حقيقة واحدة بسيطة، وهي بدء تعافي بعض الاقتصادات العالمية الكبرى كالولايات المتحدة والصين من الوباء، ما أدى إلى زيادة الطلب على مزيد من السيارات والإلكترونيات والبنية التحتية وغيرها من المنتجات التي تدخل المعادن في صميم صنعها.

كما أن حزمة البنية التحتية التي طرحها الرئيس الأمريكي جو بايدن البالغة 2.25 تريليون دولار، ورهانه على أن التعهدات المناخية الأكثر صرامة ستسرع من انتشار الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والسيارات الكهربائية يزيد من المكاسب، ويوسع المخاوف بشأن نقص توريد المعادن. وقد زادت قمة المناخ الأخيرة التي عقدت عن بُعد بضيافة الولايات المتحدة من حدة تلك المخاوف. 

ومع استمرار نقص المخزونات في دعم الإمداد، قال تاي وونج، رئيس تداول مشتقات المعادن في «بي إم أو كابيتال ماركتس»: «إن وعود بايدن المناخية الجديدة، والتشدق الصيني بالسياسات المحلية الأكثر اخضراراً، تجعل صورة الطلب وردية». 

في الواقع، ارتفعت المعادن الحيوية التي تدخل في العمليات الصناعية هذا الأسبوع، حيث ارتفع النحاس بنسبة 1.6% ليغلق الأسبوع عند 9551 دولاراً وخمسين سنتاً للطن المتري في بورصة لندن، وهو أعلى سعر إغلاق منذ أغسطس/آب من عام 2011. وارتفع كذلك خام الحديد في سنغافورة. في حين وصلت العقود الآجلة للصلب الصيني إلى مستويات عالية جديدة مدعومة بالطلب القوي من المستثمرين. كما وصل حديد التسليح العمراني في شنجهاي إلى أعلى مستوى منذ بدء تداول العقود الآجلة عام 2009. وسط توقعات المصاهر بوصول الأسعار إلى 10 آلاف دولار، حيث تعزز خطط الحد من انبعاثات الكربون الطلب على المعدن الضروري للتحول إلى الطاقة الخضراء.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت طلبات النحاس المخزنة في المستودعات التي تراقبها بورصة لندن للمعادن، مع تخصيص أكثر من 83 ألف طن من المعدن للسحب الآن، وهو أعلى مستوى منذ يوليو/تموز.

إلى ذلك، اقترب إنتاج الصلب الخام من مستوى قياسي في الشهر الماضي، بينما انخفضت مخزونات حديد التسليح للأسبوع السادس على التوالي، ما يشير إلى قوة الطلب وسط موسم البناء. وارتفعت إثر ذلك أسعار الألمنيوم مع ارتفاع العقود الآجلة في لندن بنحو 20% هذا العام، مدعومة بتوقعات المزيد من القيود على المعروض في الصين، أكبر منتج. من جهته يرى ريتشارد آدكرسون، الرئيس التنفيذي لشركة «فريبورت ماكموران» الأمريكية المتخصصة في التعدين أن النظرة المستقبلية للنحاس لم تكن أفضل من الآن في أي وقت مضى. 

ويدعم هذا الرأي ندرة المخزونات، والطلب القوي، وتأهب عدد من المشاريع الجديدة الكبيرة للانطلاق. في حين تتوقع البنوك، بما في ذلك «جولدمان ساكس»، مزيداً من مكاسب المعادن بما في ذلك النحاس، إلا أن هناك مخاوف محتدمة قد تؤدي إلى تعطيل هذا الارتفاع. فقد كان النحاس هادئاً خلال شهر مارس/آذار وأوائل إبريل/نيسان بسبب المخاوف من عودة ظهور فيروس كورونا عالمياً، كما أن المتغيرات الجديدة للفيروس لا تزال تشكل تهديداً لخطط إعادة فتح الاقتصادات. وقد تؤدي إمكانية خفض التحفيز في الصين أيضاً إلى إبطاء ثاني أكبر اقتصاد في العالم وتنسف الطلب على المعادن.

تشير الدلائل في الوقت الحالي إلى تحسن مستوى الاقتصادات، إذ انخفضت طلبات إعانات البطالة في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ منذ بدء الجائحة. والمؤشرات الرئيسية للنشاط الاستهلاكي والصناعي في الصين آخذة في الارتفاع. ووصل معدن البلاديوم إلى أعلى مستوى له هذا الأسبوع لأسباب مماثلة.

بالمقابل، تعهدت السلطات الصينية وصناعة الصلب الأوسع نطاقاً بخفض الإنتاج بعد أن وصل إلى مستويات قياسية العام الماضي. وتواجه مدينة تانجشان، مركز صناعة الصلب في الصين، قيوداً في الإنتاج وضغطاً للحد من الانبعاثات.

وبين ارتفاع الطلب على السيارات، وتشديد ضوابط التلوث، واضطرابات الإنتاج، سيعاني العالم من نقص في معروض المعادن للعام العاشر على التوالي، وفقاً لمجموعة «يو بي إس» العالمية.

«بلومبيرج»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"