قضايانا والإعلام

00:50 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

لا يستطيع أي كان أن ينكر دور الإعلام، سواء في إبراز قضية ما أو تشويه أخرى في جعلها قضية وطن وقضية مجتمع ودولة، أو قضية دولية عالمية، أو قتلها في المهد وطمس معالمها، في إعطائها البعد الحقيقي لها، أو بث الكذب من حولها، في نشر الحقيقة ناصعة من دون رتوش، وفي نشر التلفيق لتغيير معالم كل الحقائق.
الإعلام ليس مجرد صحف ومجلات وإذاعات وقنوات تلفزيونية وشبكات إخبارية، ليس وكالات أنباء ووسائل تواصل اجتماعي ومواقع إلكترونية، ومقدمي برامج وصحفيين ومراسلين. الإعلام فن السيطرة على الوعي، وسيلة السيطرة على الفكر، السيطرة على العالم، لذا نجد الكثير من دول العالم الكبرى تضع الميزانيات الكبرى لإعلامها، بل تسعى لاستقطاب وشراء ذمم الكثير من وسائل الإعلام للترويج لقضاياها ومواقفها واستقطاب الرأي العام العالمي لما تفعله خصوصاً فيما يمس الدول الأخرى، لذا نلاحظ لجوء تلك الدول إلى البث بلغات عالمية عدة منها العربية، وذلك للتأثير في الوعي المجتمعي أو بث أفكار يراد ترويجها أو التنظير لها، وهذا الفعل بلا شك يدل على وعي وإيمان بقوة وفاعلية الإعلام في التأثير على مواقف الأفراد والمجتمعات، وهنا نتساءل: أين نحن كعرب من ذلك؟ وهل نفتقر الإمكانات الكافية للقيام بمثل هذا الدور الإعلامي للتأثير على الرأي العام تجاه قضايانا العادلة؟ هل هي قلة مال أم قلة إمكانات أم قلة وعي؟.
جريدة «نيويورك تايمز» نشرت تقريراً مفصلاً تحت عنوان «كانوا مجرد أطفال» صور وأسماء الأطفال الفلسطينيين ال 66 الذين قتلوا في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وتفاصيل قصة كل واحد منهم، وفي ذات السياق نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية على صفحاتها ذات الصور تحت عنوان «هذا ثمن الحرب» ما أثار غضب حكومة الكيان المحتل تجاه صحيفة تصدر من بين جنباته.
ما نشر في الصحيفتين طار في الآفاق وتناقلته وكالات الأنباء كافة، وبثت الكثير من الجهات الإعلامية حوله التقارير ونشرته وسائل التواصل الاجتماعي في أرجاء كل المعمورة، فكان ذلك أكثر تأثيراً في العالم ومجتمعاته وكسباً للمواقف المؤيدة للحق العربي الفلسطيني من كلمات الاستنكار والتنديد والاستهجان والأسف التي أطلقت في كثيرة من الأماكن حول ما فعله المحتل في القدس وغزة.
إن ظهور مذيعي التلفزيون الماليزي على الشاشات وهم يخفون عينهم تضامناً مع الصحفي الفلسطيني الذي قتل بطلقة في عينه على يد جيش الاحتلال، وإن مواقف التأييد للحق الفلسطيني للعديد من مشاهير الممثلين والمطربين الغربيين «بسبب وعي كل أولئك لا بسبب إعلامنا العربي الضعيف» مثل الممثلة نتالي بورتمان والمغني والممثل مايكل مالاركي والمغني روجر ووترز والمغنية دواليبا والممثلة فيولا ديفيس، والذي كان أبلغ وأكثر تأثيراً من كل ما نشرته وسائل الإعلام العربية.
كلنا يعي دور الإعلام وقوته الهائلة، فهل تعجز الدول العربية كافة بما تملكه من إمكانيات مالية وفكرية ومعرفية وإعلامية عن تقديم نماذج إعلامية عالمية ناجحة في كافة المناحي الإعلامية تدافع عن قضايانا وتروج لمواقفنا، وبكل لغات العالم وتفعل ما يفعله الغرب ذاته تجاه مجتمعاتنا إعلاميا لكسب الرأي العام وتوظيفه، أم أن الاستعداد للبرامج والمسلسلات الرمضانية أهم وأجدى؟.

عن الكاتب: