شائعات «كورونا» تفكك المجتمعات

00:36 صباحا
قراءة 3 دقائق

سلطان حميد الجسمي

على مدار العصور كانت الشائعات مصدراً رئيسياً لدمار وخراب المجتمعات، وازداد خطر الشائعات في العصر الحديث، عصر التقنيات الحديثة بسبب سرعة تنقلها بين البشر، وأصبح زر الإرسال هو الفاصل بين المتلقي والمرسل، فلا حواجز تمنع هذه الشائعات. ومهما اختلفت طريقة تنقلها في المجتمعات إلا أن دورها الرئيسي هو تفكيك المجتمعات وزرع الخوف بين البشر. وقد أصبح التواصل الاجتماعي سلاحاً ذا حدين، فيمكن أن تستخدمه المنظمات المشبوهة والأفراد الذين ليس لديهم الوعي الكافي لنشر الشائعات والأكاذيب.

   واليوم ومع الأوضاع الراهنة لجائحة كورونا فإن مصدري الشائعات الرئيسيين هم المستفيدون من نشر هذه الشائعات، وهدفهم الرئيسي نشر القلق والذعر بين الناس، ومهما كان منهج الفرد منطقياً وكان حريصاً على عدم تصديق هذه الشائعات إلا أن وسائل التأثير مختلفة اليوم، فالشائعات تنتشر مقرونة بحقائق مزيفة حتى وصلت لدرجة تنقلها عبر المقاطع المصورة، فتكون أقرب للحقيقة لدى المتلقي الذي قد تتحكم به مشاعره وعواطفه ولا يدرك زيفها. وللأسف  نرى اليوم في الواقع وفي مجتمعاتنا حيث مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي تنقل الشائعات بشكل مباشر، بحجة حرية الرأي، تتضمن أموراً مزيفة عن مخاطر جرعة لقاح كورونا من دون وعي أو حتى معرفة للحقائق العلمية عن اللقاح والمتوفرة في موقع وزارة الصحة.

  اللقاحات كانت ملحة ولا تزال ملحة، حيث شهد العالم أكثر من وباء، فكان تلقي اللقاح عاملاً رئيسياً لتعافي البشرية والمجتمعات. فالشائعات لها أهداف عدة غير تفكيك المجتمعات ونشر القلق والذعر بين الناس، فقد تحمل أيضاً دوافع سياسية واقتصادية وغيرها.  فالشائعات  تتسبب في تباطؤ كبير في النمو وعودة الاقتصاد العالمي إلى طبيعته، بل خسر العالم مليارات من الدولارات كما هو حال الدول التي تعجز اليوم عن توفير الحاجيات الرئيسية لمواطنيها، ويرجع ذلك إلى عدم الثقة بين الحكومات والشعوب بسبب الشائعات المنتشرة في بلدانهم والأخبار الكاذبة وتخويف الأفراد من أخذ اللقاح.إذ إن ناشري الشائعات هم أعداء للمجتمعات، وإن خطر نشر الشائعات أكبر بكثير من خطر فيروس كورونا.

  مما لا شك فيه أن العالم اليوم يعاني وباء كورونا المستجد والتحورات الأخرى له، والذي خلف أكثر من 178 مليون إصابة، وأكثر من 3.8 مليون ضحية جراء الفيروس، وإن اللقاح أصبح ضرورياً للمحافظة على حياة البشرية في المرتبة الأولى ولعودة الحياة الطبيعية والتعافي التام في المرتبة الثانية، ودولة الإمارات انتهجت نهجاً راسخاً في مسيرة التعافي، وتمضي بخطوات ناجحة لعودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل كورونا، وسط تعاون من جميع الجهات المختصة في الدولة والتي وقفت صامدة أمام الفيروس منذ بداية تفشي الوباء، يداً بيد مع أفراد المجتمع، وساهمت في إنجاح مسيرة التعافي سواء بتقديم المساعدات الصحية أو عبر التوعية والإرشاد والمساعدات الأخرى. ومن جهة أخرى نجد أن الشائعات التي يتم تداولها بين بعض الأفراد بشكل يومي تمثل تحدياً أمام المجتمعات في معركتها ضد هذا الوباء.

  إن الأفراد اليوم تحت حكم القانون محاسبون على نشر وتداول الشائعات، ووفقاً لقانون العقوبات الاتحادي رقم 198 لدولة الإمارات؛ فإن نشر الشائعات الكاذبة تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنة، أي أن القانون يجرّم حتى نشر وتداول الرسائل النصية في وسائل التواصل الاجتماعي سواء بين عائلتك أو أصدقائك والتي تتضمن شائعات تحرض على عدم أخذ اللقاح وتروج للمعلومات المغلوطة والأكاذيب التي تضر بسلامة المجتمع. والجهات الحكومية في دولة الإمارات تبذل جهوداً جبارة لمحاربة ومكافحة وتتبع الشائعات بتقنيات وتكنولوجيا دقيقة، وبفضل جهودهم ووعي المجتمع يبقى مجتمع دولة الإمارات أكثر أماناً واستقراراً ومكافحة للشائعات والأخبار الكاذبة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"