المناخ قضية الإمارات

00:16 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

مع ثبوت علامات الخروج الآمن من جائحة «كورونا»، بدأ العالم بالالتفات إلى قضايا مصيرية بعيدة الأمد تتعلق بتأمين حياة أفضل للأجيال اللاحقة، ومواجهة سلسلة من التحديات والاستحقاقات، يبدو أن أزمة التغيّر المناخي تتصدّرها جميعاً، وباتت معالجتها وتفكيك أسبابها شرطاً ملزماً لحماية الكوكب الأخضر من تداعيات كثيرة تهدد مستقبل الحياة بين أكنافه.

والإمارات، باعتبارها جزءاً من هذا العالم، تحمل هذا الهمّ الإنساني، وتقوم بدور فاعل في المؤتمرات والمبادرات المنادية بالتضامن الدولي إزاء ظاهرة الاحتباس الحراري وتداعياتها، متخذة من هذا التحدي قضية وطنية وإنسانية. فلا تفوّت منبراً إلا ويكون لها صوت في هذا الشأن، ولا تأتي مناسبة إلا وتضيف إليها خطة أو رأياً، حتى جاء اليوم الذي أعلن فيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عن مبادرة استراتيجية ترمي إلى تحقيق الحياد المناخي بحدود عام 2050، وأكد سموه «إن نموذجنا التنموي سيراعي هذا الهدف، وجميع المؤسسات ستعمل كفريق واحد لتحقيقه، ودولة الإمارات ستستثمر أكثر من 600 مليار درهم في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى 2050، وستقوم بدورها العالمي في مكافحة التغير المناخي».

وهذا الهدف النبيل شدّد عليه أيضاً صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي أشار إلى أننا «نهدف من خلال تحقيق الحياد المناخي في الإمارات بحلول عام 2050، إلى تطوير نهج حكومي شامل يضمن النمو الاقتصادي المستدام في الدولة، ويقدم نموذجاً يحتذى للعمل والتعاون لضمان مستقبل أفضل للبشرية». ولا شك في أن هذا المسعى الحميد ينسجم مع توجهات الدولة المستقبلية، ويتوّج جهودها الدؤوبة في العقود الماضية، وتبنّيها مجموعة كبيرة من التشريعات والمبادئ العامة منذ انضمامها لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيّر المناخ في 1995، والتزامها بأهداف اتفاق باريس المعلن عام 2015. وطيلة هذه السنوات، قدمت الدولة جملة من الحلول المستدامة، وطبّقت العديد من الإجراءات الهادفة إلى خفض انبعاث غازات الدفيئة والحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض.

وبهذه المبادرة تسجل الإمارات حضوراً نوعيا ومتميزاً يجعلها في صدارة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هذا المضمار، وهي أهل لهذا الشرف، والدور، والريادة، لأن مجابهة أزمة المناخ مسؤولية راهنة تفرض على جميع الدول والمنظمات أن تنخرط في هذا الجهد، بما يخفف على البشرية وطأة أزمات متعددة الوجوه، ويجنّب أجيالها المقبلة ندرة الماء والغذاء، ويقيها من الحروب والصراعات. فظاهرة الاحتباس الحراري ليست قضية مناخية تتصل بذوبان الجليد وارتفاع منسوب المحيطات والبحار، ونشأة ظواهر الفيضانات والتصحر واندثار بعض الكائنات، فحسب، بل هي في الأساس قضية سياسية وفكرية وأخلاقية، تتطلب جهوداً دؤوبة تتكامل بتضامن جميع الفاعلين. وإنقاذ الأرض من مصير مجهول، يجب أن يكون التزاماً مقدساً لا تهاون أو تردد فيه، فقد أهدر المجتمع الدولي الكثير من مقدرات الأرض، وآن أوان استعادة الأمل، والطمأنينة، وأمن الحياة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"