«إكسبو» مدينة الذكاء الاصطناعي

00:06 صباحا
الصورة
صحيفة الخليج

محمد خليفة

لا تنفك دولة الإمارات تقدم إنجازاتها، إنجازاً وراء إنجاز، ولا تزال مواسم الخير فيها تأتي كل يوم بجديد، وكل ذلك بفضل وجود قيادة حكيمة تتخذ القرارات، وتتابع كل مراحل التنفيذ. ولذلك تحقق دولة الإمارات بشكل دائم، مواقع الريادة في التقارير الدولية التي تتناول التنمية والتطور في مختلف دول العالم.

ويعد معرض «إكسبو 2020» إحدى أهم المحطات الحضارية في تاريخ الإمارات، فالدولة التي كان يُعقد على أرضها في الزمن الغابر «سوق دبا»، الذي كان يمثل ملتقى للحضارات بين الشرق والغرب، تحتفل اليوم بعرسها في مدينة إكسبو التي أنشئت خصيصاً لاستقبال الضيوف الكرام من قادة دول وعارضين ومشاركين ومتابعين، وبعثات دبلوماسية وسياسية ومفوضيات دولية مختلفة. وقد أقيم هذا المعرض في دول عديدة على امتداد أكثر من قرن على تأسيسه، لكنه كان دوماً يقام وينتهي ولا يترك أي أثر سوى الذكرى. لكن «إكسبو» دبي هو حدث مختلف تماماً، إنه بداية لعصر جديد في الإمارات، فمع افتتاح أبواب المعرض، فتحت دنيا جديدة، وليس ذلك مجرد كلام، ذلك أن ما تم تشييده خلال السنوات الماضية في موقع المعرض جعل منه مدينة عالمية للذكاء الاصطناعي.

وقد اهتمت القيادة الرشيدة، خلال السنوات الماضية، بالعلوم البيوتقنية، وجعلها محركاً أساسياً للاقتصاد الإماراتي، لأنها تعطي قيماً مضافة كبيرة لا يوفرها أي عنصر من عناصر الإنتاج المختلفة الأخرى، ومن أجل ذلك تم تأمين مصادر دائمة للطاقة سواء أكانت مصادر قديمة أم جديدة ومتجددة، وتمت إقامة بنية تحتية تكنولوجية، وفرت تقنيات الاتصال في مختلف مناطق الدولة، وتمت تهيئة الأرضية المناسبة للعقول وللشركات الراغبة في الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال إصدار مجموعة من التشريعات والنظم التوجيهية التي كرست فكرة اقتصاد المعرفة.

وقد بدأت تلك السياسة الحكيمة تؤتي ثمارها، ويمثل موقع إكسبو واحداً من أهم التجليات لها، فهذا الموقع سيتحول، بعد ختام الحدث الدولي في 31 مارس/آذار 2022، ليصبح «دستركت 2020» المدينة الذكية المتعددة الأغراض، وذلك بفضل التقنيات المتطورة المستخدمة في بنائها. وسوف تضم مساحات سكنية تمتد على 65 ألف متر مربع، إلى جانب 135 ألف متر مربع من المساحات التجارية، وذلك ضمن موقع يحتضن طائفة متنوعة من أرقى مرافق الابتكار والمرافق التعليمية والثقافية والترفيهية. ومن المتوقع، كذلك، أن تجذب هذه المدينة كبرى الشركات للعمل فيها، وقد أبدت شركتا «سيمنس» و«موانئ دبي العالمية» التزامهما بأن يكون لكل منهما مقر دائم داخلها.

إن التطور هو سمة للمجتمعات البشرية الحيّة، لكن لا بد من توفر الأساس الذي يقوم عليه هذا التطور، فقد ظلت حضارات قارة أمريكا متوقفة عند مرحلة الصيد والتقاط الثمار، وهي لم تعرف استخدام العجلات أبداً، رغم أنها عرفت الخيول كوسيلة للنقل، كما أن حضارات العالم القديم فظلت متوقفة عند حاجز الأساليب البسيطة في العمل والإنتاج، حتى تم تثوير الآلة في أواخر القرن الثامن عشر، ما أدى إلى إيجاد عصر جديد مختلف عما سبق من العصور منذ آلاف السنين، لقد كانت المعرفة ستراً لعري الإنسان وجهله، وأصبحت، اليوم، وسيلة للرقي به وتحقيق طموحه في بناء الرفاه المستدام.

ورغم ذلك فإن خلق الفرص الجديدة يمثل التحدي الأبرز أمام مختلف الحكومات، وقد أثبتت القيادة الحكيمة في دولة الإمارات أنها قادرة على خلق الفرص الجديدة، من خلال مراكمة الإنجازات والبناء على ما تحقق في الماضي، وفق منظومة قيمية واجتماعية تلحظ كل ما هو جديد من مفرزات العلم والتكنولوجيا، وبما يؤدي إلى استمرار النمو واستمرار التقدم والنجاح. وليس هناك أصدق من مؤشرات التنمية التي تصدر عن جهات دولية مستقلة، والتي تؤكد في مختلف التقارير التي تنشرها عن دول العالم، أن دولة الإمارات تأتي في مقدمة الدول في مختلف المجالات. وهذا يدل على أن مسار التنمية في الإمارات الذي ابتدأ مع القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» حقق غايته المنشودة اليوم، وهو يستمر في العطاء في قادم الأيام والسنين.

medkhalifaaa@gmail.com

عن الكاتب:
إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.