رأس بصل في كل مطبخ

00:39 صباحا
قراءة دقيقتين

عنوان مقالة اليوم هو مثل شعبي إماراتي متداول، ويقال عن الأشخاص الذين تراهم في كل مكان وموقع وعمل ومهنة..، يفتون في كل شيء، ويفقهون في كل علم.
وواقع الحال الذي نعيشه بشكل عام، يؤكد هذا المثل، فنحن نرى الكثيرين يتحدثون مثلاً عن البورصة، وبعد ذلك بعدة أيام نراهم في موقع العارفين بعلم الفضاء، ثم لا يتورعون عن الحديث في الدين والفتوى، ولا يعوقهم أي عائق عن الحديث في الفن وتفرعاته من موسيقى ورسم وغناء وغيرها من التفاصيل، ولا يجدون حرجاً في الحديث عن الأدب والثقافة سواء الشعر أو القصة أو الرواية أو البحث العلمي، ويجيدونها كلها كتابةً وقولاً، ولا تنقصهم الحيلة في خوض غمار التكنولوجيا والميكانيكا والفلسفة، أما السياسة فهم الذين يعرفون بواطن الأمور فيها، والخفي في الكواليس من أسرار الدول العظمى، أما إن كان الموضوع فيما يخص الحياة اليومية، فهم أعلم العارفين بفن الطبخ بأنواعه سواء الأكلات الشعبية في الإمارات أو دول الخليج، وتمتد معرفتهم للأكلات العربية والإسلامية وكل قارات كوكب الأرض، وما تحويه المجموعة الشمسية، ليس فقط كمعرفة؛ بل هم خبراء في كيفية طبخ تلك الأكلات بأنواعها، إضافة إلى مشروبات تلك الدول ومقبلاتها، وما تشمله مائدة الحلويات أيضاً، يفقهون في الزراعة وفنونها من قبل الزراعة حتى جني المحصول، مع المعرفة التامة بفن التسميد والتقليم أيضاً، ولا يردعهم أي رادع ولا يمنعهم أي مانع، وخصوصاً أنهم عرفوا فنون لعبة «السوشيال ميديا»، وأصبحوا «فاشنستات» لا يشق لهم غبار، ولا تنطفئ لهم نار؛ إذ إن متابعيهم بآلاف الآلاف؛ بل بالملايين، وتجري خلفهم الكثير من الشركات والجهات، لتسويق منتجاتها.
ولو بحثنا حول ما يعرفه أولئك «البصليون»، لوجدنا أنهم قد يفقهون في بعض الأشياء، لكن اللعبة أعجبتهم ليس فقط لمردودها المادي؛ بل ولمردودها الشخصي في إبراز الذات المتضخمة بالأنا، حتى ولو عن طريق ادعاء المعرفة.
إنهم نجوم هذا الزمن، وأحد شواهد هذا العصر، صنعناهم بأيدينا، صنعهم زمن الغفلة، وركوب الموجة، وعدم وجود الإعلام المحترف الذي يكشف، أو النقد البنّاء الذي يوجه ويوعي ويصلح الخلل، غياب فن صناعة الخبر، والحرفية في العمل، والتخصص المعرفي أو العلمي.
«رأس بصل في كل مطبخ»، أرجو من القرّاء الكرام البحث عنهم، كم من رأس بصل يرون وتنطبق عليهم مواصفات ما ذُكر أعلاه؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"