تحاول إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وضع مقاربة جديدة لموقفها من الصراع العربي الإسرائيلي، بعدما حاولت في بداية فترة رئاسة بايدن النأي بنفسها قليلاً، حيث لم تضعها في أولويات اهتمامها.
مع اندلاع المواجهات في مدينة القدس والضفة الغربية على خلفية القرار الإسرائيلي طرد عشرات العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح، وإصرار المستوطنين المتطرفين على انتهاك المسجد الأقصى، ومن ثم اندلاع المواجهات العسكرية المتبادلة مع قطاع غزة واتساع حدتها وعنفها من خلال الاستخدام المفرط للقوة العسكرية بالطائرات والصواريخ، والتدمير الهائل الذي أصاب غزة ووقوع عشرات الضحايا ومئات الجرحى، ومن ثم تحوّل هذه المواجهات إلى خطر فعلي بات يهدد الأمن والسلام في المنطقة، أدركت الولايات المتحدة أن عليها أن تتحرك بسرعة في محاولة للجم التصعيد، والبحث عن وسيلة لوقف آلة القتل والتدمير، والحيلولة دون اتساع المواجهات.
المواقف الأمريكية تشير إلى قراءة جديدة للموقف من هذا الصراع، وقد عبّر عنها وزير الخارجية أنتوني بلينكن بالحديث عن ضرورة «الأمن والسلام المتبادل» بين إسرائيل والفلسطينيين، و«حل الدولتين»، إلا أن الثابت في السياسة الأمريكية هو «أمن إسرائيل»، وحقها في الدفاع عن أمنها ومواطنيها.
لعل مبادرة واشنطن تعيين ممثل لها يكون مسؤولاً عن الشؤون الفلسطينية الإسرائيلية، هو مساعد وزير الخارجية هادي عمرو، الذي باشر تحركه بين تل أبيب ورام الله لوقف العنف المتبادل، وأيضاً الاتصالات المكثفة التي يجريها الرئيس بايدن ووزير خارجيته بلينكن مع القيادات السياسية في المنطقة، تدلّ على أن واشنطن تشعر بالقلق الشديد إزاء ما يجري خشية خروج الموقف عن الضبط، وأن لا بد من وقف العنف بأي ثمن.
تعيين عمرو مؤشر على انعطافة في الموقف الأمريكي، فالرجل هو أساساً ابن المنطقة من مواليد لبنان ويعرف مشاكلها وأزماتها، وخصوصاً ما يتعلق بالصراع وجذوره وأسبابه، وقد كتب كثيراً في هذا الشأن عندما كان يعمل باحثاً في «مركز الأمن الأمريكي الجديد» وفي «معهد بروكينجز». أثارت كتابات المبعوث الجديد عندما كان باحثا حول التسوية في المنطقة اعتراضاً من جانب اليمين الأمريكي والإسرائيلي، وخصوصاً المقالة التي كتبها مع زميله إيلان جولدنبيرج في مجلة «السياسة الدولية» في يناير /كانون الثاني 2020، تحت عنوان «نعرف خطط السلام وهذه ليست منها» التي تناولت «صفقة القرن» التي طرحها الرئيس السابق ترامب، وكذلك كان عمرو كتب في ذات المجلة العام 2017 عن خلفيات الصراع والتحول في الموقف الفلسطيني.
المأمول أن يتمكن المبعوث الامريكي الجديد من وقف آلة الحرب والموت والبدء في جهود سلام حقيقية تحتاجها المنطقة برمتها.