عادي

هل تختزن الخفافيش أسرار مكافحة الشيخوخة؟

19:31 مساء
قراءة 3 دقائق
Video Url

فرنسا- أ.ف.ب

ليست الخفافيش من الحيوانات المستحبة، لكنها تعرف كيف تتجنب شر آثار الشيخوخة وتحتضن فيروسات من قبيل «إيبولا» أو «كورونا» من دون أن تصاب بالمرض. كل سنة تأخذ إيما تيلينغ الباحثة المتخصصة في علم الوراثة في جامعة «يونيفرستي كولدج» في دبلن (يو سي دي) وفريقها عينات من دماء خفافيش في كنائس أو مدارس في غربي فرنسا وخزعات من أجنحتها، على أمل أن تفيد بأبحاثها البشر عن أسرار العمر المديد لهذه الثدييات الطائرة.

وتقول العالمة بحماسة: «تتيح لنا هذه التجارب وضع تصورات تساعدنا على العيش لمدة أطول بصحة جيدة ومكافحة الأمراض بشكل أفضل».

ويعد طول عمر الخفاشيات لافتاً بالنسبة إلى ثدييات صغيرة بهذا الحجم.

ففي الطبيعة، غالباً ما يمكن التنبؤ بالأجل المتوقع لحيوان ما بالاستناد إلى حجمه. فالأنواع الصغيرة تنمو بسرعة وتنفق باكراً، مثل الفئران، في حين أن تلك الكبيرة تنمو ببطء وتعيش لمدة أطول، مثل الحيتان المقوسة الرؤوس، وفق ما توضح تيلينغ، غير أن الوطاويط فريدة من نوعها، فهي من الثدييات الأصغر حجماً، لكن في وسعها العيش لفترات مذهلة، بحسب الباحثة.

فالخفاش الفأري الكبير الذي لا يتخطى حجمه ثمانية سنتيمترات قد يعيش عشر سنوات أو حتى 20 سنة. وفي عام 2005، أمسك باحثون في سيبيريا بخفاش فأري من نوع براندت كان قد تم وسمه قبل 41 سنة، أي أنه عاش لمدة أطول بعشر مرات مما هو متوقع لحجمه.

وتقر إيما تيلينغ: «يبدو أن الخفافيش تعتمد آليات تبطئ من وتيرة الشيخوخة لدرجة أن من شبه المستحيل معرفة سن الحيوان عندما يصبح بالغاً».

وبغية قطع الشكّ باليقين، يستند فريق دبلن إلى برنامج منظمة «بروتانيي فيفانت» غير الحكومية التي تزود خفافيش فأرية كبيرة صغيرة السن بمراسيل مستجيبة. وتتيح هذه الشرائح معرفة سن كل حيوان يعاد الإمساك به على مر السنوات بغية العمل لاحقاً على تحليل «المؤشرات البيولوجية» المختلفة للشيخوخة في عينات الدم المأخوذة من هذه الثدييات.

ومن هذه المؤشرات، التيلوميرات وهي أجزاء صغيرة من الحمض النووي على طرف الكروموسوم تتقلص مع تكاثر الخلية. لكن الحال ليست كذلك بالنسبة إلى الخفافيش الفأرية الكبيرة.

«كل شيء ينفق»

وتقول إيما تيلينغ: إن «تيلوميرات هذه الخفافيش لا تتقلص مع التقدم في السن، ما يعني أن في وسعها حماية الحمض النووي الخاص بها. ومع الوقت، تعزز أيضاً قدراتها على ترميم حمضها النووي».

ومن محاور البحث الأخرى المثيرة للاهتمام، أن هذه الثدييات تحمل فيروسات عدة من دون أن تصاب بالمرض، وهي قادرة على تكييف استجابتها المناعية.

وكشف وباء «كوفيد- 19»، عن أن هبة التهابية مفرطة تؤدي دوراً رئيسياً في بروز الحالات الخطِرة من «كوفيد- 19» عند البشر مردها إلى «فورة من السيتوكين» يشهدها المرضى بعد أيام من ظهور الأعراض الأولية.

أما الوطاويط، فهي تعرف كيف توازن بين الاستجابة المضادة للفيروسات وتلك الكابحة للالتهابات. وإذا ما نُقل إنسان يتمتع بنظام الوطواط الأيضي إلى المستشفى، فلن تتطلب حالته بتاتاً جهازاً للتنفس، بحسب الباحثة.

وتسعى إيما تيلينغ، التي تشرف على مشروع تحديد مجين 1400 نوع من الخفافيش، بالتعاون مع باحثين آخرين في العالم، إلى تطوير أدوات تتيح للبشر الانتفاع من مزايا الخفاشيات.

ولا تقضي الفكرة بالتلاعب بجينات البشر أو التوصل إلى إنسان وطواط؛ بل في إيجاد سبل تتيح لنا التحكم بتفاعل جيناتنا للحصول على النتائج عينها، بحسب ما تقول الباحثة التي تأمل التوصل إلى تطبيقات طبية في غضون عشر سنوات أو أقل.

وليست المسألة أيضاً بلوغ الخلود، فكل شيء ينفق في نهاية المطاف، على قول تيلينغ. وهي تشدد على أن ما يميّز الخفافيش ليس الشباب الأزلي؛ بل قدرتها على العيش لفترة أطول بصحة جيدة، بلا سرطانات أو أمراض مرتبطة بالشيخوخة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"