تونس جديدة

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

هناك ملامح تتشكل لقيام تونس جديدة، غير تلك التي ألفناها منذ «ثورة الياسمين» عام 2011 التي ركب «الإخوان» موجتها، وتسلطوا من خلال «حركة النهضة» وزعيمها راشد الغنوشي على البلاد والعباد وأغرقوها بالفساد السياسي والفوضى والأزمات المعيشية والاقتصادية والمالية، وأحكموا سلطتهم على مفاصل الدولة، وكادوا يذهبون بتونس إلى المجهول.

لقد كانت خطوة الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو/ تموز الماضي بحل الحكومة وتجميد عمل البرلمان «ضربة معلم»، وجاءت في التوقيت الصحيح، لأنها أنقذت تونس من براثن «الإخوان» ووضعتها على طريق الخلاص، وجعلت من الإنقاذ أمراً ممكناً ومتاحاً.

قامت قيامة الغنوشي لهذا التحول، وحاول بمختلف الوسائل قطع الطريق على إصلاح ما اقترف من تخريب وتدمير لمقومات تونس وشعبها، ولكنه فشل، وارتدّت محاولاته عليه بإعلان أكثر من 130 قيادياً من حركته الانسحاب ونفض اليد من زعامته، بحيث بات معزولاً يبحث عن مغيث، ثم دعا لاستئناف عمل البرلمان، فاعتبرت هذه الدعوة بمنزلة مسعى منه، لتحدي قرارات الرئيس سعيّد بتجميد عمل البرلمان و«محاولة لجر البلاد إلى حالة من الفوضى»، فاندفعت الجماهير إلى مقر البرلمان مساء الجمعة تطالب بعدم السماح لمن تبقى من نواب «الإخوان» بالعودة إلى المجلس، ووضع حد لمحاولة ضرب الاستقرار.

من الواضح أن الرئيس التونسي لم يعد مقيداً بما فرضته «النهضة» من سطوة سياسية، وبات طليق اليدين في اتخاذ ما يلزم من قرارات، لإنقاذ تونس في المرحلة الانتقالية الحالية، وفق النصوص الدستورية. وكان قرار تكليف السيدة نجلاء بودن رمضان، بتشكيل الحكومة الجديدة، لأول مرة تتولى فيها سيدة هذا المنصب، «تشريف لتونس وللمرأة التونسية»، كما أكد سعيّد «يقينه بنجاحها في المهمة التي قبلت بها»، وقال: لقد «تم اختيار طريق آخر لصناعة تاريخ جديد لتونس والتونسيين».

لقد بدأت رئيسة الحكومة المكلفة مشاوراتها لاستكمال عملية التشكيل، وتعهدت بأن تكون «حكومتها متجانسة لمواجهة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، ومحاربة الفساد، والاستجابة لمطالب التونسيين المتعلقة بحقوقهم الطبيعية في النقل والتعلم والصحة والعمل».

من الواضح، أن الحكومة الجديدة لن تكون على غرار الحكومات السابقة الفاشلة التي لم تتمكن من تلبية الحد الأدنى من الاستحقاقات الشعبية، إذ تشير معظم التوقعات إلى أن نصف أعضاء الحكومة أو أكثر سوف يكون من السيدات، في استمرار لعملية التحول التي يقودها الرئيس سعيّد، كما سيكون معيار المشاركة فيها الكفاءة ونظافة اليد والقدرة على العمل والإنجاز، وعدم الخضوع للتدخلات والابتزاز السياسي أو المساومة، والإصرار على مقاومة الفساد وبدء محاسبة عاجلة للفاسدين.

لقد تعهد الرئيس سعيّد بإجراء حوار وطني شامل بعد تشكيل الحكومة، لإيجاد حل للأزمة السياسية، وذلك تلبية لمطالب بعض الأحزاب الوطنية والاتحاد الوطني للشغل، كما أكد العزم على تشكيل لجنة لتعديل الدستور، يجعل من تونس دولة عصرية.

تونس تتجدد، وتسلك الطريق الصحيح خارج ما كان مألوفاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"