حول تأجيل الانتخابات الفلسطينية

00:07 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. فايز رشيد

أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، عن تأجيل الانتخابات التشريعية التي كانت مقرّرة في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، حتى«ضمان» إجرائها في القدس الشرقية، مؤكداً أن إسرائيل لا تزال ترفض السماح للمقدسيّين بالمشاركة الكاملة في هذا الاستحقاق، الأول من نوعه منذ 15 عاماً. وأثار القرار ردود فعل فلسطينية وعربية ودولية متباينة. فلسطينياً، دانت حركة «حماس» قرار التأجيل، وحمّلت القيادة الفلسطينية مسؤولية تأجيل الانتخابات، معتبرة أنه «انقلاب» على مسار الشراكة، وحمّلت حركة فتح ورئاسة السلطة المسؤولية الكاملة عن تداعيات القرار الذي أثار امتعاض وشجب الفصائل الفلسطينية الأخرى التي اعتبرته مخالفاً للاتفاق معها. من ناحية ثانية، خرج مئات الفلسطينيين إلى الشوارع في كلّ من رام الله وغزّة للتنديد بقرار التأجيل، بينما نظم الفلسطينيون في القدس وقفة احتجاجية داعمة لقرار الرئيس، فيما اعتبرت بعض الفصائل قرار التأجيل بمثابة «قنبلة موقوتة» قد تفجّر الأوضاع الداخلية، وتكون له انعكاسات خطيرة على وحدة الشعب، ومستقبل قضيته.

 ووصف الخبير القانوني والمرشح على قائمة «الكل الفلسطيني» الدكتور بسام القواسمي، قرار التأجيل ب«المؤامرة» على الشعب الفلسطيني، معتبراً أن من يسعى للتأجيل إنما يريد الإضرار بشعبنا، وأكد أن التأجيل سيلحق الضرر الكبير بالشرعية والتمثيل الفلسطيني محلياً ودولياً، ويوجه طعنة في خاصرة الشعب وشرعية تمثيله، مضيفاً أن عدم إجراء الانتخابات سيؤدي إلى فراغ سياسي وقانوني، نتيجة عدم وجود سلطات منتخبة، معتبراً أن كل السلطات القائمة إما منتهية، وإما منهارة، وإما غير موجودة. وما إن صدر قرار القيادة الفلسطينية حتى أعلنت لجنة الانتخابات المركزية في بيان لها «إيقاف العملية الانتخابية»، حيث كان من المقرّر نشر الكشف النهائي للقوائم والمرشّحين، بالتزامن مع أول أيام الدعاية الانتخابية للقوائم المترشحة للانتخابات التشريعية. 

 ويواجه الرئيس عباس تحدّيات من قياديين سابقَين من حركة فتح، هما ناصر القدوة، ابن شقيقة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومحمد دحلان. وكلاهما شكّل قائمة لخوض الانتخابات. ويخوض تيار دحلان، أحد أبرز معارضي عباس داخل حركة فتح، الانتخابات تحت شعار «المستقبل»، بينما أطلق القدوة قائمة «الحرية» التي يدعمها أيضاً الزعيم الفلسطيني الأسير مروان البرغوثي.

 ودولياً، اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في بيان أصدره، أن إرجاء الانتخابات الفلسطينية أمر مخيّب جداً للآمال. وجدّد تأكيد دعوة الاتحاد لإسرائيل لتسهيل إجراء الانتخابات في كل الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك في القدس الشرقية. من جهتها، قالت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، في بيان مشترك أصدرته الدول الأربع، إنها «تشعر بمرارة إزاء قرار تأجيل الانتخابات»، وحثت الرئيس عباس على تحديد موعد جديد للانتخابات على وجه السرعة، وفقاً للاتفاقيات السابقة. وأكّد البيان أن الانتخابات هي قارب النجاة للشعب الفلسطيني، والمستفيد الوحيد من تأجيلها هو الاحتلال. 

 ومن جانب السلطة الفلسطينية وحركة فتح، يؤكد الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، أن قرار القيادة تأجيل الانتخابات «يمثل حفاظاً على الثوابت الوطنية، وعلى رأسها القدس»، مشدداً على أن القرار الوطني المستقل هو مفتاح السلام والأمن في المنطقة، وأن المعركة التي قادتها منظمة التحرير منذ قيامها كانت من أجل الحفاظ على الثوابت الوطنية. وأكد أبو ردينة أيضاً، أن القدس هي عاصمة لفلسطين، وأن القضية ليست انتخابات فقط، داعياً كل من لديه ملاحظة على قرار تأجيل الانتخابات إلى فهم اللعبة الأمريكية والإسرائيلية لإقامة كيان هزيل لا يمكن أن يتم السماح به، وأشار إلى أن القيادة الفلسطينية حاولت بكل السبل إجراء الانتخابات في القدس من خلال دول كثيرة، على رأسها الصين، وروسيا والرباعية الدولية، والاتحاد الأوروبي. وأكّد أن الانتخابات ستجرى مباشرة حال حصلت هذه الأطراف على الحق الفلسطيني بإجرائها في القدس.

 من جانبه، قال أمين سر المجلس الوطني الفلسطيني محمد صبيح، إن قرار القيادة تأجيل الانتخابات لعدم سماح الاحتلال بإجرائها في القدس المحتلة «قرار حكيم». وأوضح صبيح أن القرارات الأممية تؤكد: إن القدس الشرقية جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإن الانتخابات يجب أن تشملها، مشيراً إلى أن فصائل فلسطينية كثيرة، «تدعم وتؤيد الرئيس محمود عباس في قراراته، وهو يقود معركة مع الاحتلال».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"