مشاريع سياسية مدمرة

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

في التطورات التي شهدتها بلدان عربية عدة، تبين أن صناع الحروب انتهجوا نهجاً مدمراً لأوطانهم وشعوبهم باتباع خيار التدمير الشامل، عبر المتاجرة بآلام البسطاء. تبدو هذه القضية ماثلة أمامنا في سوريا التي أخذت مداها من الدمار في النفوس والبنية التحتية، والحال نفسه في اليمن، حيث لا زال الحل بعيداً عن التحقق، على الرغم من الجهود الكبيرة التي تُبذل، سواء من قبل الأمم المتحدة كغطاء دولي، أو من قبل دول ذات ثقل وتأثير عالمي كبير، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.
من المؤسف أن بعضاً من أمراء الحروب في البلدان التي شهدت ما يسمى «الربيع العربي» لم يتعظ بما حدث في العراق وسوريا وليبيا، فواصلوا عملية التدمير والتخريب ولا زالوا غير مستعدين للتنازل لبعضهم بعضاً لإعادة الاستقرار إلى بلدانهم، كما هو حاصل اليوم في اليمن، فيما القلوب معلقة في تونس خشية أن تنزلق إلى ما انزلقت إليه بعض الدول، مع اختلاف الظروف وأبطال الأزمة فيها.
الأحداث أثبتت أن الحوار والجنوح إلى السلم يعد أفضل الخيارات لكثير من القوى السياسية في بلدان «الربيع العربي»، بدءاً من تونس وليبيا، مروراً باليمن، وإن تفاوت حجم الأزمات والكوارث من بلد لآخر، ومدى قدرة كل بلد على تجاوز ما حدث من دمار، غير أن الثابت في المشهد أن المستفيد من الحروب التي لا تزال مستمرة في بعض البلدان هي الأطراف الداخلية التي تحولت إلى أمراء حروب يستميتون في إبقاء خيارات الحرب مفتوحة؛ لأن العديد منهم أثروا ثراء فاحشاً جراء صفقات السلاح التي يتم الحصول عليها من جهات وأطراف عدة لا تريد الاستقرار والسلام للبلاد العربية.
وقد اكتشف المواطن العربي أن السلام في ظل وجود أمراء الحروب والخراب لن يكون ممكناً، ولهذا يعمد كثيرون إلى البحث عن خيارات السلام بعيداً عن هؤلاء الذين أحالوا البلاد العربية إلى أطلال، ودمروا الإمكانات الضعيفة أصلاً في بعض الدول وأوصلوا الغنية منها إلى الحضيض، حتى إنها لم تعد قادرة على الإنفاق على مواطنيها.
وعلى الرغم من الانفراج الكبير في ليبيا، بانتظار مخاض الميلاد الحقيقي لاستعادة الدولة المفقودة منذ 11 عاماً، بإجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل، فإن الحل في اليمن لا يزال يراوح مكانه، ولم يدفع أطراف الأزمة إلى الاقتناع بضرورة ترك التطرف في المواقف، والبحث بدلاً من ذلك عن حل سياسي جاد بعد أن أفشل أمراء الحروب الحلول السياسية التي كانت قد بدأت بها قبل مدة، الأمم المتحدة في جنيف والكويت والسويد.
الحلول السلمية قد تنجح في حالة تيقن المتحاربون ألا حل لأزمات بلدانهم إلا بالحوار السياسي، وإذا ما نجح نموذج الحل في ليبيا، فإن سوريا واليمن قد تكونان على موعد مع حلول مشابهة، مع تغير في أشكالها هنا وهناك، لكنها في نهاية الأمر قد تنجح في وقف هذا الخراب والدمار الذي يلف المنطقة منذ عدة سنوات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"